الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

مفكر المواجهة.. "القمني" من معركة "حزب الهاشميين" إلى تشخيص "انتكاسة المسلمين"

د. سيد القمني، المفكر
د. سيد القمني، المفكر والباحث
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أسهم المفكر الدكتور سيد القمني في طرح قراءة جديدة للتاريخ العربي والإسلامي، والاشتباك مع التراث بجرأة شديدة، ما خلق له الكثير من المتاعب والهجوم من قبل الجماعات الإسلامية المتطرفة، خاصة وأنه نقض جذور الأفكار التي يستندون إليها في بلورة مفهوم "استعادة الخلافة الضائعة"، كما وصف مشاريعهم بـ"الخديعة وغش المسلمين".

القمني، الذي رحل عن عالمنا اليوم الأحد، تعرض لهجوم واسع من قبل المتطرفين، وأقل ما كان يتعرض له ما حكاه في مقابلة تليفزيونية أنهم عرقلوا الدراجة التي كانت تستقلها ابنته فوقعت على الفور وتسبب ذلك لها في جروح. وصولا إلى اتهامه بـ"الكفر والإلحاد" وتوعد البعض له بـ"القتل".

وابتدأ "القمني" صراعاته الفكرية في العام 1996 مع كتابه "الحزب الهاشمي" الذي حاول من خلاله جمع العديد من الروايات الغائبة لوضع تصور وفهم جديد بشأن حقيقة الصراع السياسي الذي أعقب انتقال النبي الكريم إلى الرفيق الأعلى.

الاستبداد باسم السماء

انتقد "القمني" جموع المسلمين الذين يسهل الاحتيال عليهم باسم الدين من قبل جماعات الإسلام السياسي، ويظهر هذا جليًا عندما تلمس رغبة المسلم في استفتاء المشايخ قبل أي تصرف أو قول، وهو ما يشير إلى عملية سماها  بـ"تسليم العقول"، الذي تحصل عليه الجماعات بعد ترسيخهم لما أسماه بـ"رهاب الإله" وهي أداة مستخدمة من قبل الإسلاميين في الضغط على المسلمين، ليستمر الخوف من الله أمام تصور العقوبات المرعبة المتعلقة مثل "الشي في النار، أو القلي في الزيت، أو التمزيق بأشواك من حديد".

وسخر المفكر الراحل مما شاع باسم "الصحوة الإسلامية" حيث وصفها بـ"الفوضى"، مشيرًا إلى عداء أصحابها إلى السلطة والمشايخ الرسميين في الدولة بل وللمواطنين والمجتمع كله.

ولفت "القمني" إلى أن "الصحوة الإسلامية" لم تكتف بالعداء المجرد، بل قتلونا، وحاكمونا، وكفَّرونا، وهددونا، ومزَّقوا الوطن، ودمَّروا السياحة بوحشيةٍ فضحتنا أمام العالم. وقد فعلوا ما فعلوا بدورهم بادعاء الرسوخ في العلم ومعرفتهم وحدَهم بالمعاني الصحيحة للوحي الإسلامي.

انتكاسة المسلمين وعودة "الصحوة الإرهابية"

ترسخ لدى "القمني" أن ما روجت له الجماعات المتطرفة في فترة سابقة على أنه "صحوة إسلامية" لا يعد أكثر من خديعة، واجترار لفوضى سياسية، والمسمى الصادق هو "الصحوة الإرهابية"، ونتيجة أفعالهم جلبت العداء العالمي للمسلمين، ووصمتهم بالإرهاب.

وشرح "القمني" في كتابه "انتكاسة المسلمين" سمات فريق الإسلاميين الذي نادى بالإصلاح وبضرورة الخروج من الواقع الآسن، لكنه إصلاح يأتي عن طريق طلب النصرة من السماء، والعودة إلى الدين حسب الأصول، وأن الله سيتدخل لإنقاذ أمته عندما يجدها مؤهلة لاستجلاب رحمته.

يقول "القمني": يغلب على هذا الفريق روح التنظيم لتعوُّدهم الطاعة المطلقة، فيشكلون جماعات شديدة التنظيم والانضباط والاستجابة الحركية السريعة، تبدو بينها على السطح خلافات في الدرجة لكنها غير نوعية؛ فهي تتوافق جميعًا على الأهداف وإن اختلفت الأساليب.

ويصف المفكر الراحل هذه الجماعات بكونها تميل للجعجعة والشعارات، كأنهم يعلنون الحرب على  حيث نجحت في انحراف المسلمين عن ميزة الإسلام الذي يرى أن المقدس الوحيد والمطلق هو الإله الواحد، لتضع الجماعات بجواره رموزهم ليصبحوا أكثر قداسة، وتخويفا للناس للسيطرة على عقولهم واستغلالهم.

أيضا يصفهم بأنهم يعززون الطائفية، ويقول ساخرا: يتظاهرون بأشد ضراوة ضد كنيسة وطنية في الحارة المجاورة لأنها تجرأت على ترميم دورة مياه فيها دون إذن المسلمين.

وعن دورهم في الانحراف بالمؤسسات التعليمية، يضيف: اشتبكت الأدوار في بلادنا بعد الصحوة العنترية بين المسجد والمدرسة والجامعة، ولم تعد مهمة المدرسة تعليم العلم الإنساني بل تعليم الإيمان، تتدارس فضيلة النقاب مقارنة بفضيلة الحجاب، وتتباحث في شئون الفرج والطهارة والطمث والمواريث.

وعن تجنيد الشباب وتحويلهم بدلا من كونهم أمل الوطن ليصبحوا معول الهدم له، قائلا: طفحت الصحوة لا بارك الله فيها، طفحت في شوارعنا شبابا كانوا حلم الوطن وأمله المرتجى، فهم كل ما كان يملك، فلا بترول لدينا ولا معادن نفيسة ولا حتى سياحة بالمعنى السليم لعلم اقتصاد السياحة، كل ما لدينا كان ثروة مصر من شبابها".