تحل علينا ذكري مؤلمة وهي الذكري الثانوية لرحيل توما ثروت ملك، يا الهي لماذا اسميت ابنك يا ثروت توما ؟
هل كان وراء الاسم معني الشجاعة، مثلما فعل الرسول توما، فعندما مات لعازر طلب التلاميذ من يسوع بأن لا يذهب إلى اليهودية إلى قرية لعازر لأن اليهود كانوا يريدون قتله هناك، ولكن يسوع كان مُصرِّا على الذهاب ليقيم صديقه من الموت فكان لتوما الكلمة الفصل بين التلاميذ عندما قال لهم (لِنَذْهَبْ نَحْنُ أَيْضًا لِكَيْ نَمُوتَ مَعَهُ)
وكان توما شابا يسعي الي الملكوت علي الأرض وتمسك بالمسيح وتعاليمه في لحظات الخطر وضحي بحياته من اجل سعادة الاخرين،، هكذا فعل توما ثروت لم يهاب الموت وذهب لينقذ أهل فرج في الفندق واخرجهم جميعا في سلام ودفع حياته من اجل تلك الشهامة لأنه اتبع تعاليم المسيح:
(لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ." (في 1: 21"
مضي توما ليضحي بنفسة لأنه راي أن الحياة هي المسيح وربح المسيح بموته وظل في وجدان العريس السماوي وليؤكد انه كما قال المسيح:
"لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ." (يو 15: 13 ) هكذا امتلك توما ثروت الحب الأعظم في العطاء من أجل الأحباء، وهكذا يموت افضلنا لكي يبقي الاخرين بلا دموع، حفظ فرح الاخرين وترك لنا الدموع.
ام انك أسميته توما لأنه لم يخبرنا توما ثروت في العشاء الأخير أنه سينصرف وكنا مثل توما الرسول لا نعلم شيئا عن رحيل المسيح،كان توما شابا خلوقا، يطلق علية اهل المنيا "الملاك" يعطي في صمت، تكشف ابتسامته عن مخزون الحب، ولكن الله اختاره ليدخل الاب ثروت ملك في هذه التجربة المريرة، خسارة ابنه في حادث داخل الفندق المسئول عنه وترك له زوجته الشابة وطفله لم تبلغ عامها الثالث.
لازلت ابحث عن جذور الشك المقدس في كلا التوميان فقد عودنا توما الرسول ان يتأكد من كل شيء بنفسه:
(بحسب التقليد السرياني عند وفاة العذراء اجتمع جميع الرسل لتجنيزها عدا توما الذي كان منشغلا بالتبشير فى الهند وتأخر في الوصول، وعندما كان فى الطريق رأى الملائكة يحملون مريم إلى السماء فطلب منها علامة يثبت بها انتقالها للسماء فأعطته زنارها)
وعندما اعلن عن ما حدث في العرس بالفندق اسرع توما ثروت الي الخطر ليتأكد من سلامة الاخرين.. أم أسميته يا ثروت توما حتي لا يصدق إلا ما يراه ؟
(أما أبرز الأحداث التي ارتبطت بتوما في إنجيل يوحنا هي تلك التي بدأت بعد قيامة يسوع من بين الأموات، حيث زار يسوع تلاميذه وهم مجتمعون في العليَّة ولم يكن توما معهم، وعندما حدّث الرسل توما عن تلك الزيارة لم يصدقهم وشك في حقيقة قيامة المسيح وقال (إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ)، لذلك وبعد ثمانية أيام ظهر يسوع لتلاميذه مرة أخرى وهذه المرة كان توما معهم فقال له (هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ: ((رَبِّي وَإِلَهِي!)).
ولكننا راينا جروح توما الابن ورزلن لا نصدق حتي لو كنا نؤمن بالقيامة ولكن انتابنا الألم حينما راينا جروح توما ثروت، ربي والهي لماذا وضعت ثروت ملك والاسرة في مر هذا الكأس؟
لازلت اري ثروت ملك يبتلع الألم والدموع، ولا ينحني للعواصف،
عرفته عن قرب رجل يحمل صمت فارس،ويمتلك حب لايقاس للاخرين
أورثة لتوما الابن، عميق مثل النهر في الرؤية، ويدرم عن بعد علامات الأزمنة، والا كيف اختار السياحة في زمن الإرهاب ، احب بلدة مصر ورغم النجاحات في عاصمة النور لم تجعله تلك النجاحات يقيم في فرنسا بل عبر السين الي الضفة الأخرى من النيل. عاد للاستثمار في وقت حرج ولم يستثمر في القاهرة او الإسكندرية بل الي بلدة المنيا، ليشيد أول فندق “كليوباترا” عام 2000، وقت أن كانت السياحة في المنيا لا تلقي اي اهتمام نتيجة الارهاب، مما جعل الجميع يهربون من الاستثمار السياحي،انشأ كليوباترا الفندق الذي استطاع ان يجمع أبناء المنيا من جديد للسهر والمحبة، وان يجذب السائحين من كل انحاء العالم الي المنيا. أنشأ ثروت منتجع حورس السياحي عام 2009، وكانت قطعة الأرض المقام عليها المنتجع حاليا أشبه بتلال من القمامة، تحولت في عام إلي أكبر منتجع سياحي في المنيا، بل وفي صعيد مصر، وبعد 25 سنة من تاريخ إنشاء المنتجع، سيعود حق الانتفاع لمحافظة المنيا.
طبت حيا وميتا ياتوما، وفي ذكراك الاولي أقول لك:
توما.. توما لازلت لا اصدق حتي لو رأيت جروحك. "”
لكنك قررت ان تمتلك اعظم حب في انك بذلت نفسك من اجل الاخرين.
خالص العزاء للصديق ثروت ملك وللأسرة وللكنيسة والوطن.
وسيبقي تموما يعيش فينا.