توران شاه ملك مصر والشام في الفترة من 1249 إلى 1250، وكان آخر سلاطين الأيوبيين الفعليين على مصر له تاريخ من الحكايات والبطولات ومن أهم القصص التي تروى عنه هي قصة مقتله بالسيف والنار والماء، ويحكي ابن تغري بردي في كتابه النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة عن مقتل توران شاه فيقول: “وكان الذي باشر بقتله أربعة”.
وكان أبوه الملك الصالح أيوب قال لمحسن الخادم: اذهب إلى أخي العادل في الحبس وخذ معك من المماليك من يخنقه، فعرض محسن ذلك على جميع المماليك فامتنعوا إلا هؤلاء الأربعة فإنهم مضوا معه وخنقوه فسلطهم الله على ولده فقتلوه أقبح قتلة ومثلوا به أعظم مثلة لما فعل بأخيه.
كان توران شاه يعيش في حصن كيفا بالشام بينما كان والده الملك الصالح نجم الدين أيوب يصد تقدم جيش الملك لويس التاسع الذى كان قد استولى على دمياط وسار في طريقه إلى المنصورة، وأثناء معركة المنصورة مات الصالح نجم الدين أيوب فأخفت زوجته شجر الدر خبر وفاته عن الجنود حتى لا تتأثر روحهم المعنوية فمنعت الجنود من الدخول إلى خيمة السلطان وظلت توقع الأوراق باسمه وتختمها بختمه وأرسلت إلى توران شاه ليأتي إلى مصر ويتسلم قيادة الجيش وخلافة أبيه على عرش مصر.
وظل خبر موت الملك الصالح نجم الدين أيوب سرا حتى وصل توران شاه إلى المنصورة وقاد الجيش على أحسن حال وتحقق له النصر وقام الجيش المصري بأسر لويس التاسع ملك الفرنسيين وحبسوه في دار بن لقمان في المنصورة.
ويقول المؤرخ المصري إبن إياس الحنفي فى كتابه بدائع الزهور في وقائع الدهور: “لما حصلت هذه النصرة لتوران شاه ظن أن الوقت قد صفا له فتحول من المنصورة إلى فارسكور، فنصب له هناك برجا من الخشب على شاطئ البحر، ثم أحضر الأسارى من الأفرنج وضرب أعناقهم بين يديه بالسيف ثم قذفهم في البحر ثم شرع يقرب جماعة من حاشيته ممن حضر حصن كيفا وصار يعطيهم الوظائف السنية وأبعد مماليك أبيه الملك الصالح وأرسل إلى شجرة الدر زوجة أبيه يعدها بكل سوء، فأرسلت شجرة الدر تقول للأمراء والمماليك البحرية: "اقتلوا توران شاه وعلي رضاكم بكل ما يمكن”.
ويستطرد ابن إياس: “كان توران عنده خفة ووهج في أموره، فكان إذ كسر يصف الشموع في الليل قدامه ويأخذ السيف بيده ويضرب بيه تلك الشموع ويقول: ”هكذا أفعل بالمماليك البحرية"، فلما بلغ مماليك أبيه ذلك أضمروا له السوء وقد تغيرت خواطرهم عليه، فلما كان يوم الإثنين تاسع المحرم سنة 648 هـ الموافق 2 مايو 1250، جلس الملك المعظم توران شاه في الموكب والأمراء بين يديه، فتقدم إليه جماعة من المماليك البحرية وبأيديهم السيوف فضربوه على أصابعه فقطعوها فقام وهرب ودخل ذلك البرج الخشب وأغلق عليه باب البرج فأطلقوا في البرج النار فخرج منه السلطان (وقد اشتعلت فيه النار) وألقى نفسه في البحر وصار يسبح وهو يقول: “خذوا ملككم ودعونى أرجع إلى حصن كيفا”.
فلم يغثه أحد وبقى على ذلك حتى قتل في ذلك اليوم فمات حريقا قتيلا غريقا، فطلعوا به من البحر فبقى مرميا على شاطىء البحر ثلاثة أيام فلم يدفن، ثم دفن في بعض جروف البحر ولم يعلم له قبر.