هل الاتحاد الأوروبى يحب جماعة الإخوان المسلمين كثيرًا؟..«العمى السياسى» دفع المؤسسات الأوروبية إلى منح الجماعة دعمًا مؤسسيًا لا تتمتع به فى المجتمعات المسلمة..الإخوان يدورون في فلك المؤسسات الأوروبية.. يقول تحقيق «لوبوان»: «هناك عدد لا يحصى من جماعات الضغط المتخفية في هيئة مراكز أبحاث، وشركات استشارية تحمل ألقاب غامضة، ومنظمات غير حكومية ذات خطوط عريضة غامضة أيضًا.. يعمل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الارهابية في مصر منذ عام ١٩٢٨، ومثل معظم الجماعات الدينية، يعملون أيضًا في بروكسل لتعزيز تغلغلهم فى العالم، ونشر موضوعاتهم، وتنظيم أجندتهم»، كما يقول المتخصصون في هذا المجال.
ويؤكد تحقيق «لوبوان» أنه يتم استقبال التنظيمات الإخوانية بانتظام من قبل المؤسسات الأوروبية، بينما يتم تمويلها في إطار المشاريع الأوروبية.
٥٢ مليون يورو
الأرقام صاعقة.. يكشف النظام الصارم للشفافية المالية للمفوضية الأوروبية أنه بين عامي ٢٠٠٧ و٢٠٢٠، تم تخصيص أكثر من ٥٢ مليون يورو من الأموال العامة بشكل مباشر أو غير مباشر للجمعيات الإخوانية أو على الأقل مرتبطة جدًا بجماعة الإخوان المسلمين، بحسب ما ذكر كليمان بيترو فى تحقيقه بمجلة «لوبوان». المشكلة ليست المبالغ الممنوحة من أوروبا. في الأساس، لا يحتاجون إلى هذا المال، ولكن ذلك يمنحهم الكثير من المشروعية، كما يشرح لورنزو فيدينو، مدير برنامج البحث حول التطرف في جامعة جورج واشنطن ومؤلف كتاب الإخوان المسلمين.
العمل فى سرية
يحلل البلجيكى «مايكل بريفوت»، العضو الإخوانى المسلم السابق ومؤلف كتاب «عندما كنت أخًا مسلمًا.. الطريق نحو إسلام التنوير»: «إذا كان من النادر أن يعترف الإخوان المسلمون بالانتماء إلى جماعة الإخوان، فإن الكل يعرف ما إذا كان جزءًا منها أم لا؟». ويواصل شهادته قائلًا: «هذه السرية، تأتي بنتائج عكسية»، كما يقول بعد عشر سنوات من مغادرته جماعة الإخوان المسلمين، هربًا مما وصفه بـ«ضجيج الخلفية المجتمعية، والخيال المقيد الذي يحبس المسلمين عن الآخر»، ويرى «مايكل بريفوت»، أن خطورة الإخوان تكمن فى أنهم يحرثون الأرض ويكفي الجهاديون أن يزرعوا بذرة العنف هناك ليبدأوا من تلقاء أنفسهم.
قرية بوتيمكين
يؤكد تحقيق «لوبوان» أن الأخوة راسخة في بلجيكا. حددت المخابرات البلجيكية حوالي أربعين جمعية تنتمي إلى هذه الحركة. تعمل شبكة الهياكل هذه في مجالات مختلفة، اجتماعية، تعليمية، دينية، إنسانية أو مدنية. هناك العديد من المديرين التنفيذيين، غالبًا ما يكونون من الشباب المؤهلين ويجيدون عدة لغات ولا يتصرفون أبدًا بعيدًا عن المديرين التنفيذيين المحليين أو الوطنيين أو الأوروبيين.
وضع يشبه حكاية «الضفدع الذي يريد أن يكون كبيرًا مثل الثور»: «فقط بضع مئات من الأفراد يشكلون الموظفين النشطين لهذه الشبكة من الاتحادات البلجيكية الأوروبية، ويتبادلون المواقف بانتظام ويخلقون باستمرار هياكل جديدة».
يوضح «لورنزو فيدينو»: «مجتمع الإخوان الأوروبيين مثل قرية بوتيمكين، لا تستطيع أن تحدد معالمه بالتفصيل لكنه يخلق حالة إبهار»، ويضيف: «إذا كان عدد الكيانات مثيرًا للإعجاب، فهذه مسألة وفرة واضحة أكثر من كونها مسألة زخم شعبي»، ويعرب عن مخاوفه بقوله: «ما يقلقني قليلًا هو أن المؤسسات الأوروبية تؤمن بهم وأنهم لم يحاولوا تجاوز تلك الواجهة لقرية بوتيمكين». إن هذا العمى قد دفع المؤسسات الأوروبية إلى منح الإخوان المسلمين دعمًا مؤسسيًا لا يتناسب مع الدعم الذي يتمتع به الإخوان في المجتمعات المسلمة.
وفى رأى محرر التحقيق، فإنه على الرغم من أن جماعة الإخوان المسلمين تأسست عام ١٩٢٨ على يد حسن البنا «جد طارق رمضان»، إلا أنها تتمتع برؤية حديثة للممارسة السياسية. إنهم يعرفون ما هي الصحافة وأهميتها، ويعرفون كيفية استخدام منظمات حركات الشباب، والأندية الرياضية، والحركات النسائية، وحتى النقابات لديهم استراتيجية حقيقية.
قال أوليفييه روي، الأستاذ في معهد الجامعة الأوروبية بالقرب من فلورنسا، في يناير ٢٠٢٠ خلال جلسة الاستماع أمام لجنة مجلس الشيوخ حول التطرف الإسلامي، إنهم مفكرون ومفكرون: «لا يأتي جهادي من بين صفوفهم، لكنهم يسهمون فى صنع الجهاديين».
سطور مهمة من التحقيق: «يتعجب جورج دالماند، عضو البرلمان الفيدرالي البلجيكي والمتخصص في القضايا الأمنية، ويقول إن المفوضية الأوروبية تمول الجمعيات التي تقلق أجهزتنا الاستخباراتية».
وأشار الى قرب جماعة الإخوان المسلمين من معظم الأنظمة المؤسسية وهو ما ادى إلى قيام أجهزة المخابرات البلجيكية بإرسال إشارات تشير إلى أنهم يراقبون بعناية الديناميكيات السياسية والدينية للإخوان المسلمين في البلاد. أصبحت هذه اليقظة الجديدة ضرورية بسبب الأحداث السياسية البلجيكية الأخيرة، حيث أظهرت الأحزاب السياسية أنها قابلة للاختراق بشكل خاص من جماعة الإخوان، ولا تتردد في تلبية جميع المطالب التي قدمها أعضاؤها.