"عم ظاظا" الجزار الذي يعيش في منطقة السيدة زينب، اختار الرحمة وقدمها على مصلحته الشخصية فحول من بيته جزءً ووهبه للخير ليكون استراحة للأسر مرضى السرطان بالمجان، ومن الأطفال الذين يتلقون العلاج بمستشفى 57357 وليحصد الحب والاحترام الذي بات يتداول قصته بنوعٍ من الإجلال ليس لعم ظاظا، ولكن لقلبه الكبير الذي اتسع لمن لم يتسع لهم الشارع.
لم يتحمل المشهد الأليم الذي يجمع عدة سيدات يفترشن الرصيف، وخيم على وجههن الحزن والألم إثر إصابة أبنائهم بالسرطان، فتارة يعذبون من إصابة أبنائهم، وتارة آخرى يذوقون الأمرين بنومهم في الشارع، الأمر الذي وضعه "عم ظاظا" نصب عينه حيث استغنى عن جزء من منزله، ووهبه لأهالي الأطفال يقطنون فيه فترة العلاج.
"ظاظا" هو اسم ربما يبدو في ظاهره كوميديا فهو مرتبط في أذهان المصريين بفيلم عربي جسد بطله دور مواطن بسيط أصبح رئيسا للجمهورية، وفتح قلبه للمواطنين جميعا ولكن "عم ظاظا" كان رئيسا لجمهورية الخير والعطاء فقد فتح قلبه وبيته المتواضع للمرضى وأسرهم من رواد مستشفى سرطان الأطفال.
لم تقتصر أعمال الخير الذي بادر بها الرجل الذي كان يعمل جزار على اقتطاع جزء من منزله ووهبه إلى أهالي الأطفال، بل رأى معاناتهم في التنقل من محطة مترو السيدة زينب إلى المستشفى، واستغلال البعض من سائقي التكاتك للأمر، إذ أقدم على شراء سيارة "فان" صغيرة لتنقل الأطفال، حيث كانت السيارة تسير في تشيع جثمانه إلى مثواه الأخير، وكأنها تمثل مقولة العمل الصالح يتبع صاحبه.
وتقول أم الطفلة ريتاج، أحد الأطفال المترددين على المستشفى: " منساش أبدا وقفته جنبي في آخر أيام ريتاج وإنها فضّلت إن آخر أيامها تكون عنده ومتسيبوش خالص، ولا مرة طلبت ترجع البيت أبدا.. وقبل وفاتها بأربع أيام نادت عليه وقالتله يا عم ظاظا أنا بحبك أوي وبموت فيك قد الدنيا كلها.. الله يرحمه هو اللي جرى بها على المستشفي، وهو اللي جاب كفنها واتكفل بكل حاجة".
مشهد تشييع جثمان "عم ظاظا" يظل عالق في أذهان العديد من المصريين والمتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ كان هناك حضورًا شعبيًا كثيفًا يودعون الرجل المسن إلى مثواه الأخير، إذ نعاه العديد من المشاهير بعد موته لأنه أصبح مثلًا للعديد من الأشخاص في شتى محافظات مصر.