الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

سياسة

«سجناء داعش» قنبلة موقوتة تهدد سوريا

«هدم الأسوار» أكبر عملية للتنظيم الإرهابى منذ 3 سنوات.. و«قسد» تحسمها بعد أسبوع من الاشتباكات

داعش
داعش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فرض الهجوم الكبير الذي شنه تنظيم «داعش» الإرهابي، على سجن المدرسة الصناعية بحي غويران بمحافظة الحسكة السورية، جدلا ونقاشًا كبيرين حول مخاطر عودة التنظيم الإرهابي ومدى قدراته على الصمود والتصعيد في مناطق أخرى، خاصة بعد عملية اقتحامه للسجن عقب محاولات فاشلة سابقة، وصموده أمام قوات سوريا الديمقراطية «قسد» المدعومة من قوات التحالف الدولية.


وبدورها تنفذ قوات سوريا الديمقراطية عمليات تمشيط واسعة لمطاردة الخلايا النائمة وفلول داعش المهزومة، بعدما أعلنت مساء الأربعاء الماضي، نجاحها في السيطرة على كامل سجن الصناعية، وتحرير كل الرهائن، والاستمرار في تمشيط المنطقة ومطاردة بقية العناصر الهاربة.

داعش تزهو بالعملية


ويرى الدكتور مصطفى أمين، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن عملية غويران كانت كبيرة، وأن التنظيم خطط لها بشكل جيد، كما أنه في الوقت نفسه مارس ضغطًا على قوات سوريا الديمقراطية في عدة أماكن حتى يخفف ضغط المعارك عليه في سجن غويران.
ويضيف «أمين» فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، أن التنظيم الإرهابي استهدف إسقاط حامية السجن وهو ما تم بالفعل، حيث اقتحمته عناصره، وسيطرت على السجن، وساعدت المحتجزين على الخروج، كما انتشرت في المنطقة المحيطة وبالأحياء السكنية القريبة، وكلها أمور ساعدت التنظيم على المقاومة.
ويؤكد الباحث فى الإسلام السياسي أن المجموعات التي تسللت إلى السجن مجموعات إنغامسية وهي تعني في مفهوم داعش «مجموعات الموت»، وهي المجموعات التي راهنت عليها داعش في الانتشار والانتصار.
ولفت «أمين» إلى أن التنظيم يعد العملية نجاحا وانتصارًا له، لأنه هدم الأسوار كما أراد وحرر عناصره المحتجزة، ما أعطى له دافعًا معنويًا للاستمرار، حيث أرهقت قوات سوريا الديمقراطية، وأظهرتها في موقف العاجز عن حماية المحتجزين لديها من عناصر التنظيم.
ونفى «أمين» أن تكون «داعش» ألقت بثقلها داخل السجن، قائلًا: «هذا لم يكن صحيحًا، لأن هناك مجموعات أخرى قامت بالهجوم على الكمائن الثابتة لـ(قسد) فى محاولة لإرهاقها وتشتيتها عما يحدث في غويران».
وندد «أمين» بتخاذل المجتمع الدولي لـ«قسد» وتلكؤه في التعامل مع ملف الإرهابيين المحتجزين، بالإضافة لأزمة المخيمات بالمنطقة أيضا، فمن كل هذه الظروف والعوامل استفادت داعش في تنفيذ عمليتها.

تكرار السيناريو في سوريا والعراق

ومن جانبه وصف الدكتور جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، والباحث في قضايا الأمن الدولي، عملية غويران بـ«الهجوم النوعي والأكبر للتنظيم» منذ العام ٢٠١٩.
وقال الخبير الأمنى إن التنظيم خطط لهدف كبير، فالسجن به ما يقرب من ٣ آلاف إلى ٥ آلاف معتقل من عناصر داعش، وهو سجن محصن ورئيسي يقع تحت سيطرة "قسد" والتحالف الدولي، فكانت عملية نوعية كبيرة لهدف كبير.
وتابع، أن عناصر داعشية وصلت لدعم البقية في غويران من مناطق واقعة تحت سيطرة تركيا، وأكد أن هذه العملية تشير إلى قدرة التنظيم في الوقت الحالي للتخطيط لعمليات واسعة، وليس من المستبعد أن يكرر نفس السيناريو مع سجون ومعتقلات أو مؤسسات حكومية أخرى في سوريا أو في العراق.
واستطاع تنظيم داعش بعد عدة محاولات فاشلة أن يقتحم سجن المدرسة الصناعية بحي غويران، الخميس٢٠ يناير الجاري، بعملية سماها «هدم الأسوار» بمشاركة ٢٠٠ عنصر إرهابى من جنسيات عربية وأجنبية، بحسب اعترافات أولية للموقوفين.

اختراق أمني
وكان عنصرًا تابعًا للتنظيم الإرهابى استقل سيارة إطعام، بينما تم تفجير سيارتين بالقرب من بوابات السجن، انطلقت بعدها اشتباكات عنيفة بين عناصر داعش وقوات سوريا الديمقراطية، صاحبها تمرد شديد من العناصر الإرهابية المحتجزة التي أحرقت الأغطية والمواد البلاستيكية داخل المهاجع في محاولة لإحداث الفوضى.
وتمكنت العناصر الإرهابية من السيطرة على جزء من السجن، والتحصن بداخله بعد الاستيلاء على مخزن للأسلحة، كما احتجزت عددا من الرهائن بلغ ٥٠ من العسكريين والعاملين بالسجن بحسب بيانات للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وعززت «قسد» من تواجدها الأمني، وفرضت طوقًا أمنيا حول السجن وحول الأحياء السكنية القريبة والتي تسللها منها وإليها خلايا التنظيم الإرهابي, ومنذ ساعات مبكرة لليوم التالي للهجوم، حلقت مروحيات تابعة للتحالف الدولي، حيث استهدفت مجموعات من خلايا التنظيم في المناطق المكشوفة بمحيط السجن.
وتحدثت تقارير إعلامية عن اختراق أمني تعرضت له «قسد»، وأن صفوفها مخترقة من قبل عناصر داعشية، أبرزها ما قاله رامي عبدالرحمن، مدير المرصد السوري، عبر تصريحات تليفزيونية إن عملية اقتحام السجن تمت عن طريق خرق أمني عبر سائق سيارة إطعام وتفجير سيارتين ثم بدء الاشتباكات التي لم تنته بعد.
وندد مدير المرصد بمجموعات وصفها بمساندة التنظيم الإرهابى، ومساعدته فى خلق حاضنة شعبية له فى المنطقة، كما طالب بضرورة الوقوف بجانب «قسد» التى يقع على كاهلها احتجاز ما يقرب من ١٢ ألف إرهابى ضمن سجونها، وهو ما وصفه بالحمل الكبير على قواتها.

تقديرات حول نتائج العملية الإرهابية
وفي اليومين الأخيرين من الاشتباكات جرت مفاوضات بين الطرفين، تمكنت على إثرها «قسد» من تحرير ٩ من المحتجزين لدى عناصر التنظيم مقابل علاج الجرحى من مقاتلي داعش، وذلك قبل أن تفشل المفاوضات نتيجة مطالب وصفتها «قسد» بأنها غير منطقية، ولم تكشف عنها، بينما توقع مراقبون أن تكون مطالب التنظيم هو الخروج الآمن باتجاه مناطق ينشط فيها داعش.
وقال المرصد السوري، في بيان إن حصيلة ما تم تحريره من الرهائن المحتجزة لدى داعش بالسجن ٣٢ فردا من العسكريين والعاملين بالسجن، معظمهم ممن ظهروا بشريط مرئي بثه التنظيم من الداخل, وفي الوقت ذاته، واصلت عناصر التنظيم الإرهابي إلقاء السلاح وتسليم أنفسهم على دفعات حتى تجاوز عدد المستسلمين لـ١٦٠٠ هارب، ثم ارتفع ليصل إلى 3500 سجينًا، بينما امتنع آخرون وتحصنوا بالمباني التي يسيطرون عليها قبل أن تنفذ «قسد» عمليتها التمشيطية الأخيرة والتي سيطرت فيها بالكامل حتى السجن وإنهاء أزمة استمرت لـ٧ أيام متواصلة.
وأسفرت العملية، وفقا لبيان المرصد السوري لحقوق الإنسان، مساء الأربعاء الماضي، عن سقوط ١٨١ قتيلا، من بينهم ١٢٤ عنصرًا من تنظيم «داعش»، و٧ من المدنيين، و٥٠ من قوات سوريا الديمقراطية. كما أسفرت عن نزوح ٤٥ ألف مدنى من سكان المنطقة خوفًا من عودة داعش بحسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة.

مطالب بكشف تفاصيل الأزمة
وعقب إنهاء أزمة سجن غويران، كتب مدير المرصد السوري، على صفحته بـ«فيسبوك»، أنه من حق السوريين عمومًا، وأهالي شمال شرق سورية خصوصًا بكافة أطيافهم القومية والدينية الحصول على إجابات حول أسئلة مشروعة: «كيف تمكن التنظيم من الوصول إلى سجن الصناعة وتنفيذ أكبر عملياته منذ نحو ٣ سنوات، رغم وجود معلومات استخباراتية سابقة حول مثل هكذا عملية؟ وكم عنصر وقيادي من التنظيم فرَّ من السجن وما مصيرهم؟ وما مصير الأطفال من أشبال الخلافة؟ وهل حقق التنظيم أهدافا غير معلنة؟ وإلى متى سيبقى سجناء تنظيم الدولة الإسلامية قنبلة موقوتة على الأراضي السورية قد تنفجر مرارًا وتكرارًا؟».