الأربعاء 04 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

برقية عاجلة إلى معالي وزيرة التضامن..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حسنًا فعلت الحكومة أن افتتحت 2022 عام مؤسسات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان بقرار مد فترة توفيق أوضاع الجمعيات الأهلية لعام آخر.
ولأن قرارًا كهذا يكشف مدى صدق الحكومة فى دعم مؤسسات المجتمع المدنى وتعزيز قدراتها؛ فإن ثمة إجراءات أخرى تستطيع وزيرة التضامن الاجتماعى د. نيفين القباج اتخاذها لدعم وتعزيز مؤسسات وجمعيات تساهم من خلال نشاطها فى صناعة المستقبل وحماية الأمن القومى على المديين المتوسط والبعيد.
الصدفة وحدها قادتنى قبل أيام إلى دار لرعاية الأيتام من ذوى الإعاقة، وهى واحدة من ثلاثة دور تابعة لمؤسسة "مشاركة الخير" منها ما خصص للبنين والبنات ومنها ما خصص للإعاقات الشديدة والمركبة.
الأمر هناك ليس عاديًا بكل المقاييس فرعاية أيتام يعانون من إعاقات ذهنية شديدة وأخرى بصرية وسمعية وحركية يحتاج إلى أشخاص مختلفين ليس فقط على مستوى المهارات وإنما أيضًا لديهم قدرات وإمكانيات نفسية تمكنهم من القيام بدور الأم البديلة على أفضل ما يكون.
الرعاية فى مثل هذه الدور لا تنتهى بانتهاء مراحل تعليم الطفل وانتقاله لمرحلة الشباب ليحصل على فرصة عمل ويمضي فى حياته كباقى أقرانه؛ الرعاية هنا تمتد إلى نهاية عمر اليتيم حيث لا أهل ولا أقارب وهو فوق ذلك معاق.
ضحكات البنات وصرخات البنين العشوائية قد تقودك إلى الاستغراق فى حالة نفسية غير جيدة، لكن سرعان ما تلاحقك التساؤلات عن أوضاع مثل هذه الدور.
الأطفال هنا يحتاجون إلى زيارة الطبيب بوتيرة أعلى من أقرانهم غير المعاقين، بعضهم يحتاج إلى أخصائى تخاطب وجميعهم بحاجة إلى أخصائيين فى مجالات التأهيل النفسى والسلوكى والتدريب، باختصار احتياجات هؤلاء الأطفال مختلفة وكلفتها باهظة الثمن.
شويكار رفعت المشرف على الدار تقول أن كل ذلك يتم دفع ثمنه مقدمًا، وأنت لا تستطيع أن تطلب من أخصائى تخاطب أن يتطوع للعمل معك طوال الوقت، ناهيك عن الرعاية الصحية أقرب مستشفى للدار خاص وعندما يصاب طفل بحالة هياج مفاجئة تكون هذه المستشفى أول قبلتك ولا يمكن بدء مراحل العلاج إلا بعد دفع مقدم خمسة آلاف جتيه فى أقل تقدير كمبلغ تحت الحساب فقط.
تضيف شويكار هذا بخلاف الإصابة بالأمراض العادية غير المرتبطة بحالات الإعاقة وطبعًا نحتاج دائمًا المرور على مراكز التحاليل والأشعة حيث ندفع دون أى تخفيضات تذكر.
طبعًا لا تتحمل مثل هذه الدور تكاليف الرعاية الطبية وحدها، وإنما أيضًا هناك فواتير الكهرباء والمياة والغاز إضافة إلى القيمة الإيجارية التى تزداد سنويًا فهم غالبًا ما يحصلون على مقراتهم داخل بنايات خاصة.
مثل هذه الدور كثيرة فى مصر -أقصد التى تهتم بالأيتام المعاقين- وصحيح أنها تعيش على أموال التبرعات، لكن حجم ما تتحمله من مسئولية ممتدة بعمر الأطفال يجعلها بحاجة إلى دعم إضافى من مؤسسات المجتمع كافة.
وبمناسبة عام المجتمع المدنى أدعوا معالى وزيرة التضامن لعقد عدة ورش عمل مع القائمين على هذه الدور لبحث ما يواجهونه من مشكلات وتحديات لاسيما وأنهم معنيون بذوى الهمم الأيتام الذين شملتهم مبادرات رئاسية عديدة ولا أدرى ما إذا كان ملائمًا أن تعد وزارة التضامن الاجتماعى مشروع قانون يلزم كافة الهيئات الطبية والصحية من مستشفيات عامة وخاصة وعيادات ومراكز أشعة وتحاليل باستقبال حالات الأطفال الأيتام بشكل عام والأطفال من ذوى الإعاقات بشكل خاص مجانًا أو برسوم رمزية لاسيما وأن مقرات رعاية الأطفال الأيتام من ذوى الهمم قد لا تكون مجاورة لمستشفيات حكومية.
لا أدرى أيضًا إذا كان من المناسب إعداد تشريع خاص بها يعفى الوحدات المستأجرة لصالحها من رسوم فواتير الكهرباء والمياه والغاز كدعم غير مباشر تقدمه الدولة لهذه الجمعيات وبالطبع كل هذه المؤسسات خاضعة لرقابة مالية وإدارية مشددة سواء من قبل وزارة التضامن الاجتماعى أو جهات أخرى تابعة للدولة ما يعنى أن كل ذلك سيتم تحت إشراف الدولة التى لا تستطيع بطبيعة الحال توفير مقرات مجانية أو بأجور رمزية، وذلك فيما أظنه أضعف الإيمان لدعم مؤسسات وجمعيات أخذت على عاتقها تحمل مسئولية صناعة مستقبل أطفال ألقتهم صروف الدهر إلى الشارع وتأمين حياة أشخاص كتب عليهم اليتم والإعاقة دون أن يكون لهم سند أو ظهر.
ملحوظة.. بعض حالات الأطفال الذين عايشتهم ليوم أو بعض يوم كانوا من مجهولى النسب.

مافيا بطاقة الخدمات المتكاملة
قبل أشهر قليلة وبتجربة شخصية كانت رحلة الحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة لذوى الإعاقة أقل تعقيدًا وبلا كلفة مالية تذكر اللهم قيمة تذكرة الكشف الطبى فى المستشفى الحكومى وقدرها ثلاثين جنيهًا، وبعدها يتوجه الشخص المعاق بالتقرير الطبى وبعض الأوراق إما إلى وزارة التضامن الاجتماعى أو أحد مكاتبها أو إحدى الجمعيات التى أخذت على عاتقها المضى فى استخراج البطاقة.
مؤخرًا أصبح الحجز عن طريق موقع وزارة الصحة لتحديد يوم ومكان توقيع الكشف الطبى السبيل الوحيد لبدء إجراءات الحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة، لكن يا فرحة ما تمت، موقع الوزارة دائمًا مغلق ولا يمكن لشخص طبيعى الوصول إليه أبدًا وأمام الوزارة يرشدك أشخاص إلى مكاتب تصوير مستندات، أو أشخاص آخرين يجلسون على المقاهى المحيطة يحملون أجهزة لاب توب ووحدهم يستطيعون الوصول إلى موقع وزارة الصحة بأكواد معينة يقولون أنها سرية، وإذا كان المعاق بحاجة إلى موعد سريع (كشف مستعجل) فعليه دفع مبلغ خمسمائة جنيه، أما الكشف العادى فبثلاثمائة جنيه فقط.
لا أعرف من سمح لهؤلاء الأشخاص بلعب هذا الدور لابتزاز المعاقين وتحديد هذه التسعيرة لأحصل كمواطن معاق على ما وفرته الدولة بالمجان مقابل كل تلك المبالغ.
بالمناسبة، لا ينتهى الأمر بالحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة، فكل حق يترتب عليها مثل المعاش أو سيارة المعاقين أو الشقة يحتاج إلى كشف طبى جديد، يعنى الحجز مجددًا على موقع وزارة الصحة بنفس القيمة التى حددتها مافيا بطاقة الخدمات المتكاملة المرابضة حول أسوار وزارة الصحة.
السيدة وزيرة التضامن الاجتماعى مدعوة للتنسيق من وزارة الصحة لمحاصرة هذه المافيا والتخفيف من الأعباء والمشاق التى يتكبدها الشخص المعاق من أجل الحصول على أبسط حقوقه لاسيما وأن غالب ذوى الإعاقة فى مصر من الفئات الأكثر فقرًا فى غالب الأحيان.