صدر عن دار الكتاب العربية رواية "قندهار" للكاتب الدكتور حسن السبيري، حيث تشارك بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 53.
رصد الكاتب من خلال روايته التغيرات الديموغرافية وتأثيرها السلبي على الطبقة الوسطى المجتمعية، لتقع فريسة بين مخالب التطرف، في تجربة جاءت مغايرة عن كافة أعماله السابقة التي نبش فيها عن العوالم الخفية في تاريخ مصر القديمة من خلال رواياته انستاتكا وأبيدوس ودرافيا، ليحصد لقب روائي "كميت" من قرائه، نسبة إلى اسم مصر القديمة رواية قندهار تميط اللثام عن بداية اضمحلال الطبقة الوسطى، متخذا من أسرة كنموذجا مصغرا، وتعد رواية اجتماعية تؤصل لنبذ التطرف والعنف بدعم ركائز الطبقة الوسطى.
تدور حولها أحداث روايته: مستمدا من البيئة التي اختارها كمسرح، واقعا كان هو المدخل الأساسي للعمل، مستلهما مضامين ومحتوى الرواية من أجواء منصرمة، موظفا إياها في سرده الروائي، مستخدما الانفعالات الإنسانية لخدمة النص، ليكشف لنا الكاتب في نهاية عمله عن سر جسر الحرير الممتد بين هذا القابع بسجن ساربوسا "بقندهار" وبين أحدى أعضاء منظمة العفو الدولية.
ومن نصوص الرواية:
لا أخفي عليك، فقد سبق وأن أصدرت حكمًا على نفسي، ولا أتردد في أن أتلوه مرة أخرى على عين شعاع الشمس المتهامس مع روحي، لا تظن أنني أبالغ في أي شيء مما سأقول، ولكن بحق ما قرأت وما رأيت، بحق الحي والمندثر، بحق ما أعلم وما أجهل، إنني نادم على صلاحي وعدم ارتكابي أي جرمٍ على هذه الأرض، فمَن فقدَ كل اتصال بالحاضر، وكل حس بالواقع، سيشحب عالمه الخيالي، حتمًا سيذبل ويسقط كما تهوي الأوراق الجافة على أديم الأرض، فالحياة محظورة متجمدة، والليالي تتبخر بالوهم والأمل، والناس موتى يعبدون الظل وأي غيمة تمر لتحجب شعاع النور، يبحثون في الرماد عن شرر، ينفخ فيه ليشتعل مجددًا، ثم يجِدّون في بناء حاضر على أطلال رماد لماضٍ لا يعود.
كنت أتمنى أن أحمل في سريرتي عقيدة دموية، لأحكم بالقضاء على غالبية هؤلاء الانتهازيين الأوغاد الذين انهارت على أيديهم منظومة القيم والأخلاق، ولكن الآن أود أن أبقيهم على قيد الحياة لينهلوا يومًا من الكأس نفسها التي ارتوينا منها، وأظنه قريبًا.