لا يزال ملف الطاقات الجديدة والمتجددة يشغل العالم بأسره، وذلك في ظل معاناة جميع دول العالم الغنى منها، والفقير من الآثار السلبية للتغيرات المناخية وتقلبات الطقس، وأشار علماء الى أن الملجأ الوحيد من هذه الازمة يتمثل في حماية البيئة وتطبيق الضوابط والأبعاد البيئية بكافة المشروعات، وخفض وتقليل الانبعاثات الكربونية وذلك للعمل على تقليل درجة حرارة الأرض، وكل ذلك لم ولن يأتى إلا من خلال استخدام طاقة نظيفة وتتمثل في الطاقات الجديدة والمتجددة.
وأجرت “البوابة نيوز” حوارًا مع الدكتور ماجد كرم المدير الفنى للمركز الإقليمي لإنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة ، وفتح عدة ملفات مطروحة على الساحة الدولية، منها استضافة مصر للقمة العالمية للمناخ بشرم الشيخ، والفقر المدقع الذي يعانيه عدد من الشعوب العربية في الطاقة والكهرباء، وخطط المنطقة العربية في التوسع في الطاقات المتجددة، وتأثير كورونا على الطاقة، بالاضافة الى ضرائب الكربون التي فرضها الاتحاد الاوروبي على البلدان العربية، ورؤية الرئيس السيسي بالتوسع في نشر الطاقات المتجددة بأفريقيا والى نص الحوار:
- ما هو دور مصر لمواجهة التغيرات المناخية؟
التغيرات المناخية وتقلبات الطقس التي تواجه العالم من بينها جمهورية مصر العربية والدول الإفريقية الشقيقة سريعة جدا، حيث إن مصر لديها موقع ريادى بالمنطقة العربية بكافة المجالات بما فيها ملف الطاقات المتجددة، ولديها رؤية موسعة نحو الاستدامة البيئية ومراعاة أبعاد البيئة بكافة المشاريع القومية بالبلاد وكل ذلك من شأنه يعمل على خفض الانبعاثات الكربونية وحماية البيئة ويحد من التقلبات المناخية، بالاضافة الى الخطط التي تطبقها بكل الوزارات ويشرف عليها مجلس الوزراء لخفض الانبعاثات.
- وما حقيقة حرمان 80 مليون عربي من الكهرباء؟
المنطقة العربية تنقسم إلى توجهين في التعامل مع قضايا تغير المناخ، حيث إن هناك توجه يريد بقاء الحال على ماهو عليه تجاه التغير المناخي ويرجع سببه إلى أنه لفترة طويلة جدا اعتمدت أغلب البلدان العربية على النفط والغاز، في حين إن هناك دول أخرى عربية لديها فقر مدقع للطاقة، حيث إنه يوجد دراسات إعلن عليها المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة تتضمن أنه يوجد حوالي 12% من السكان العرب يفتقدون مختلف انواع الطاقة، اي حقيقة وفعلا هناك اكثر من 80 مليون لا يتمتعون بخدمات الكهرباء، ولكن عدة دول عربية تسعى الى التحول فعليا من الطاقة من الأحفورية المتناهية الى الطاقات المتجددة والمستدامة، حيث تعد تلك الطاقات السبيل الوحيد لنجاة هذه الشعوب.
ومن كل عشر أسر يوجد أربع أسر فقط تتمتع بالكهرباء، وستة لم يتمتعوا بالطاقة على الإطلاق وذلك بدولة السودان الشقيقة، وأشدد على ضرورة موازنة الدول العربية والافريقية لبعضها البعض لتغيير المسار الى قاطرة التنمية، والتوجه التانى يؤكد ضرورة وضع خطط مستقبلية للحد من الانبعاثات وزيادة قاطرة التنمية.
- ماذا عن خطط ورؤية المنطقة العربية تجاه مشروعات الطاقات المتجددة؟
أرخص سعر للكهرباء الناتجة من الطاقة المتجددة يتواجد بالمنطقة العربية، وذلك في كل من مصر والسعودية والإمارات والمغرب ودولة الأردن، وهذا نتيجة تنفيذ العديد من الآليات المخططة من قبل القادة، وذلك بسبب استهدافها لإقامة مشروعات كبرى قومية للطاقات المتجددة وعملها على جذب الاستثمارات، حيث إن هناك رؤية لجمهورية مصر العربية تتضمن الوصول الى مزيج من الطاقات المتجددة بنسبة 42% من مزيج الكهرباء بعام 2035، كما أن أهداف دول المغرب تتمثل في الوصول بالطاقات المتجددة نسبة 52% بعام 2035، بالاضافة الى الحياد الكربوني لدولتى السعودية والإمارات وغيرها من الدول بعام 2050 و2060، قائلا:" إننا في احتياج لخطط قصيرة المدى ومتوسطة المدى تنفذ على أرض الواقع تجاه مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة.
- ما هي سبل نشر آلية الاستثمار في المشروعات قصيرة المدى نحو الطاقة المتجددة؟
لا بدّ من وجود خطة واضحة تبرز بالتفاصيل الدقيقة كم مشروع للطاقة المتجددة للمشروعات قصيرة ومتوسطة المدى سوف ينفذ على أرض الواقع، وبكم قطاع، وآلية التنفيذ، وبكم جيجا /وات، بالإضافة إلى أهمية تحديد آلية الاستثمار بتلك القطاعات، ووجود تخطيط تفصيلي قصير ومتوسط المدى لمشروعات الطاقات المتجددة وليس بعيد المدى فحسب، حيث إن قطاع الطاقة بجنوب افريقيا قاموا بتقديم خطط لحزم من المشروعات المطلوب تمويلها فورا من أجل الطاقة المتجددة وهي مشروعات قصيرة المدى وبالتالى تم تخصيص مبلغ مالى قدره 8.5 مليون دولار لهم من قبل المؤتمرات الدولية.
وأؤكد ضرورة توضيح المشروعات المزمع تنفيذها في مصر خلال العشر سنوات القادمة بمجال الطاقة، حيث إنه بلاشك أن مصر تبدأ في ملف الطاقة المتجددة من منطق قوة وذلك لأننا دول رائدة أنشأنا بالفعل مشروعات عظمى لانتاج الطاقة المتجددة على راسها الطاقة الرياح بمنطقة بنبان بأسوان.
- ما هو التأثير السلبي الذي ألحقته جائحة "كورونا" بقطاع الطاقة المتجددة؟
تسعى أغلب الدول العربية حاليا إلى تنفيذ سياسات مستقبلية قوية تجاه الاقتصاد منخفض الكربون والاستفادة من القيمة الاقتصادية الهائلة للتوسع في المشروعات، بالاضافة تصدير الطاقة النظيفة للدول المجاورة، حيث إن انتشار جائحة كورونا بجميع دول العالم أدى إلى تضرر قطاع الطاقة العالمي بشكل كبير حيث تم انخفاض الطلب على الطاقة بجميع أنواعها بسبب إغلاق المدن، وفرض قيود التنقل والسفر والإجراءات الاحترازية، حيث كان قديما قد تجاوزت استثمارات الطاقة المتجددة وبالتحديد مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وحدها 17 مليار دولار وذلك العقد الماضي ولكن بسبب كورونا تراجعت هذه النسبة بشكل ملحوظ، وقد عانى قطاع الطاقة المتجددة بشكل خاص وقطاع الكهرباء بشكل عام من آثار عدة بسبب وباء كورونا ومن أهمها الاضطرابات في الطلب وخاصة في القطاعات الإنتاجية مع تكرار الإغلاقات الكلية والجزئية تباعًا لتطورات الأوضاع الصحية في كل دولة، واضطرابات سلسلة التوريد وبخاصة المعدات ومكونات المحطات المستوردة.
- ما مقدار احتياج مصر من الطاقة المتجددة مستقبلا؟
مصر تنتج حاليا حوالى 6 آلاف جيجا /وات طاقة متجددة بالوضع الحالى، وتحتاج إلى 52 ألف جيجا/وات من الطاقة المتجددة وذلك في إطار بيئي، ومع مراعاة الأبعاد الاشتراطات والضوابط والقياسات البيئية، وذلك خلال الخمسة عشر سنة القادمة، وهذا يعنى أننا سنويا نحتاج من 3 الاف الى 4 آلاف جيجا/وات، كما يعنى ذلك أننا كل عام نحتاج الى مشروعين للطاقة المتجددة مثل مشروع بلبان بأسوان والذي يقدر استثماراته بـ2 مليار جنيه، وهذا يعنى أننا نحتاج إلى مشروعين للطاقة المتجددة كل عام تصل استثماراتها الى 4 مليار ات.
- وما أجندة مصر لاستضافة الـCOP 28 للتغيرات المناخية بنهاية 2022 ؟
مصر تسعى على قدم وساق حاليا من اجل التحضير لقمه شرم الشيخ للتغير المناخي، حيث يعد على رأس أجندتها وأهدافها وأولوياتها هو جذب الاستثمارات بمختلف انواعها، لأنها فعلا فرصة جوهرية للبلد المستضيفة للقمة بأن تحصل على تمويلات واستثمارا بملايين الدولارات، وأنا أشدد بضرورة إشراك المواطن في فهم قرارات البلاد، حيث إن هذه المشاركة سوف تؤدى إلى وجود التفاف مجتمعي حول القضايا والمشروعات القومية بالبلاد، حيث أنه من الضرورى أن يتم تحديد مصير مشروعات الطاقة المتجددة لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة والموزعة للطاقة المتجددة حيث يوجد بالبلاد حوالي 230 شركة للطاقة المتجددة، لذلك لابد من العمل والسعي جاهدا حتى تكون من الشركات العالمية، حيث إنه يوجد 60% من ماكينات الري تعمل بالديزل منذ ستينات القرن الماضي.
- ما هي آلية ربط مشروعات الطاقة المتجددة بالماء والغذاء؟
ضرورة عمل خطة مكبرة من قبل البلدان العربية وعلى رأسها جمهورية مصر العربية من اجل الترابط بين قضايا الطاقة والماء والغذاء بمجتمعتنا العربية، حيث تعد دولة المانيا رائدة في هذا المجال، حيث يوجد بأغلب محافظات مصر حوالى مليون ماكينة ري تعمل بالديزل، 60% منهم يرجع الى ستينات القرن الماضي، لذلك فأنا أشدد على ضرورة وجود برنامج وطني يعمل على إحلال مضخات تعمل بالطاقة الشمسية بمنظومة الري بالبلاد، حيث يوجد بدايات كثيرة ناجحة فعلا، ولكنه لم يوجد حاليا وحتى الآن برنامج وطني حقيقي تعمل عليه البلاد بهذه الجزئية، حيث يحتاج هذا البرنامج الى وجود آلية للاستثمار وتشريعات، وسياسة واضحة من الدولة.
- وماذا عن ضرائب الكربون التى فرضها الاتحاد الاوروبي على المنتجات العربية؟
لم تجد الصناعات العربية بما فيها المصرية فرص للتنافسية والتشارك بالسوق التنافسي العالمي ما لم تخفض انبعاثاتها الكربونية، وتحد من الغازات الدفيئة التي تتصاعد من قبل المنشآت الصناعية وغيرها من القطاعات، حيث انه يوجد دراسات عديدة توضح بأن انقطاع التصدير لدى منتجات الدول العربية سوف يؤثر على الأرباح بنسبة تتراوح ما بين 10 إلى 60% طبقا لانقطاع المصدر، حيث إن الاتحاد الأوروبي وكثيرا من الدول الأوروبية الفترة المستقبلية القادمة سوف ترفض دخول أي بضائع أو منتجات من الدولة المتسببة في زيادة الانبعاثات الكربونية والغازات الدفيئة الحرارية، لذلك من الضروري التزام الدول بالسياق الدولي، وهذه تعد رسالة تهديد الى الدول الملوثة للبيئة وتزيد من انبعاثاتها الكربونية، فمن الضروري تحقيق التنمية السليمة بصورة سريعة.
- ما رؤية الرئيس السيسي تجاه التوسع في نشر الطاقات المتجددة بأفريقيا؟
إن رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي نحو مبادرة جمهورية مصر العربية لنشر الطاقة المتجددة بأفريقيا، أسفرت عن توفير 10 جيجا/وات على مدار خمس سنوات، حيث إن المبادرة مستمرة حتى تصل إلى هدفها وهو تحقيق 300 جيجا/ وات، وتلعب مصر دور كبير محورى لجذب التمويلات لأفريقيا، بالإضافة نشر شركات الطاقة المتجددة المصرية بأفريقيا، وأضاف قائلا:"إننا نسعى لتحويل أفريقيا من إدارة الفقر إلى إدارة الثروة، حيث إن قمة التغيرات المناخية الثامنة والعشرين المقرر عقدها بمدينة السلام شرم الشيخ تعد فرصة عظيمة لمصر وللقارة الأفريقية للحصول على استثمارات لرفعة البلاد وتطورها وتنميتها وحماية البيئة في ذات الوقت.