التقى البابا فرنسيس بابا الفاتيكان ، أمس الخميس، في بيت القديسة مرتا، بالكاتبة إديت بروك اليهودية المجرية التي تعيش في إيطاليا إديت بروك والناجية من الاعتقال في معسكر أوشفيتس النازي.
وهذا هو اللقاء الثاني بينهما حيث كان قداسة البابا قد توجه في ٢٠ فبراير ٢٠٢١ لزيارتها في منزلها عقب قراءته مقابلة مؤثرة أجرتها معها جريدة أوسيرفاتوري رومانو تحدثت فيها عما عاشت مع عائلتها من أهوال خلال فترة الاضطهاد النازي. وكان مدير الجريدة أندريا موندا من المشاركين في لقاء الأمس في بيت القديسة مرتا إلى جانب المساعدة الأوكرانية لإديت بروك.
وكان البابا فرنسيس قد قال في ذلك اللقاء الأول إنه جاء إلى منزلها ليشكرها على شهادتها ولتحية الشعب شهيد جنون الشعبوية النازية، كما وطلب الأب الأقدس حينها المغفرة باسم البشرية. وقد تطرق قداسة البابا إلى هذا الأمر أول أمس الأربعاء حيث قال في ختام المقابلة العامة: "من الضروري أن نتذكر إبادة ملايين اليهود والأشخاص من جنسيات ومعتقدات دينية مختلفة. هذه القسوة التي لا توصف يجب ألا تتكرر بعد الآن. أناشد الجميع، ولا سيما المربّين والعائلات لكي يعززوا في الأجيال الجديدة الوعي برعب هذه الصفحة السوداء في التاريخ، لا يجب أن ننساها لكي نتمكن من أن نبني مستقبلا لا تُداس فيه كرامة الإنسان".
وأشارت الصفحة الرسمية للفاتيكان صباح اليوم الجمعة، إلى أن لقاء أمس مع الكاتبة المجرية في بيت القديسة مرتا ما يزيد عن ساعة وشمل العديد من المواضيع والذكريات، وإن تمحور حول يوم الذكرى وأهمية نقل الذاكرة إلى الأجيال الجديدة، إلى الشباب. وشدد كل من البابا فرنسيس والسيدة بروك على قيمة نقل ذاكرة الماضي إلى الشباب وحتى الأطفال رغم قسوة أحداث هذا الماضي، وذلك لتفادي السقوط في المآسي ذاتها، حسب ما جاء في بيان لدار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي. وقد كررت إديت بروك التأكيد على هذا في مقابلة أجراها معها موقع فاتيكان نيوز، مشيرة إلى أن البشر لم يتعلموا من أخطائهم، لم يتعلموا من أوشفيتس أو من فيتنام.
وخلال لقاء أمس روت الكاتبة بروك لقداسة البابا ما تقوم به من عمل ونشاط، ما بين المشاركة في أحداث كثيرة وعدد كبير من المقابلات التي أجريت معها لمناسبة يوم إحياء ذكرى ضحايا المحرقة. وتوقفت بشكل خاص عند ما وصفته بالحج إلى المدارس الإيطالية، وذلك للحديث إلى الأطفال والفتية حول ما عاشت، ما فقدت وما اكتشفت. وأكدت في حديثها للأب الأقدس أن هذا نشاط أساسي للمجتمع ولها هي أيضا. ومازحها البابا فرنسيس قائلا إنه يجدها أكثر شبابا من اللقاء السابق بفضل هذا العمل. وأرادت الكاتبة لفت الأنظار إلى لمسها تأثير أحاديثها هذه على الشباب والفتية، وتابعت أنها تريد أن تقول للآباء والأمهات أن أبناءهم هم أفضل مما يتخيلون. وفي تعليقه على هذه الكلمات شدد قداسة البابا مجددا على أهمية التواصل بين الآباء والأجداد والأحفاد، بين المسنين والأجيال الجديدة.
هذا ولم ينقطع الحديث بين البابا فرنسيس وإديت بروك سوى خلال تبادل الهدايا، حيث أهدى قداسته السيدة بروك وشاحا أبيض اللون من الصوف أمام الانخفاض الكبير لدرجات الحرارة، وأيضا ميدالية حول زيارته إلى القدس. أما الكاتبة فأهدت الأب الأقدس قطعة من الخبز كرمز لروايتها الشهيرة "الخبز الذي عُثر عليه مجددا"، وأيضا لما تعيش الكاتبة من سلام داخلي رغم الذكريات الحية لما عاشت من أهوال. وشملت هديتها إلى البابا فرنسيس أيضا كتابين أحدهما ترجمتها لمجموعة قصائد للشاعر المجري رادنوتي الذي ذكَّر الأب الأقدس خلال زيارته بودابست العام الماضي بما تعرض له من اضطهاد لكونه من عائلة يهودية.
جدير بالذكر أن البابا فرنسيس تبادل حديثا قصيرا خلال لقاء الأمس مع المساعدة الأوكرانية للكاتبة إديت بروك، أولغا، والتي طلبت من الأب الأقدس الصلاة من أجل أوكرانيا وأكد البابا صلاته من أجل هذه البلد.