ضمن البرنامج العلمي والثقافي الذي يقيمه "مركز تريندز للبحوث والاستشارات"، على هامش مشاركته في النسخة الـ 53 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، نظم " جلسة حوارية "اتجاهات التطرف والإرهاب عالمياً في عام 2022"، بالشراكة مع المركز الوطني للدراسات في مصر.
وألقى الكلمة الترحيبية للجلسة، كل من الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، واللواء أحمد الشهابي، رئيس المركز الوطني للدراسات، وأدار الجلسة الدكتور هاني الأعصر، المدير التنفيذي للمركز الوطني للدراسات.
د. محمد العلي: ظاهرة التطرف أخذت أبعاداً خطيرة مع ظهور التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود
وفي البداية، تقدم الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، بالشكر والتقدير إلى المركز الوطني للدراسات على حفاوة الاستقبال، وهو كرم ليس بغريب على الشعب المصري الشقيق.
وأوضح العلي أن ظاهرة التطرف والإرهاب أخذت أبعاداً خطيرة في العقود القليلة الماضية، مع ظهور التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود، التي شكلت تحدياً خطيراً للدولة الوطنية، ولاسيما في العالمين العربي والإسلامِي؛ متسترة برداء الدين الإسلامي الحنيف، لتشكل تحدياً غير مسبوق لمنظومة الأمنين الإقليمي والعالمي.
وأكد أن مواجهة ظاهرة الإرهاب تبدأ بالتصدي للفكر المتطرف الذي يغذي العنف والإرهاب، وهنا يأتي الدور المهم الذي تقوم به مراكز الفكر والمؤسسات الدينية، والثقافية، والإعلامية، والتعليمية من أجل تفكيك الفكر المتطرف ودحضه وإظهار زيفه وخطره على البشر؛ وقد أولى "تريندز" هذا الأمر أهمية كبيرة من خلال نشاطاته البحثية المستمرة والمتواصلة مع شركائه في الداخل والخارج.
وأضاف الدكتور محمد العلي أن التنظيمات الإرهابية المتطرفة جميعها خرجت من تحت عباءة جماعة الإخوان المسلمين بشكل أو بآخر ولها ارتباطات معها، ومن هنا تكتسب جهود مواجهة الفكر الإخواني وتفكيك خطاب الإخوان أهمية خاصة؛ لأنه بداية الطريق نحو القضاء على التطرف الإسلاموي كله، وقد أولى "تريندز" هذا الأمر أهمية خاصة من خلال "موسوعة جماعة الإخوان المسلمين" التي يُصدرها المركز، وستضم نحو 35 دراسة موسعة صدر منها إلى الآن ست دراسات تمت ترجمتها إلى 16 لغة، هدفها تعريف العالم كله بخطر هذه الجماعة وحقيقة مشروعها وتفكيك خِطابها المتطرف.
وأشار إلى أن التطورات التكنولوجية المتسارعة تمثل أدوات مهمة لمواجهة خطاب التطرف والكراهية، ولكنها تمثل أدوات تستخدمها التنظيمات المتطرفة لنشر أفكارها الإرهابية والهدامة والمهددة لتماسك المجتمعات وزرع الفتن أيضاً، مضيفاً أن خطابات التطرف والإرهاب المتنامية لا تقتصر على العالمين العربي والإسلامي فقط، فالتطرف اليميني في ازدياد في أوروبا والولايات المتحدة أيضاً، وهو ما يعني أن خطابات الكراهية والتطرف في تنامٍ عالمياً.
وذكر العلي أن خطر التطرف الديني والإرهاب سيظل، ويبقى التحدي الأول للدول والمجتمعات خلال العقد المقبل وليس خلال هذا العام فقط، في الوقت الذي سيبقى فيه الشرق الأوسط هو الساحة الأكثر عرضة للإرهاب، رغم الجهود الكبيرة المبذولة إقليمياً ولاسيما من جانب مصر الشقيقة، والإمارات، والسعودية، في مواجهة قوى التطرف والإرهاب؛ فتجفيف منابع الفكر المتطرف ليس بالأمر الهين بل يحتاج إلى جهود متواصلة ومستمرة بالتوازي مع المواجهات الأمنية والقانونية لهذهِ القوى.
وتابع: "رغم بعض المؤشرات غير الإيجابية مثل عودة حركة طالبان في أفغانستان، والسلوك الإرهابي المتزايد للميليشيات المسلحة في المنطقة ولاسيما ميليشيا الحوثي الإرهابية، فإنني متفائل بأننا نمضي قُدُماً في طريق التخلص من هذه الجماعات المتطرفة والميليشيات المسلحة التي أعتقد أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة".
أحمد الشهابي: سيناريو "الذئاب المنفردة" هو المسيطر على مشهد الهجمات الإرهابية في أوروبا
ومن جانبه قال اللواء أحمد الشهابي، رئيس المركز الوطني للدراسات، إن الشراكة والتعاون بين "تريندز" و"الوطني للدراسات" مثمران وبنّاءان ويسهمان في دعم مسيرة البحث العلمي على المستويين الإقليمي والعالمي، حيث يسعى الطرفان المصري والإماراتي إلى تكثيف الحوار والنقاش والتعاون الجاد والبناء في إعداد أوراق بحثية ودراسات علمية قيّمة ورصينة تخدم رؤية وأهداف الطرفين وتعزز توجهاتهما العالمية.
وأكد الشهابي أن الانقسام الذي يعصف بجماعة الإخوان المسلمين، ويتجلى في الصراع بين جبهتي محمود حسين وإبراهيم منير، لن يؤدي إلى أعمال عنف في الفترة القريبة أو البعيدة نسبياً، لأن تنظيم الإخوان يأتمر بتعليمات المرشد، والطرفان المتنازعان ليسا أصحاب قرار في التنظيم، كما أن الصراع بين الطرفين سيؤدي إلى خفوت العنف لفترات طويلة.
وشدد على أن الانقسام في صفوف جماعة الإخوان المسلمين لن يؤدي إلى لملمة صفوف الجماعة، إلا في حال ظهور قائم بأعمال المرشد، وهذا مستبعد في الفترة الراهنة، مضيفاً أن الجماعة قبل عام 2011 كانت تسعى إلى إقامة دولة الخلافة، ولكن عندما وصلوا إلى سدة الحكم عام 2012 أظهروا فشلهم على المستويات كافة وبدأ الشعب يلفظهم بشتى السبل، مشيراً إلى أن الخطر يكمن في أن جماعة الإخوان تمرض ولا تموت، ولن تنتهي أذرع الجماعة بين يوم وليلة، وإن لم تنشط في مصر فستنشط في دول أخرى.
وأوضح الشهابي أن سيناريو "الذئاب المنفردة" هو الذي سيسيطر على مشهد الهجمات الإرهابية في أوروبا خلال العام الجاري، في ظل عدم قدرة الجماعات والتنظيمات الإرهابية على لملمة شملها مجدداً، حيث تواصل أوروبا تضييق الخناق على مصادر التمويل، مبيناً أن الفترة المقبلة بالنسبة إلى الجماعات الإرهابية تعتبر فترة إعادة الحسابات وترتيب الأوراق من جديد.
وذكر رئيس المركز الوطني للدراسات أن أي جماعة متطرفة أو تنظيم إرهابي نشأ من رحم جماعة الإخوان المسلمين، وكل هذه التنظيمات تخدم مصالح وأيديولوجية التنظيم، ولكن في وقت التكليف بتنفيذ عمليات إرهابية يكون الأمر موجهاً لجماعة محددة أو فريق بعينه وليس تكليفاً عاماً حفاظاً على السرية ونجاح الهجمات التخريبية التي يقومون بها، موضحاً أن ما يحدث في مالي وأفغانستان بالتحديد، سيزيد نشوة الجماعات الإرهابية ويوهمها بأنها قادرة على إخراج دول عظمى من بلاد تنتشر فيها هذه التنظيمات.