تسعى "صوماليلاند" للحصول على اعتراف دولي بشتى الطرق، ويبذل المسئولون في البلد الواقع في القرن الأفريقي جهودا حثيثة للوصول للهدف المنشود، بعد أكثر من ثلاثين عاما من الانفصال عن الصومال، التي تعيش في أتون حرب أهلية وسط الفساد واستشراء وتوغل الإرهاب والتطرف، وارتفاع وتيرة الانقسام السياسي في البلاد، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية خلال الأسبوع الجاري، بشأن جهود "صوماليلاند" مؤخرا في سبيل الحصول على اعتراف دولي وأوضحت الصحيفة أن الولايات المتحدة تشعر بخيبة أمل من حكومة الصومال، بسبب تأخير الانتخابات، وعلى الرغم من عقدين من المساعدة العسكرية الأمريكية، فشلت في مواجهة حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة الإرهابي، إلى جانب تردى الأوضاع في إثيوبيا ما تسبب في تصاعد التوتر في القرن الأفريقي، وهو الأمر الذي يزيد من تعاطف واشنطن مع "صوماليلاند" التي تسعى إلى إجراء انتخابات ديمقراطية وانتخابات سلمية في المنطقة.
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن صوماليلاند تعرض وصول الولايات المتحدة العسكري إلى الميناء والمطار وترى أن واشنطن حليف قوي محتمل"، وقال جيم ريش السيناتور في لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكي، إن استمرار عدم الاستقرار في القرن الأفريقي والتنافس العالمي على الموارد والنفوذ جعل من المهم للغاية أن نعمل مع شركاء متشابهين في التفكير في المنطقة، مثل أرض الصومال، للعمل من أجل السلام والديمقراطية والازدهار.
وكشفت "وول ستريت جورنال" أنه لم يخف دبلوماسيون أمريكيون إحباطهم من الرئيس الصومالي محمد عبد الله محمد فرماجو، الذي أجل الانتخابات لأكثر من عام وسعى إلى تمديد فترة ولايته مؤقتا، وسحبت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في أيامها الأخيرة، المئات من عناصر القوات الخاصة الأمريكية من الصومال، حيث كانوا يدربون القوات المحلية لمحاربة حركة الشباب، ونقلتهم إلى جيبوتي وكينيا المجاورتين، ولم تعلن إدارة بايدن بعد ما إذا كانت ستعيد القوات الأمريكية إلى الصومال.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن الجدل حول مستقبل "صوماليلاند" يأتي في الوقت الذي تتنافس فيه الولايات المتحدة والصين على النفوذ في إفريقيا، ففي عام 2017، افتتحت الصين أول قاعدة عسكرية أجنبية لها في جيبوتي، المتاخمة لـ"صوماليلاند"، على مضيق باب المندب، وهو نقطة عبور مهمة بين البحر الأحمر وخليج عدن، وتقع القاعدة الصينية، التي يقول المسؤولون الأمريكيون إنها كبيرة بما يكفي لرسو حاملة طائرات وغواصات نووية، على بعد 6 أميال فقط من معسكر ليمونير، أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في إفريقيا، والتي تضم 4500 جندي أمريكي.
ولفتت الصحيفة إلى أن وكالات المخابرات الأمريكية توصلت إلى أن بكين تعتزم أيضا إنشاء قاعدة بحرية في غينيا الاستوائية على الساحل الأطلسي لإفريقيا، وتعتبر واشنطن مثل هذه الخطوة خطيرة بشكل خاص وتحاول إقناع حكومة غينيا الاستوائية برفض المقترحات الصينية، ويرى المسؤولون في "صوماليلاند" أن المنافسة بين القوى العظمى بمثابة فرصة لتأمين الوضع الدولي الذي طالما سعوا إليه، وقال وزير خارجية "صوماليلاند" السيد كويد: "إذا استولت الصين على بلادنا بالقوة أو بوسائل أخرى، فإن الممرات المائية ستسيطر عليها الصين".
وقال نائب وزير الإعلام الصومالي عبد الرحمن يوسف شيخ "من الواضح جدا أن الصومال لن يقبل بتقسيم البلاد"، مؤكدا أن دستور البلاد يمنع مثل هذا التفكك، ونوه الدبلوماسي الأمريكي السابق جاي بيتر، إلى أن "صوماليلاند" تبادلت الدبلوماسيين مع تايوان في عام 2020، ما يمثل صفعة لبكين، التي تعتبر أن تايوان جزءا من الصين.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أنه في أغسطس من العام الماضي 2021، عندما انسحبت القوات الأمريكية من أفغانستان، عرضت "صوماليلاند" استضافة آلاف اللاجئين الذين وقفوا إلى جانب الولايات المتحدة وكانوا الآن يفرون من طالبان، إلا أن وزارة الخارجية الأمريكية رفضت العرض، وفي نفس الشهر، هبطت طائرة نقل أمريكية تقل عشرات الأفراد العسكريين الأمريكيين في ميناء بربرة، ووفقا لحكومة "صوماليلاند"، فإنها تمتلك نسبة 35% من الميناء، بينما تمتلك موانئ دبي العالمية 65٪.
وقال تيبور ناجي، الذي قاد دبلوماسية وزارة الخارجية الأمريكية تجاه إفريقيا خلال إدارة ترامب، إن الجيش الأمريكي لديه قاعدة عسكرية في جيبوتي لكن يريد التحضير لخطة "ب"، و"صوماليلاند" ستكون خطة رائعة، وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن المشرعين المؤيدين لـ"صوماليلاند" عقدوا نقاشا برلمانيا في العاصمة البريطانية لندن الشهر الماضي طالبوا خلاله بالاعتراف، إلا أن المملكة المتحدة لا تزال تقضي بأن على الصوماليين أنفسهم اتخاذ قرار بشأن أي انفصال.
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولو "صوماليلاند" يعتقدون أنه من غير المرجح أن ينالوا اعترافا واسعا بمقعد في الأمم المتحدة في أي وقت قريب، وبدلا من ذلك، يسعون إلى اتخاذ تدابير مؤقتة في واشنطن من شأنها تعميق التعاملات المباشرة بين "صوماليلاند" والحكومات الأخرى، مضيفة إلى أنه في العام الماضي، قدم السيناتور جيم ريش تشريعا يلزم وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" بدراسة فكرة التعاون الدفاعي الثنائي بين الولايات المتحدة و"صوماليلاند"، متجاوزا مقديشو، ولم يتم تمرير التعديل، لكن "ريش" كان يعتزم بدء المناقشات في واشنطن.
وأعلنت "صوماليلاند" في عام 1991 استقلالها، وأصدرت عملتها الخاصة وأنشأت جيشا خاصا بها، ورفضت مقديشو، التي تواجه مشاعر انفصالية في عدة ولايات، جهود صوماليلاند للاعتراف بها كدولة ذات سيادة وفشلت المحادثات في إيجاد حل وسط.