فتح الشاب «صادق» عينيه على الدنيا وجد نفسه في أسرة بسيطة الحال، الأب عامل بسيط والأم ربة منزل، لا مكان للرفاهية بل يسعون لتوفير متطلبات الحياة اليومية فقط، ليقرر دخول معترك الحياة مبكرا، حتي يريح والده الذي تقدم في السن من عناء ومشقة العمل، فمع الضوء الأول للشمس معلنة نهار يوم جديد، يخرج الابن البار، بحثا عن لقمة العيش في الشوارع والميادين أملًا في توفير بضعة جنيهات يعود بها لعائلته في المساء محملا بـ«بشاير الخير»، ومن ثم الخلود إلى النوم لأخذ قسط من الراحة يمنحه القدرة على مواصلة العمل في اليوم التالي، لكنه لم يتخيل أن الفصل الأخير من حياته سيكتب علي يد مجموعة من البلطجية بسبب خلافات علي المرور بالطريق، بعدما تعدوا عليه بالضرب بأسلحة نارية وبيضاء، في مشهد ماسأوي أضحي حديث أهالي منطقة الخصوص التابعة لمحافظة القليوبية.
داخل حجرة صغيرة في منزل بسيط يقودك الحزن نحو أعتابه، جلست السيدة «عصمت» وسط سيدات متشحات بالسواد، تجفف دموعها حزنا على فقدان نجلها الذي قتل غدرا لتروي لـ«البوابة نيوز»، تفاصيل الواقعة قائله: «إحنا ناس عايشين في حالنا وحياتنا كلها بنجري ورا لقمه العيش بالحلال، وكل ولادي ربيتهم على كده ومنهم، صادق- المجني عليه- وشهرته أحمد، كان شابا محترما وملوش في المشاكل، شال عننا الحمل وتحمل مصاريفنا وعلاج والده، وكان مراضيني» مستطردة: «حياتي جحيم من غيره وقلبي كل بيوم بيقطع عليه».
وأضافت الأم باكية: «في عام 2014 تزوج وكوّن أسرة وربنا رزقة بثلاثة أطفال أكبرهم يدرس بالصف الأول الابتدائى، وكان الله يرحمه شغال في الخردة، بيجمع خردة وحديد وكان رزقة على الله، يخرج الصبح ويرجع بالليل يشوف طلباتي ويقولي متشليش هم أي حاجة يا أمي».
وتابعت: «في شهر فبراير من العام الماضي، وقعت مشادة كلامية بين ابني وبين أفراد عائلة أخري كبيرها شخص يدعي حمدي زيان، وهم من ذوي النشاط الإجرامي، وحينها تعدوا بالضرب عليه مستخدمين أسلحة بيضاء، وبعد عدة محاضر في قسم الشرطة، وتدخل عقلاء المنطقة، تم الصلح بينهما ورفض ابني أخذ المبلغ الذي حدده كبار المنطقة، وقال لهم: أنا عفوت لوجه الله على أن يلتزم كل طرف بالورق الذي تمت كتابته بيننا».
وأوضحت: «جرت الأمور طبيعية حتى نهاية شهر ديسمبر الماضي، حيث توجه نجلي كعادته لجمع الخردة، وبمجرد مروره أمام أرض حمدي زيان، وجد الخفير يسد الطريق فطلب منه نجلي التوسعة حتي يمر، فتطاول عليه الخفير ببعض الكلمات محدثًا إياه: أنت إيه اللي جابك هنا.. ومتعديش من هنا تاني، وبمجرد دخوله أحد المنازل لرفع البضاعة خرج فوجد حمدي زيان وأسرته قد حضروا بعدما اتصل بهم الخفير وطلب منهم الحضور».
وتابعت الأم: «خلال ثوان تبادلت الأجواء، بعدما أمسكت أسرة حمدي زيان بنجلي وتعدوا عليه بالضرب بسلاح أبيض، حتي سقط على الأرض غارقاً في دمائه، ومنعوا الأهالي من إنقاذه، وبعدها طلب حمدي زيان من نجله أن يطلق النار على نجلي وهو ملقي الأرض، فأطلق عليه الرصاص، وبعد محاولات نجح أحد الأهالي في نقله علي دراجة بخارية نحو المستشفي وبعد أيام فارق الحياة متأثرا بجراحه».
وواصلت: «دول ناس بلطجية حرموني من نور عيني، وأنا عايزة حق ابني بالقانون، الشرطة مسكت ناس منهم وسلاح منهم، لكن حمدي زيان وابنه عماد لسه هاربانين ولم يتم ضبطهما».
وناشدت والده الضحية المستشار حمادة الصاوي، النائب العام، بالوقوف إلى جوارها، حتى تسترد حق نجلها، الذي قُتَل غدرًا، مختتمة بقولها: «لن يريح قلبي سوى إعدام المتهمين».