الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

موازنة 2022 وزيادة الإنفاق العام والتطلع لمستقبل أفضل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

إن أهم ما تتميز به النفقات العامة في الاقتصاديات المعاصرة هو اتجاهها نحو التزايد المضطرد، فيما يتعارف عليه بظاهرة تزايد النفقات العامة، والتي برزت بشكل جلي بتطور الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للدولة، خاصة بعد التحول الذي عرفه دور الدولة في الاقتصاد " من الدولة الحارسة إلى الدولة المتدخلة فالمنتجة" وتوسع أوجه نشاطتها المختلفة.

فالنفقة العامة تنفذ سياسة مالية وهى سياسة تختلف من دولة لأخرى، وداخل نفس الدولة تختلف من وقت لآخر حسب الظروف الاقتصادية بمعنى أن حجم الإنفاق العام يختلف من دولة الى أخرى ويختلف كذلك داخل نفس الدولة من مرحلة إلى أخرى، وهنا نجد أن حجم النفقات العامة يتوقف على مجموعة من المحددات الأساسية مثل دور الدولة فى حياة المجتمع وقدرة الدولة على تحقيق الإيرادات العامة بالإضافة إلى مستوى النشاط الاقتصادي للدولة.

وعن أسباب نمو وتزايد تلك النفقات يمكن التمييز بين نوعين من أشكال هذا التزايد 

أولًا / التزايد الظاهري ( وهو ما يعني زيادة النفقات العامة دون زيادة المنفعة المترتبة عنها) فتشهد الدول في ظل هذا النوع من الزيادة رصد مبالغ مالية ضخمة بغرض إنفاقها دون أن ترافق تلك الزيادة في النفقات خدمات إضافية، ما يعني ثبات مستوى الخدمات، كما يعرف الارتفاع الظاهري بأنه تزايد الأرقام المعبرة عن الإنفاق العام دون أن يقابله زيادة في نصيب الفرد من السلع والخدمات لإشباع حاجاته العامة، ومن أسباب الزيادة الظاهرية تلك مايلي

-  التزايد السكاني والتوسع الجغرافي: من الطبيعي أن يؤدي النمو الديمغرافي والتوسع الجغرافي إلى زيادة النفقات العامة نتيجة ارتفاع الحاجات العامة، غير أن نمو النفقات العامة ذلك لايقود بالضرورة إلى تحسين النصيب المخصص للفرد الواحد، وعليه تكون تلك الزيادة ظاهرية.

- تدهور قيمة النقود: هو تراجع ما يمكن الحصول عليه من سلع وخدمات بنفس المقدار من النقود من فترة معينة إلى فترة أخرى أو ما يعرف بانخفاض القيمة الحقيقية للنقود التي تظهر في شكل ارتفاع المستوى العام النفقات العامة ، ما يتطلب رفع القيمة الإسمية لها أي الرفع من النفقات العامة مقابل الحصول على نفس الحاجات التي كان بالإمكان توفيرها من قبل وبمقدار أقل من النقود وهذا لتراجع القدرة الشرائية

- اختلاف طرق المحاسبة القومية: أدى اختلاف طريقة القيد في الحسابات بسبب التغيرات المستمرة إلى زيادة النفقات بشكل ظاهري، إذ تم الانتقال من قواعد الميزانية الصافية التي تستند على الحق في إجراء المقاصة بين الإيرادات والنفقات إلى قواعد الميزانية العامة للدول كقاعدة الشمولية التي تقتضي قيد الإيرادات والنفقات الكلية دون إجراء المقاصة بينهما، وهو ما انعكس على حجم النفقات العامة التي باتت تعرف تزايدا وارتفاعا من سنة لأخرى.

 ثانيًا / التزايد الحقيقي ( أي زيادة المنفعة المقابلة لنمو الإنفاق العام) ويعرف هذا التزايد ايضًا على أنه الارتفاع في الحجم الكلي للإنفاق العام مقابل الحصول على منفعة إضافية دون أن تتغير مساحة البلد ولا عدد سكانه، وغالبا يرتبط هذا النمو بتدخل الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للأفراد بغية الرفع من متوسط نصيبهم في الخدمات العامة. ويمكن تلخيص أهم الأسباب المؤدية للارتفاع الحقيقي في الإنفاق العام كالتالي: 

الأسباب الاقتصادية: مثل النمو الاقتصادي وزيادة الدخل الوطني والتوسع في المشاريع العامة. 

الأسباب الاجتماعية: لقد أدى ميل السكان في العصر الحديث إلى التمركز في المدن والمراكز الصناعية إلى زيادة النفقات العامة المخصصة للخدمات التعليمية والصحية والثقافية والخاصة بالنقل والمواصلات والمياه والغاز والكهرباء وتأمين الأفراد ضد البطالة والفقر والمرض والعجز والشيخوخة وتعويض إصابات العمل وغيرها، وهو ما نتج عنه منح الدولة لإعانات وبالتالي زيادة النفقات العامة وبصفة خاصة النفقات التحويلية. 

 الأسباب السياسية: تتأثر النفقات العامة بطبيعة الحكم السائد، ومستوى الخلق السياسي، وتحديد مسؤ ولية الدولة قبل الأفراد.كما أن للسياسة الدولية أثرها في النفقة العامة من ناحية ما تتكلفه في سبيل التعاون في المحيط الدولي، ومن ناحية ازدياد النفقات الحربية كنتيجة للمنازعات الدولية والاستعداد لخطر الحرب. 

الأسباب الإدارية: إن سوء التنظيم الإداري، وزيادة الموظفين، والإسراف في ملحقات الوظائف العامة تعتبر من أسباب الزيادة في النفقات العامة. 

الأسباب المالية: من أهم العوامل المالية التي ساعدت على زيادة النفقات العامة: سهولة الاقتراض، ووجود فائض في الإيرادات أي مال احتياطي.

وعن أثار هذا التزايد فى حجم الإنفاق العام فمن الطبيعي أن قيام الدولة بالإنفاق على اقامة المشروعات الإنتاجية يؤدي إلى توليد دخول مباشرة للدولة من عوائد تلك المشروعات مما يترتب عليه زيادة فى الناتج القومي الإجمالي، إلا أن تلك الزيادة في الناتج القومي تتوقف على كفاءة الانفاق العام،، فالإنفاق على التعليم والصحة يرفع من كفاءة القوى العاملة، والإنفاق على البنية الأساسية يؤدي الى زيادة كفاءة رأس المال، وقد تعمل الدولة على إعادة توزيع الدخل باستخدام النفقات العامة والتى يختلف تأثيرها باختلاف نوع النفقة: فالنفقات التحويلية الاجتماعية تؤدي إلى إعادة توزيع الدخل لصالح الطبقات الفقيرة. أما النفقات التحويلية الاقتصادية تعمل على اعادة توزيع الدخل بشكل عينى فى صورة سلع وخدمات وتتم اعادة توزيع الدخل أفقيا.