فى الوقت الذى تعانى فيه البورصة المصرية من انخفاض حجم السيولة المتاحة للتداول، استقبلت المقصورة الرئيسية للسوق خلال أول ٢٥ يوما من العام، طرح أسهم اثنين من الشركات، وهما شركة مرسليا المصرية الخليجية للاستثمار العقارى، والتى انتقلت من التداول بسوق الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى السوق الرئيسية.
كما تم قيد وطرح أسهم شركة نهر الخير للتنمية والاستثمار الزراعى، لتمثل أولى الشركات العاملة بمشروع المليون ونصف المليون فدان، والتى تطرح أسهمها فى سوق الأوراق المالية، وهو نتاج لحالة النشاط والزخم التى تقوم به إدارة القيد والترويج، والتى تستهدف زيادة المنتجات المتاحة للتداول بالسوق المصرية، وبالتالى زيادة شهية المتعاملين لمعاودة الدخول إلى السوق.
وأكد الخبراء أن دخول منتجات جديدة يمثل ظاهرة إيجابية، قد تساعد السوق فى جذب سيولة جديدة، شريطة أن تكون الأسهم المدرجة ذات ثقل مالى وضمن القطاعات النشطة، وطالبوا بضرورة أن تسارع الدولة بطرح شركات حكومية وبعض الشركات المحركة للنشاط الاقتصادى كشركات التشييد والبناء.
وقال إيهاب سعيد، خبير أسواق المال وعضو مجلس إدارة البورصة، إن طرح شركات جديدة فى السوق المصرية إجراء جيد ويحسب لصالح إدارة القيد والترويج بالبورصة المصرية، والتى تعمل على قدم وساق من أجل جذب شركات ومنتجات منتوعة للسوق المصرية خلال السنوات الأخيرة.
وأوضح «سعيد»، أن هناك بعض المعوقات التى قد تحد نجاح تلك الشركات فى السوق المصرية، أهمها على الإطلاق هو انخفاض حجم السيولة المتاحة فى السوق، والتى يشهدها السوق المصرية منذ بداية العام، خاصة بعد خروج ما بين ٣٠ : ٤٠٪ من السيولة التى كانت تتم المضاربة عليها فى الأسهم الكبرى، الأمر الذى انعكس بالسلب على حركة وأداء المؤشر الرئيسي EGX٣٠ ، والتى تسير فى اتجاه عرضى مائل للصعود، وبالتالى نجد أن أغلب الأسهم تتحرك حول أدنى مستوياتها السعرية، متأثرة بأداء الأسواق العالمية.
وأضاف، أن هناك عوامل خارجية قد تؤثر على عدم استجابة البورصة المصرية للإجراءات الإيجابية، التى تتم وتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلى، وذلك لأن الشركات المحركة للنشاط الاقتصادى بمصر غير مدرجة بالبورصة المصرية.
وطالب بضرورة أن تتجه الدولة بطرح أسهم الشركات العاملة فى قطاعات الأسفلت والقطاعات العقارية والتشييد والبناء والتى تشارك بالمشروعات القومية.
وأرجع سعيد حالة الهبوط وانخفاض السيولة بالسوق المصرية إلى تأثر بورصة مصر بالبورصات العالمية، والتى تشهد حالة من التراجع، وهو نتيجة لحالة الارتباط بين جميع أسواق المال على مستوى العالم، قد تختلف بين سوق وأخرى وفقا للأوضاع الداخلية، ولفت إلى أن طبيعية البورصة المصرية ساهمت فى حدوث ذلك نظرًا لوجود مشاكل فى العملة المحلية وغياب البضاعة وعدم تعبير السوق عن الوضع الاقتصادى.
وقال نادى عزام، خبير أسواق المال، إن طرح أسهم شركات جديدة خطوة حسنة وتحسب لإدارة البورصة المصرية، إلا أن السوق المصرية لا تزال فى حاجة لأسهم بقطاعات استراتيجية ومهمة لتستعيد نشاطها وتبدأ رحلة الصعود المرتقبة منذ فترة، وأشار إلى أن نقص السيولة هو الشبح الذى يطارد نجاح كل الطروحات المنتظرة.
وأوضح عزام أن هناك فارقا بين طروحات لشركات تستطيع جذب سيولة من خارج السوق وطروحات لشركات تسحب سيولة من شركات أخرى موجودة بالفعل فى السوق، وأن السوق لا تزال تبحث عن ضالتها بطرح أسهم شركة كبرى ناجحة، تحفز المستثمر الأجنبى والمؤسسات الخارجية للتنافس واقتناص فرصة الدخول فيها كالشركات الحكومية وبعض الشركات المملوكة لمؤسسات الدولة والتى تقود النشاط الاقتصادى المصرى منذ سنوات. وأشار عزام إلى أهمية تنويع المنتجات المتاحة للتداول أمام المتعاملين، ولكن يجب التركيز على الشركات التابعة للقطاعات النشطة بالفعل كقطاعات التشييد والبناء وشركات البترول والشركات الغذائية، والعاملة فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مطالبا بضرورة التركيز على الشركات القوية ذات الثقل المالى التى تقود السوق.
ويتفق أحمد يونس، رئيس الجمعية العربية لأسواق المال، فى الرأى مع سابقيه، وأكد أن طرح مزيد من الشركات وتنويع المنتجات المتاحة للتداول أمام المتعاملين من الأمور الجيدة والتى طالما طالبنا بها على مدار السنوات الماضية، ولكن السوق المصرية تفتقر حاليا للأسهم القيادية ذات الوزن النسبى المؤثر على المؤشر الرئيسي- EGX٣٠K ، وأشار إلى أن السوق لا تزال تعانى من تحكم عدد محدود من الأسهم على حركة المؤشر الثلاثينى، والتى بدورها لا يمكن أن تعبر عن النشاط الاقتصادى، فلا يوجد ضمن تلك الشركات أسهم لشركة مملوكة للدولة.
وثمن رئيس الجمعية العربية لأسواق المال، جهود إدارة البورصة فى تعريف الشركات بأهمية الإدراج والطرح فى البورصة المصرية، من خلال عقد مقابلات عديدة مع الشركات بكل القطاعات، وكذلك العمل على الترويج الجيد لجذب مستثمرين جدد إلى السوق بعقد لقاءات ومؤتمرات بالمحافظات المختلفة، إلا أن ذلك ليس كافيا، إذ أن السوق المصرية تحتاج إلى جذب المستثمرين الأجانب والمؤسسات المالية والتى لا تدخل أسواق المال الناشئة إلا بعد دراسة متأنية.
وأكد على أهمية التركيز خلال الفترة المقبلة على الشركات القوية والشركات الحكومية ومؤسسات الدولة والتى من خلال طرحها يمكن أن تفتح وتروج للبورصة المصرية بصورة أفضل، مطالباً بضرورة تحديد جدول زمنى لطرح الشركات خلال الأشهر القليلة المقبلة، والتى قد تمثل نقلة حقيقية للبورصة المصرية.
وتابع: أن ظروف السوق المصرية فى الوقت الحالى غير ملائمة لاستقبال أسهم جديدة خاصة الشركات غير المعروفة، لذلك يجب التركيز على طرح أسهم الشركات المشهورة، والتى من الممكن أن تجتذب أموالًا جديدة من خارج السوق، ولنا فى طرح أسهم شركة المصرية للاتصالات عام ٢٠٠٥ عبرة، إذ ساهم طرحها وقتها فى اجتذاب أموال جديدة لم تكن داخل السوق قبل الطرح، وذلك كفيل لإنجاح الطروحات وجذب سيولة تجدد الدماء داخل البورصة المصرية.