أكد الكاتب سامح فايز، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية الجهادية، أن محاولة إثبات أن جميع التنظيمات الإسلامية المتطرفة خرجت من وعاء واحد، وتحديدا جماعة الإخوان الإرهابية، أمر يحتاج إلى آلية مختلفة، تضع بشكل دقيق خريطة جغرافية وفكرية تسمح بتتبع مسار الجهاد بالأسماء والأحداث والتواريخ، ما يجعلها قادرة على كشف حجم العلاقات المتداخلة بين التنظيمات، مع بيان الفوارق التفصيلية بينها.
وقال "فايز" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز": إن العمل على تنفيذ هذه الخريطة المهمة مكَّنه من وضع كتابه الصادر حديثا عن دار سما للنشر، تحت عنوان "شجرة الجهاد.. التاريخ العائلي للتطرف"، رصد فيه تحركات جميع الأسماء التي انتهجت العمل التنظيمي المسلح، بداية من النظام الخاص التابع لجماعة الإخوان الإرهابية، وحتى اللحظة الراهنة "وقت تأليف الكتاب".
ويعتقد "فايز" أن اعتماد التنظيمات المسلحة على العمل السري، والهيكل العنقودي في تشكيلاتها، إضافة إلى الانشقاقات المتوالية بين رموزها، أسهم بشكل كبير في صعوبة وغموض إدراك العلاقات بين كافة التنظيمات، ولم تتوقف هذه الصعوبة على المراقبين لتحركات تلك الجماعات بل حتى على أعضاء هذه الجماعات التي لا تستطيع إحكام معرفة مسارات وتحولات الجماعة الواحدة.
وأوضح مؤلف "شجرة الجهاد"، أن دراسة التأثير الذي مارسه منظرو التطرف الأوائل أمثال المودودي وسيد قطب وعبدالسلام فرج وغيرهم، يعطى دلائل قوية على وجود ربط حقيقي بين جميع التنظيمات والتيارات الدينية المتطرفة في كل مكان.
ولفت "فايز" إلى أن إعدام قطب مثلا خلق نوعًا من الانقسامات داخل مجموعة الجهاد، فمنهم مجموعة رأت ضرورة الترتيب لانقلابات عسكرية، وأخرى في الإسكندرية بقيادة رفاعي سرور ويحيي هاشم رأت أهمية حرب العصابات.
وقال "فايز": إن أيمن الظواهري، في بيشاور بباكستان، أعاد تأسيس تنظيم الجهاد مؤمنًا بفكر محمد عبدالسلام فرج في الوصول للسلطة بانقلاب مدعوم بتحرك مدني في الشارع، لذا عمل على اختراق الجيش بمجموعة من العناصر المدربة، إلا أن المخطط تم كشفه بالمصادفة في عام 1993 ليسقط أكثر من ألف جهادي في قبضة الأمن في القضية المشهورة إعلاميا بـ"طلائع الفتح".
وتابع: فيما بعد تحالف الظواهري مع أسامة بن لادن لتكوين "الجبهة الإسلامية العالمية لمحاربة اليهود والأمريكان"، حيث اتبعوا "قتال العدو البعيد" بدلا من فكرة الجماعات الجهادية الأساسية التي ترى أولوية "قتال العدو القريب"، وفي العراق أسس أبو مصعب الزرقاوي "قاعدة الجهاد في العراق" وبمرور الوقت أصبحت "قاعدة الجهاد في العراق والشام" والتي تحولت فيما بعد لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، والذي اعتبرته القاعدة خروجًا على بيعتهم.
وأشار إلى أنه تتبع ظروف نشأة كل جماعة والأسباب التي دعت لوجودها وانفصالها عن الأخرى، متناولا عدد من التنظيمات الحركية مثل الشوقيين في محافظة الفيوم، وتأثرها بجماعة "التوقف والتبين" التكفيرية، وعلاقتهما بتنظيم سيد قطب في 65، كما تطرق إلى مسيرة الجماعات السلفية الخطرة، التي سارت وبشكل متوازي بجانب الجماعات الحركية.