تنعقد القمة الأفريقية اليوم السبت 5 فبراير 2022، وتناقش عددا من الملفات الهامة التي تموج بها القارة السمراء، وعلى رأسها أزمة قبول إسرائيل كمراقب في الاتحاد الأفريقي، التي وجدت معارضة كبيرة بين الدول وتم تأجيل مناقشة >لك الأمر إلى القمة التي تنعقد على مستوى قادة الدول ورؤساء الحكومات في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وقالت صحيفة "هاآرتس" العبرية في تقرير لها الأسبوع الماضي إن عددا من الدول الأفريقية أعلنت معارضتها للقرار، على رأسها مصر والجزائر وجنوب أفريقيا، فيما أكدت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن مصر قد أرسلت خطاب احتجاج على قبول إسرائيل كمراقب وهو ما يدعم الموقف الرافض لهذه العضوية.
وفي نفس الإطار، نشرت صحيفة "ديلي مفريك" الجنوب أفريقية، تقريرا حول "قبول إسرائيل مراقب بالاتحاد الأفريقي"، واستهلت التقرير بالقول إن الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، يعارض وضع إسرائيل كمراقب، مما دفع الجالية اليهودية في جنوب إفريقيا لاتهام حكومته بـ"الهوس" و"العداء الذي لا هوادة فيه" لإسرائيل.
ونوهت "ديلي مفريك" إلى أن القادة الأفارقة سيقررون غدا الأحد 6 فبراير، ما إذا كان ينبغي لإسرائيل أن تستمر كمراقب في الاتحاد الأفريقي، لكن جنوب إفريقيا والجزائر، التي تقود بعض الدول الأفريقية الأعضاء في جامعة الدول العربية، اعترضت على قرار موسى فكي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.
ولفتت الصحيفة إلى أن وزيرة العلاقات الدولية والتعاون الجنوب أفريقية ناليدي باندور قالت حينما أعلنت مفوضية الاتحاد الأفريقي إن ذلك القرار المثير للجدل هو هذا قرار غير عادل وغير المبرر، واتخذ من جانب واحد دون التشاور مع الدول الأعضاء".
وتابعت "ديلي مفريك": "كان القرار لا يمكن تفسيره لأن الاتحاد الأفريقي قد عارض بالفعل بشدة الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني لفلسطين، والذي يسيء إلى نص وروح ميثاق الاتحاد الأفريقي.. خاصة فيما يتعلق بالقضايا المتعلقة بتقرير المصير وإنهاء الاستعمار، ولا يزال العالم يشهد بعض أفظع مشاهد الوحشية والعنف التي تمارس ضد الفلسطينيين الذين يعيشون في الأرض الفلسطينية المحتلة".
وأضافت الصحيفة الجنوب أفريقية أن موسى فكي دافع عن قراره على أساس أن قواعد الاتحاد الأفريقي تمنحه الحق في قبول مراقبين، لكن جنوب إفريقيا أشارت إلى أنه مضطر أيضا إلى مراعاة آراء الدول الأعضاء، ولذا جاء اعترض ناليدي باندور وآخرون رسميا على القرار في اجتماع للمجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي - لوزراء الخارجية - في أديس أبابا في أكتوبر الماضي، لكن وزراء الخارجية لم يتمكنوا من حل القضية وأحالوها إلى رؤساء الدول للتعامل معها في القمة العادية الـ35 للاتحاد الأفريقي، المنعقدة حاليا.
وفي هذا السياق، قال شيويت وولدميكل، الباحث في معهد الدراسات الأمنية (ISS) في أديس أبابا، إن القرار قريب جدا من التكهن به، حيث يفضل الاتحاد الأفريقي عموما اتخاذ القرار بالإجماع، لكن "قبول إسرائيل كمراقب" آثار انقساما كبيرا بحيث لا يمكن التوصل إلى إجماع، وبالتالي سيتم تحديده بالتصويت، مضيفا أن ما بين 21 و26 دولة من أصل 55 دولة عضو في الاتحاد الأفريقي تبدو متحالفة مع جنوب إفريقيا والجزائر في الضغط من أجل رفض قرار فكي بقبول إسرائيل.
وأشار الباحث في معهد الدراسات الأمنية، إلى أن النتيجة يمكن أن تعتمد على الجوانب الفنية، وإذا قرر رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي التعامل مع هذه القضية على أنها إجرائية - أي على سبيل إلغاء قرار فكي لأنه اتخذ الأمر بطريقة خاطئة - فسيستغرق اتخاذ القرار أغلبية بسيطة في كلتا الحالتين، ولكن إذا اعتبرها القادة قضية جوهرية، فسيتطلب الأمر تصويًا بأغلبية الثلثين، وهو عائق أعلى بكثير للتغلب على اللوبي المؤيد لإسرائيل.
وأعلنت إسرائيل قبولها في أغسطس من العام الماضي كمراقب في الاتحاد الأفريقي، وزعمت أنها ستستغل موقفها للتعاون مع إفريقيا في مكافحة كورونا وانتشار الإرهاب في جميع أنحاء القارة، ويمنح صفة "المراقب" القليل من الفوائد الملموسة من بينها بحضور الجلسات المفتوحة لمجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي والجلسات الافتتاحية والختامية لقمم الاتحاد الأفريقي، إلى جانب الوصول إلى وثائق الاتحاد الأفريقي ويمكن أن يدعوا من قبل رئيس المفوضية للمشاركة في الاجتماعات والإدلاء ببيانات، ولكن لا يمكنهم التصويت.
وأكد "وولدميكل" أنه إذا تم التمسك بوضع إسرائيل كمراقب، فسيكون ذلك "انتصارًا للسياسة الخارجية"، مشيرا إلى أن صمت معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي بشأن قرار فكي بقبول إسرائيل يبدو أنه "يشير إلى النفوذ المتزايد لإسرائيل في إفريقيا.
وقالت "دلي مفريك" إنه ليس من الواضح كيف سيتم التصويت على القرار داخل الاتحاد الأفريقي، وعما إذا كان التصويت سريا أم علنيا، خاصة وأن المعسكر الموالي لإسرائيل داخل الاتحاد الأفريقي لا يجد أي مبرر لذلك في الوقت الذي يدافع المعارضين لإسرائيل عن موقفهم بسبب احتلال فلسطين، ويبدو أن دولا مثل رواندا وكينيا ونيجيريا وغانا والمغرب والكونغو الديمقراطية والجابون وغينيا الاستوائية مدفوعة باعتبارات براغماتية وربما مشاعر موالية للغرب، لدعم إسرائيل، وقد يعتقدون أيضًا أن فلسطين هي قضية خاسرة وأن الوقت قد حان للمضي قدما، وبهذا المعنى، فإن الجدل حول قبول إسرائيل في الاتحاد الأفريقي كمراقب يعكس بدلا من ذلك النقاش الذي دار عام 2017 حول ما إذا كان ينبغي إعادة قبول المغرب كعضو في الاتحاد الأفريقي.
ونقلت الصحيفة تصريحات لدبلوماسي من جنوب أفريقيا قائلا إن "اعتماد إسرائيل كمراقب معقد سياسيا فغالبية أعضاء الاتحاد الأفريقي لديهم سفراء معتمدون في إسرائيل، ومع ذلك، أعتقد أن جنوب إفريقيا والجزائر وغيرها ستفوز إلى حد كبير لأن تلك الدول الأفريقية التي تدعم اعتماد إسرائيل لن تكون لديها الشجاعة السياسية لتقول ذلك علنا، خاصة وأن "الشارع "الأفريقي أصبح مضطربا بشكل متزايد".