عندما تقلَّد الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم في مصر عام ٢٠١٤، شهد الجميع اهتمامه بملف المرأة، بل واحترامه وتقديره لها في جميع المواقف، سواء البروتوكولية في كل مشهد يظهر فيه بصحبة حرمه المصون في كل المحافل الرسمية أو بالمكاسب التي حصلت عليها المرأة المصرية في عهده من تعيين ٨ وزيرات في الوزارات المصرية المختلفة؛ لتمثل المرأة بنسبة ٢٥٪ في مجلس الوزراء ومن بعدها شاهدنا التمثيل المشرف للمرأة في البرلمان المصري بحصولها على ١٦٢ مقعدًا وذلك بعد قرار الرئيس السيسي بتعيين ٢٨ عضوًا في البرلمان نصفهم من النساء؛ لتكون نسبة تمثيل النساء في البرلمان ٢٧٪، ولا نغفل أيضا ٢٠ مادة في الدستور المصري عام ٢٠١٤ لضمان حقوق المرأة في شتى مجالات الحياة، بل هناك مناصب قيادية عديدة وصلت لها المرأة المصرية كمستشار أمن قومي ومحافظ والعديد من التعديلات التي وقعت على قوانين الحرمان من الميراث وتغليظ عقوبة التحرش ولم تكتف القيادة المصرية في مصر بدعم كل هذه الخطوات، بل أعلنت السيدة انتصار السيسي عام ٢٠٢١ عامًا للمرأة، وكان لهذا الحدث رسائل عديدة، ومن هنا شعرت النساء المصريات، سواء خارج مصر أو داخلها بتقدم المرأة المصرية في طريقها للحصول على حقوقها التي كانت تحت التهديد إبان فترة حكم الإخوان لمصر، والذي يعرف القاصي والداني رؤيتهم للمرأة.
لا أعرف لماذا تذكرت هذه الحقبة بكل الأصوات العالية التي كانت تعج بكل العبارات التي تحفز كل ما هو مهين للمرأة ومقلل من شأنها عندما شاهدت حلقة أمس للإعلامي عمرو أديب في برنامجه الحكاية.
كان ضيفه المحامي عصام عجاج يدافع بشدة عن فكرة ضرب المرأة وتعنيفها، ولم يكتف بذلك، بل ذهب إلى اتهام الأزهر الشريف بإجازته فتوى تبيح ضرب المرأة، مما دفع «أديب» لطلب اتصال فريق البرنامج بالدكتور إبراهيم رضا، وهو أحد علماء الأزهر الشريف؛ ليشرح هذا الاتهام ويرد عليه.
أوضح الدكتور رضا أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام لم يضرب امرأة قط في حياته وأن الإنسان المسلم يجب أن يقتدي بأخلاق رسول الله، بل وأضاف أن الآية التي تشير إلى ضرب المرأة في سورة النساء فسرها كل العلماء بإنها كانت تشير إلى الضرب بالسواك أو المنديل، والتي ليست من أدوات الضرب، وبالتالي فإن فكرة ضرب المرأة غير موجودة في الدين الإسلامي، وليست من أخلاق المسلمين واستعان بذكر الآية الشريفة «ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين». فما كان من المحامي إلا أنه أصر على فكرة ضرب الرجل زوجته من باب التأديب معللًا ذلك بأنه ليس كل الرجال في أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام، كما ليس كل النساء في أخلاق السيدة عائشة أو السيدة خديجة أمهات المؤمنين.
ولكن دعني أذكرك سيدي الفاضل بمواقف وتعاملات سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم مع زوجاته عندما غارت أم المؤمنين السيدة عائشة عندما أرسلت إحدى زوجات الرسول طعاما إليه في منزلها، فألقت السيدة عائشة بطاولة الطعام وكسرت الإناء، فما كان من رسول الرحمة عليه الصلاة والسلام إلا أن قال: «لقد غارت أمكم» فاحتواء الرسول الكريم لزوجته الغاضبة والغيورة في مثل هذا الموقف وعدم الإساءة إليها هي الأخلاق الحقيقية للإسلام.
أما النائبة أمل سلامة عضو البرلمان المصري، والتي حلت ضيفة بالبرنامج في مواجهة المحامي القائل بضرب الزوجات والتي كانت قد تقدمت بمشروع قانون لتجريم وتغليظ عقوبة ضرب الرجل زوجته لم تستطع أن تتحدث لدقيقة واحدة من كثرة مقاطعة الضيف الثاني لها في كل جملة تقولها حتي لا تستطيع شرح وجهة نظرها، بل والتشكيك في كل الدراسات التي أتت بها من المجلس القومي لحقوق المرأة والجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بقوله إن المجلس القومي لحقوق المرأة غير دستوري، وأضاف متهكما أنه لا يوجد كشك تحت السلم يدافع عن الرجال.
ولكن دعني أقول لك أيها الرجل إنك لست بحاجة إلى هذا الكشك في مجتمع تبتز فيه النساء بل الأطفال لأن أعمارهم لم تتخط خمسة عشر عاما كل يوم بصور مفبركة وتنتحر بحبوب الغلة، والتي لا يرتقي ثمنها لخمسين قرشا في القرى والنجوع نعم تنتحر الفتيات في مجتمعنا كل يوم لأجل دفن الفضيحة التي فبركها جيرانها من الشباب الذين هم رجال مثلك أو أصدقاء جيرانها، هل تعتقد أن في هذا المجتمع الذي تقتل المرأة فيه كل يوم بالضرب أو بالنظرة أو باللمسة والفبركة والكلمة يحتاج فيه الرجل إلى كشك للدفاع عنه، لا والله، ما تحتاجه المرأة ليس فقط قوانين تغليظ العقوبات من قبل البرلمان للحد من جرائم ضرب الزوجات وتشويههن بل تحتاج لقوانين لإدراج تعليم الرياضات العنيفة للنساء منذ الصغر في المدارس فإذا تزوجت الفتاة عن طريق الخطأ برجل يحمل هذه الأفكار تستطيع الدفاع عن نفسها، بل وعن أطفالها فكل يوم تضج المستشفيات والمحاكم وأقسام الشرطة بسيدات يحملن تشوهات بأجسادهن والأسباب جميعها تافهة منهم من لم يحضر الطعام في موعده والأخرى لم ترق إلى مزاجه اليومي، وهناك من لم تستمع إلى كلمات أمه، أو تنظف منزلها هل ولدت النساء في بلدي لتعاني كل تلك المعاناة، بل أزيدك من البيت شعرًا فأقول لك إن أكثر من ٣٠٪ من البيوت المصرية تقيم عليها النساء إما مطلقات أو أرامل أو زوجات لرجال يفضلن عدم العمل والجلوس على المقاهي وابتزاز زوجاتهن.. يحزنني كثيرًا أن القيادة المصرية تبذل أقصي جهد حتي تجعل العالم يشعر بتقدمنا وأننا بالفعل أرض الحضارة؛ أرض حتشبسوت ونفرتيتي وكليوباترا أول ملكات سيدات في تاريخ البشرية.
على الناحية الأخرى يأتي من يحطم هذه الصورة أمام المجتمع الدولي فيشوه الحضارة المصرية والدين الإسلامي ويحقر من شأن المرأة المصرية وهي الأم والأخت والابنة والزوجة والحبيبة ونصف المجتمع.