قال عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية تعليقاً على الاجتماع الوزاري العربي بالكويت، إن التحديات والتهديدات التي تتعرض لها دول العالم العربي اليوم كثيرة وكبيرة وخطيرة.
وأضاف موسى في تصريحات صحفية، أن هذا الاجتماع الاستثنائي كنا نحتاج إليه حتى يجلس المسئولون العرب للتحدث سوياً وإذا كان هناك وجهات مختلفة نظر فيمكن العمل على التوفيق فيما بينها مثل موضوع تحديد الأولويات العربية المشتركة في مواجهة المخاطر التي تحيط بالعرب.
واستكمل موسى قائلاً: إنه من ناحية أخرى فإن هناك تشتتا كبيرا بالعالم العربي، وهناك اختلاف للأولويات؛ فبعض الدول العربية ترى خطورة من دولة إقليمية ما وآخرون يرون خطورة من دولة أخرى وبالتالي فإن الأمن القومي العربي نفسه، الذي طالما تحدث العرب عنه أصبح مختلفاً عليه؛ ويتطلب العودة للتوافق على الأولويات وعلى المخاطر وليس فقط المخاطر التقليدية التي ووجهنا بها ولا نزال نواجهها.
وضرب "موسى" مثلاً بالقضية الفلسطينية التي لا يمكن إنكار أهميتها وأولوياتها مهما كان هناك أولويات أخرى لها منطقها الخاص، وأنها تظل قضية محورية للشعوب العربية.
وأكد الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، أن المشاكل التقليدية اختلفت بها الأولويات، وتتطلب اجتماعات وليس اجتماعاً واحداً؛ لا يشترط أن تكون علنية أو شاملة، ولكن المطلوب مجموعة من الاجتماعات واللجان لتبحث المشاغل العربية وقضايا التعاون المشترك وصياغة رؤية ومقاربة مشتركة للأمن القومي العربي وعناصر تهديده وقوته.
وأوضح، أن هناك مشاكل كبيرة تتابع وهي مشاكل تتعدى المشاكل السياسية والأمنية التقليدية إلى مشاكل وجودية؛ مثل مشاكل تغيير المناخ والأوبئة التي تفرض تعاوناً إقليميا وعربياً، مؤكداً أن هناك أسساً يمكن أن نعيد الانطلاق منها وأن ننسق فيما بيننا في مواجهة الأوبئة وغيرها وتغير المناخ وآثاره الخطيرة الحقيقية التي بدأت في الاتضاح حتى للمواطن العادي.
وأكد موسى، أن الجامعة العربية ضرورة حقيقية للدول العربية، وأننا لا يصح أن نتنازل عنها كعرب، وإذا أردنا أن نقيم بناءً جديداً فيجب أن نبدأ في إقامته قبل أن نفكر في استبدال الجامعة العربية.
وأضاف، أنه يرى أن نتخذ أسوة بالباحثين الدوليين الذين يدرسون مصير الأمم المتحدة التي تتعرض لهجوم كبير بسبب فشلها في أكثر من مجال، ولكن أجمعت مراكز البحث والمراكز السياسية العاملة على المستوى الدولي أن الأمم المتحدة تحتاج الى تجديد وإعادة النظر في أدائها وليس في وجودها! وأن هذا هو ما تحتاجه الأمة العربية وهي تنظر لمصير جامعتها.
وتابع: أن مظلة الجامعة لا بد من دعمها، في وقت قال فيه أحمد أبوالغيط أن أكثر من نصف مساهمات الدول الأعضاء لا تأتي، وأن هناك نوعاً من عدم الاهتمام بالجامعة ومنع التمويل المهم لتنشط وتتحرك وتعمل قائلاً: أنه يأمل أن تؤدي هذه الاجتماعات والمشاورات التي تجري في كواليسها إلى دفع مساهمات الأعضاء والتزامات الدول تجاه الجامعة حتى تستطيع أن تعمل في سبيل تجديد شبابها وخدمة القضايا العربية كشخصية مستقلة مبنية على إقامة التضامن العربي والتكامل العربي وأيضاً صيانة الأمن العربي.
واستكمل: أن الأمن العربي في ذاته أصبح اليوم عليه علامات استفهام، ما المقصود به؟ ومن الذي يهددنا؟ هل هو واحد أم إثنين أم أكثر؟ ومن يهدد أمننا بالمعنى التقليدي؟ ومن يهدد أمننا بالمعنى المتطور؟ أين الطرح العربي؟ أين المشاركة العربية في رسم الصورة الجديدة للعالم مع وجود أقاليم نشطة جديدة ومناطق توتر جديدة وهناك دول كثير في العالم تسهم في النقاش عن مستقبل العالم ونظامه السياسي، ويجب أن نسهم في ذلك.
وشدد عمرو موسى على ضرورة أن تتفهم أنظمة الحكم و الدول العربية أن الحكم الرشيد هو المفتاح، لأن غيابه هو السبب الرئيسي الذي مكّن من حدوث ما سمّي بالربيع العربي؛ الذي حدثت خلاله تدخلات دولية خارجية معروفة من دول تحدثت عن الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد والشرق الأوسط الواسع ولكن السؤال الملح هو هل لو كان الناس مقتنعين أن لديهم حكماً رشيداً هل كانت هذه التدخلات الأجنبية قد نجحت في أن تحقق ما وصلت إليه؟ بالتأكيد لا.
وعرف موسى الحكم الرشيد قائلاً: أنه يعنى حكم القانون والدستور، يعني إعطاء الناس الأمل في مستقبل أفضل بمحاربة الفقر والتخلف، وتحقيق التقدم ونشر الارتياح بين الناس وأن هناك فرقاً بين أجواء القرنين العشرين والواحد وعشرين وأن الحكم الذي يعالج هموم المواطن بمشروعات حقيقية لا مجرد خطب وشعارات هو الذي يشكل البداية للهدوء والاستقرار للشعوب العربية.
ووجه موسى كلامه إلى الأجيال الجديدة داعياً إياهم ألا يكفروا بالقومية العربية التي برهنت عن وجودها بين شعوب رأت فيما يحدث في قرية بجنوب تونس في المغرب العربي أمراض يخصها أيضاً، وكانت هي الشرارة التي حركت شعوباً بالتضامن والتعاطف وقضّت مضاجع أنظمة رزحت تحت نيرها شعوبنا على امتداد الوطن العربي كله.
واختتم موسى تصريحاته قائلاً: إن السياسة الإقليمية الإيرانية كما نرى أثرها في عدد من الدول العربية هي سياسة لا تسر أحداً، وأننا لا يصح أن نقبل بالحاصل في لبنان وفي سوريا واليمن والعراق، وكذلك الاعتداءات الأخيرة ضد عدد من الدول العربية؛ وأنه بالطبع هناك أخطاء لا بد من التحدث فيها مع الإيرانيين وأن يتحدث العرب مباشرة دون وجود وسيط، مضيفاً أنه فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني فإن الدول العربية يجب أن تجدد مطالبتها بعدم انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط كله، وأن دولنا لا تقبل بأي سلاح نووي في المنطقة، ولكي نتحدث بمنطقية يجب أن يضم هذا القوة النووية الاسرائيلية أيضاً إذاً يجب أن يتغير العنوان إلى إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل سواء كانت إيرانية أو إسرائيلية لا يجب أن نقبل البرنامج النووي الإيراني ولا نخشى أن نتحدث أن هناك برنامجا نوويا آخر هو الإسرائيلي ونحن لا نتحدث هنا عن إسرائيل بالمعنى الخصم أو العدوة لفلسطين لكن نتحدث عن دولة قائمة في المنطقة لها برنامج نووي لا يتماشى وأسس أمن المنطقة ويجري عليها ما يجري على الجميع في هذا الشأن.