من لم يذهب لـ "معرض الكتاب" هذا العالم خسر كثيرًا، فاته الكثير والكثير، ف "معرض الكتاب" هذا العام مختلف اختلافًا جذريًا عن الأعوام السابقة، حجم التطور الذى لحق به غير متوقع، تغييرات عِدة فى الشكل والمضمون، المشاركات متميزة من جهات ومؤسسات وهيئات ووزارات، أجنحة لسفارات وهيئات دولية فى غاية التميز، مواطنون جاءوا من كل حدب وصوب إما لشراء الكتب أو المشاركة فى الندوات الثقافية والإقتصادية والسياسية أو الاستمتاع بالفعاليات الشعرية والأدبية والفنية، أعمار سِنية مختلفة حضرت وامتلات بها القاعات والأجنحة وكان الشباب هُم مفاجأة المعرض وكانت لهم أغلبية الحضور وتحديدًا شباب الجامعات
شخصيًا ظللُت مُتلهِفًا لزيارة المعرض بإستمرار طوال السنوات الماضية، لم أغِب عن المعرض منذ ما يقرب من ١٦ عامًا، لكن هذا العام وجدت نفسي كأننى أزر المعرض للمرة الأولى، فقد شاهدت جناح جديد لهيئة الرقابة الإدارية لفت نظر الزائرين وأُعجبوا بما يحتويه وما يعرضه من ندوات ساهمت فى زيادة وعيهم ومعرفة الدور الحيوى الذى تقوم به الرقابة الإدارية فى مكافحة الفساد
شاهدت جناح وزارة الدفاع وأعترِف بأننى انبهرت مما رأيته، وقد تم إختيار المشير محمد حسين طنطاوى ليكون شخصية الجناح، وأيضًا جدول الزيارات وقد تم تسجيل زيارة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، ثم تقسيم الجناح إلى أجزاء مختلفة، جزء للشخصيات العسكرية التى أثرت فى الحياة الثقافية المصرية ومنهم عبدالقادر حاتم ويوسف السباعي وثروت عكاشة وأحمد مظهر وحمادة إمام ومحمود الجوهرى وبه ملفات عن السيرة الذاتية لهم، وجزء عن شخصيات أثرت فى الحياة العسكرية المصرية ومنهم أحمد عرابي وجمال عبدالناصر والفريق أول محمد فوزى والفريق محمد سعيد الماحى واللواء باقى زكى يوسف والفريق عبدرب النبي حافظ، وجزء عن أبطال الجوالات مع إسرائيل ومنهم المشير محمد عبدالغنى الجمصى والمشير محمد عبدالحليم أبوغزالة والمشير أحمد إسماعيل والمشير أحمد بدوى والفريق عبدالمنعم واصل، وجزء عن الأبطال الشهداء، وأجزاء أخرى عن المعرفة العامة والعلوم البحثية الإجتماعية والموسوعات ونظم المعلومات واللغات.. كل هذا قامت به "هيئة البحوث العسكرية" والتى لها منا ألف تحية وتقدير.
بالطبع انتابتنا جميعًا حالة انبهار وسعادة بالغين، وشعرنا أن تراثنا العسكرى محفوظ ومُصان وينتقل بكل أمانة لجيل بعد جيل، ولهذا أقول: أتمنى من الفريق أول محمد زكى وزير الدفاع أن يوافق على عرض هذا التراث العسكرى المُشرِف فى كل قصور الثقافة على مستوى الجمهورية ويتم تعميمه حتى يكون على أى مواطن الوصول إليه ليطلع عليه ويتذكر تاريخنا العسكرى الذى نفخر به ولا تنتظر معرض الكتاب لعرض تراثنا العسكرى، وأيضًا أتمنى أن يكون هناك جناح لوزارة الدفاع فى كل مبانى ومنشآت الوزارات والمحافظات والهيئات والمؤسسات الحكومية وفى كل المكتبات فى المدارس والجامعات والأندية الإجتماعية ومراكز الشباب.. فتاريخنا العسكرى كله نضال ويذخر بالكثير والكثير من الشخصيات العسكرية التى حفرت اسمها بأحرف من نور وأصبحوا نماذج نحتذى بها ونتخذها قدوة لنا فى التفانى والنضال والفداء والتضحية وحب الوطن
شعرت أن "معرض الكتاب" هذا العام هو الأهم فى تاريخ مصر، هو الأكثر تأثيرًا ورواجًا، هو الأعلى مشاركة والأكثر حضورًا، هو شعاع نور يُضيء لنا الطريق نحو دعم الثقافة المصرية الرائدة فى عالمنا العربى ومحيطنا الإقليمى، والسبب يرجع إلى المشاركة الهادفة من مؤسسات الدولة ومن الناشرين والأدباء والشباب، فقد جاء الجميع لـ "معرض الكتاب" بهدف الوعى وأرى أن الوعى زاد والمعرفة انتشرت والرسالة وصلت والشباب وجد ما يبحث عنه.. نجحت الدولة فى تطوير "معرض الكتاب" لهذا حقق أهدافه وزيادة.