"عَزِيزٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ مَوْتُ أَتْقِيَائِهِ." (مز 116: 15 )
فاض النهر من الدموع يوم أن فقدت الكنيسة الإنجيلية شيخا، والهيئة القبطية الإنجيلية أحد أبرز أبنائها، وفقد العمل التنموي عالما وداعية، وفقد المجلس القومي للمرأة نصيرا، هو الدكتور المهندس نبيل صموئيل أبادير مسعد.
بكت كلمات القس أندريا زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر حينما نعاه قائلا:
"فقدنا اليوم قيادةً مخلصةً من قيادات الهيئة القبطية الإنجيلية، الذي كان له دور كبير في تطوير منظومة العمل بالهيئة بكل تفانٍ وإخلاص".
عرفت نبيل صموائيل حينما كنت صحفي شاب في صحيفة الأهالي أتابع فاعليات الهيئة القبطية الإنجيلية، وتقاربنا على مر 36 عاما من بين قرية وأخرى في النشاط التنموي للهيئة في الريف، ذلك الأمل الذي زرع أشجار المحبة في كل أرض خطت فيها الأرجل التنموية للهيئة القرى، وكنت أتابع معه لقاءات حوار الحضارات للهيئة والذي زرع شجرة المحبة في أرض الوطن بين العمائم البيضاء للمشايخ والقلنسوات السوداء للرهبان والكهنة وهنا وجدت أول افتتاح للقمة العيش المشتركة بين الأبيض والأسود، في وقت كان فيه الإرهاب يحاول التفرقة بين جريان المحبة بين ضفتي النهر، وكان للهيئة القبطية الإنجيلية شرف أن يفتح الهويس لجريان المحبة العظيم القس المفكر والمؤسس للعمل الاجتماعي صموائيل حبيب وتلاميذه الكبار الشيخ نبيل صموائيل مدير عام الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية سابقا، والقس الشاب أندريه زكي الذي لا زال يكمل رسالة المحبة والأمل في غد أفضل.
توفي الدكتور نبيل صموئيل أبادير، مدير عام الهيئة الإنجيلية السابق، ورحل عن عالمنا صباح يوم الأربعاء الموافق 2 فبراير 2022، إثر إصابته بفيروس كورونا المستجد.
رحل في صمت مثلما عاش في عطاء وشموخ بلا كبرياء.
هو خبير في مجالات حوار الحضارات والتنمية الاجتماعية، ونائب رئيس مجلس الأمناء المجلس العربي للطفولة والتنمية، مقرر لجنة المنظمات غير الحكومية، وقالت عنة الوزيرة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، في نعيها: فقدنا رائدًا من رواد العمل الأهلي في مصر، وقيادة مجتمعية واعية ومخلصة لوطنها، وخبيرًا وطنيًا نابها في مجالات حوار الحضارات والتنمية الاجتماعية، لطالما قاد العديد من مشاريع وبرامج التنمية والتوعية خاصة في صعيد مصر والقرى الفقيرة، وظل طوال مسيرته العملية صاحب رؤية مبدعة ومتميزة في مجالات التنمية المستدامة للفئات الأولى بالرعاية، ولم يتوان عن المشاركة في دعم منظمات المجتمع المدني بعلمه وفكره ومكانته، في أي لحظة من اللحظات الفارقة في تاريخ الوطن".
امتد نشاط نبيل صموائيل إلى دعم المرأة وكان عضوا بالمجلس القومي للمرأة لذلك نعى المجلس القومي للمرأة برئاسة الدكتورة مايا مرسي وجميع عضواته وأعضائه وفروعه والأمانة العامة بخالص الحزن وعميق الأسى الدكتور نبيل صموئيل عضو المجلس القومي للمرأة ومقرر لجنة المنظمات الأهلية بالمجلس.
وأعربت الدكتورة مايا مرسي عن عميق حزنها وأسفها لفقد مصر والمجلس القومي للمرأة رجل عظيم بقيمة وقامة الدكتور نبيل صموئيل، الذي أفنى حياته في العمل الأهلي، واستطاع أن يجمع عددا كبيرا من المنظمات الأهلية تحت بوتقة واحدة من خلال رئاسته لمنتدى المجتمع الأهلى، بهدف العمل سوياً لخدمة قضايا المرأة والمجتمع.
وأضافت الدكتورة مايا مرسي ناعية الفقيد: "رحل أبو الانسانية والضمير.. رحل المصري الوطني الأصيل ابن الصعيد رحل الأب الروحي للمجتمع المدني الخدمي التنموي رحل الأستاذ والصديق والأب والعم والسند رحلت عن الدنيا ولن ترحل من قلبي، دكتور نبيل صموئيل ستظل كلماتك تهمس في اذني مدي الحياة تعلمت منك أستاذي الفاضل علما ينتفع بها مدى الحياة والدموع تدمي قلبي ولكن أعلم أنك في حياة أفضل ومرتاح عند ربنا".
لراحلنا الكبير العديد من الكتب والكتابات تعلمت منها خاصة كتابة المرجع المهم، "حوار الثقافات ضرورة مستقبلية أم رفاهية"، وحصل نبيل علي العديد من الجوائز المصرية والعالمية وفي مقدمتها جائزة الريادة في "المجال التنموى" فى شهر يوليو الماضى2121.
رحل فرع كبير من فروع الهيئة القبطية الإنجيلية وتبقي الشجرة تحت رعاية الآلاف من الشباب والشابات والشيوخ الذين لا زالوا يروون تلك الشجرة بعرقهم تحت رعاية الراعي المتفرد أندريا زكي، وتظل الهيئة نورا للأمل من صناع الضمير ، في خضم بحر العمل التنموي يصارعون أمواجه المختلفة يستخدمون المحبة أساسا للتنمية، هؤلاء أبناء الراحل العظيم صموائيل حبيب، وأبناء الآباء، نبيل صموائيل وأندريا زكي، وتظل التنمية على أيدي هؤلاء كالبحر يلفظ نفايته تطفو على السطح، أما اللؤلؤ فيظل فى القاع، ويبقي اللؤلؤ فى الأجيال الشابة التنموية للهيئة .
كنت دائمًا أتلمس ريح مضاربه، أزوره، أقرأ له، أتزود من معارفه وخبراته، نبيل صموائيل مثل الحجر الكريم كلما سقط عليه ضوء عكس شعاعًا مختلفًا عن الآخر، مفكر تنموي ، معلم حقيقي، رجل حوار وسلام، وإنسان نبيل وقائد مهذب.
طبت حيا وميتا يا نبيل لن أنساك حتى نلتقي في عالم أكثر محبة ونور وحرية.
عزائي للأسرة وللهيئة والكنيسة والوطن، وللقائد الراعي الذي يكمل المسيرة القس أندريا زكي.
من يرفع عنى مر هذه الكأس، متي نغلق دفتر الأحزان ويوميات الحزن المعتق عن مرثية العمر الجميل؟، فيا أيها الفارس الذى يترجل في صمت نحو الفجر السرمدى، سنظل على العهد حتى نلقاك ونكمل حديثا لم ينته من 1987 وحتى الآن.