استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، بقصر الاتحادية، الرئيس السنغالي ماكي سال، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن اللقاء شهد عقد مباحثات منفردة أعقبتها مباحثات موسعة بين وفدي البلدين، حيث رحب الرئيس بأخيه الرئيس "ماكي سال" في مصر، معرباً عن التقدير للعلاقات التاريخية الوثيقة والتعاون المشترك التي تربط بين البلدين الشقيقين، مؤكداً حرص مصر على تعزيز العلاقات وترسيخ التعاون الاستراتيجي مع السنغال في شتي المجالات لإقامة شراكة مستدامة بين البلدين، خاصةً في ضوء أهمية الدور السنغالي بمنطقة غرب أفريقيا، بما يعكس مزيداً من التنسيق والتعاون فيما يتعلق بقضايا الأمن الإقليمي والعمل التكاملي لإرساء السلام والاستقرار في القارة الأفريقية.
على صعيد العلاقات الثنائية؛ أشاد الرئيس بمجمل العلاقات مع السنغال على الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية، فضلاً عن تنامي التعاون بين البلدين في مجال بناء القدرات في إطار إيمان مصر بأهمية الاستثمار في الموارد البشرية بالقارة، مؤكداً أهمية مواصلة العمل على تطوير مشروعات التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين خلال الفترة المقبلة، خاصةً ما يتعلق بتعزيز التبادل التجاري والاستثمارات المصرية في مختلف المجالات.
من جانبه، أعرب رئيس السنغال عن تقدير بلاده للعلاقات التاريخية المتميزة مع مصر، مؤكداً الحرص على تطوير تلك العلاقات في مختلف المجالات، لاسيما التعاون التجاري والاقتصادي، ليتناسب مع عمق وتميز العلاقات السياسية بين البلدين، ومشيداً في هذا الإطار بنشاط الشركات المصرية في السنغال في قطاعات التشييد والبناء والسياحة والبنية الأساسية، مع الإعراب عن تطلعه لزيادة الاستثمارات المصرية في بلاده، فضلاً عن تعظيم الدعم الفني الذي تقدمه مصر لأبناء السنغال في مجالات بناء القدرات، خاصةً في ضوء الطفرة التنموية الهائلة التي تشهدها مصر حالياً والمشروعات القومية الكبرى الجارية والمخطط إنشاؤها.
وأكد الرئيس "ماكي سال" الحرص على الاستفادة من الجهود والتجربة والرؤية المصرية لتعزيز العمل الأفريقي المشترك وقيادة دفة الاتحاد الأفريقي، خاصةً في ضوء قرب تسلم السنغال لرئاسة الاتحاد خلال القمة الأفريقية السنوية المقبلة، إلى جانب ما تشهده القارة الأفريقية بشكل عام، ومنطقتي الساحل وشرق أفريقيا على وجه الخصوص، من تحديات متلاحقة ومتزايدة، الأمر الذي يفرض تكثيف التعاون والتنسيق مع مصر وقيادتها على خلفية الثقل المحوري الذي تمثله مصر في المنطقة والقارة بأسرها على صعيد صون السلم والأمن، وكذا المواقف المصرية الهادفة إلى تحقيق الاستقرار الإقليمي، والتي دوماً ما تنعكس على الدعم المصري الكبير لمختلف دول القارة على شتى الأصعدة.
وأضاف المتحدث الرسمي، أن اللقاء بين الرئيسين تناول أيضاً التباحث حول آخر التطورات الإقليمية ذات الاهتمام المتبادل، خاصةً قضية سد النهضة، حيث تم التوافق على تعزيز التنسيق والتشاور الحثيث المشترك لمتابعة التطورات في هذا الصدد، لا سيما في ضوء قرب تسلم السنغال رئاسة الاتحاد الأفريقي للعام الجاري.
كما تم مناقشة سبل تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين خلال الفترة القادمة في مجال مكافحة الارهاب في منطقة السـاحل، والارتقاء بقدرات القوات العسكرية الوطنية في المنطقة لمواجهة التنظيمات الإرهابية، أخذاً في الاعتبار الجهود التي تقوم بها مصـر لمكافحة الإرهاب من خلال إقامة الدورات التدريبية لبناء مؤسسات دول الساحل والقارة ككل، وكذا رفع قدراتها في شــتى المجالات الفنية والعسكرية، فضلاً عن برامج مكافحة الفكر المتطرف المقدمة عن طريق مختلف المؤسسات المصرية الدينية العريقة بهدف إعلاء قيم الإسلام الوسطي المعتدل على مستوى القارة الأفريقية.
في ختام المباحثات، شهد الرئيسان مراسم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم واتفاقيات التعاون بين البلدين الشقيقين في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة، والآثار، والثقافة، والرياضة، والإعفاء المتبادل من التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والمهمة.
وألقي الرئيس السيسي كلمة خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع ماكي سال رئيس جمهورية السنغال جاءت كالتالي:
إنه لمن دواعي سروري البالغ أن أرحب بأخي فخامة الرئيس "ماكي سال" والوفد المرافق له في بلده الثاني مصر، والذي تربطني به علاقة أخوة وصداقة توطدت منذ زيارتي للسنغال في إبريل 2019، كما أود أن أنتهز هذه المناسبة لأعرب عن اعتزازي بما يجمع بلدينا وشعبينا من روابط تاريخية ممتدة.
وفيما يتصل بمشاوراتنا اليوم، فقد تناولت بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية خلال الفترة القادمة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية، وأكدنا عزمنا على دفع تلك العلاقات، من خلال زيادة معدلات التبادل التجاري، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة، إضافة إلى التأكيد على أهمية تحقيق الاستفادة القصوى من تدشين مجلس رجال الأعمال المصري السنغالي.
وأكدنا كذلك ضرورة تكثيف التعاون في مجال نقل الخبرات المصرية وتوفير الدعم الفني وبناء قدرات الكوادر الوطنية في السنغال، من خلال مواصلة البرامج التدريبية التي تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في مختلف القطاعات.
تتزامن زيارة أخي الرئيس "ماكي سال" مع قرب تسلم رئاسة الاتحاد الأفريقي، وأود أن أتقدم لسيادته بالتهنئة على قرب توليه لتلك المسئولية، والتأكيد على دعمنا الكامل لسيادته خلال فترة رئاسته للاتحاد وثقتنا في قيادته الحكيمة للعمل الأفريقي المشترك، ونجاحه في قيادة القارة خلال تلك المرحلة التي تشهد العديد من التحديات، وعلى رأسها تعزيز جهود احتواء تفشي فيروس كورونا، والقضاء على خطر التطرف والإرهاب، إضافةً إلى تفعيل التكامل الاقتصادي والتجاري بين دول القارة.
ولقد ناقشنا تأثير جائحة كورونا على القارة الأفريقية، حيث أكدنا أهمية تضافر الجهود القارية من أجل ضمان نفاذ كافة الدول الأفريقية للقاحات، والعمل على توطين صناعتها في القارة، والحد من الآثار السلبية للجائحة بما يمكن دولنا الأفريقية من عودة النشاط الاقتصادي والتنموي.
كما تبادلنا وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الإقليمية والدولية الراهنة، حيث أكدت الاهتمام المصري بجهود صون السلم والأمن وتحقيق الاستقرار في القارة، بما فيها منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي، فضلاً عن منطقة الساحل الأفريقي، والتي تشهد تطورات وتحديات متشابكة نظراً لتفاقم وتمدد الجماعات الإرهابية، وأكدت على استعدادنا لدعم الجهود الأفريقية لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف من خلال توفير برامج التأهيل وبناء القدرات عن طريق الأجهزة المصرية المتخصصة، وكذلك مؤسساتها الدينية العريقة، لإعلاء قيم الإسلام الوسطي المعتدل الذي تنادي به مصر في سبيل القضاء على الإرهاب.
كما تناولت مباحثاتنا التطورات الخاصة بملف سد النهضة، واستعرضت مع فخامة الرئيس السنغالي رؤية مصر المستندة إلى كون نهر النيل مصدراً للتعاون والتنمية وشريان حياة جامع لشعوب دول حوض النيل، حيث أكدت على أهمية التوصل لاتفاق قانوني عادل ومتوازن وملزم ينظم عملية ملء وتشغيل سد النهضة وفقاً لقواعد القانون الدولي ومخرجات مجلس الأمن في هذا الشأن، وذلك في إطار زمني مناسب ودون أية إجراءات منفردة.
كما تبادلنا الرؤى حول استضافة ورئاسة مصر للدورة الـ ٢٧ لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP 27 في نوفمبر ۲۰۲۲، حيث أكدت اعتزام مصر أن تكون رئاستها للدورة معبرة عن تطلعات دول القارة الأفريقية وأولوياتها ذات الصلة بتغير المناخ، لاسيما وأن أفريقيا تعد أحد أكثر مناطق العالم تضرراً من التبعات السلبية للظاهرة، كما أعربت من جانبي عن تطلع مصر خلال الفترة القادمة للتشاور المستمر مع السنغال، بصفتها رئيس الاتحاد الأفريقي، من أجل بلورة موقف أفريقي موحد إزاء القضايا والموضوعات ذات الأولوية للقارة التي سيتم تناولها خلال المؤتمر.
فخامة الرئيس ماكي سال.. لقد أسعدني لقاؤكم اليوم، وإنني أتطلع لمزيد من التعاون فيما بين بلدينا بشكل وثيق لما فيه المصلحة المشتركة لنا ولقارتنا الأفريقية، وأتمنى لجمهورية السنغال حكومة وشعباً كل الخير والاستقرار والرفاهية، وأجدد ترحيبي بكم والوفد المرافق لفخامتكم في بلدكم الثاني مصر.