من أشهر الأمراض التي شهدتها البشرية على مر التاريخ مرض الطاعون الأسود الذي يعد معلومات أخطر وباء فى القرون الوسطى، وكان الطاعون الأسود أسوأ كارثة تتعرض لها أوروبا، وأسفر عن مقتل ما بين 75 مليونا و 200 مليون شخص، وبلغ ذروته في أوروبا من عام 1347 إلى عام 1351.
ظهر الطاعون أولاً في آسيا الوسطى وشرق آسيا بين 1320 و1330، وانتقل لأوروبا تدريجيا عبر السفن القادمة من موانئ آسيا، المحملة بالبضائع والفئران الحاملة للبراغيث الحاملة للمرض، وبحلول عام 1347 وصل الطاعون الأسود لعاصمة الدولة البيزنطية، القسطنطينية، حيث كان يقتل في اليوم نحو 5 آلاف شخص، ومن هناك انتقل المرض بالسفن لجزيرة صقلية الإيطالية وجنوة وفلورنسا، وقبرص وفرنسا.
وصل الطاعون لألمانيا وإنجلترا، حيث قتل ثلث سكان لندن، وواصل انتشاره لشمال وشرق أوروبا، ويقدر أن الطاعون قتل بين 30% و60% من سكان أوروبا وإجمالا، ربما يكون الوباء قد أدى إلى خفض عدد سكان العالم من 475 مليون نسمة آنذاك إلى نحو 350 مليون نسمة في القرن الرابع عشر واستغرق الأمر نحو 200 عام حتى عاد عدد سكان أوروبا إلى مستوياته قبل الوباء لكن بعض المناطق مثل مدينة فلورنسا الإيطالية تعافت فقط بحلول القرن التاسع عشر.
وخلقت آثار الطاعون سلسلة من الاضطرابات الدينية والاجتماعية والاقتصادية، والتي كان لها آثار عميقة على مجرى التاريخ الأوروبي، وكانت بداية انهيار الامبراطورية البيزنظية، وأدى الطاعون إلى بدء هجرات جماعية للمدن مما أدى إلى تغييرات فى البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لأوروبا، فقد مات كثير من الفلاحين في أوروبا حتى فقدت طبقة الإقطاعيين، خاصة في انجلترا، قبضتها، وتم قتل مرضى الجذام وغيرهم من المصابين بأمراض جلدية مثل حب الشباب أو الصدفية في جميع أنحاء أوروبا وخلال هذه الفترة، انتقل كثير من اليهود من دول أوروبا الغربية إلى دول شرق أوروبا مثل بولندا والمجر.