قال الدكتور أكرم حسام خبير الأمن الإقليمي، إن أوكرانيا تمثل حجر زاوية في الأمن القومي الروسي، بسبب موقعها الاستراتيجي وما تمثله من مجال للحركة الروسية سواء عبر خطوط الطاقة، أو في مجال عمل قواتها البحرية والوصول للبحر الأسود ومنه إلى المياة الدافئة في المتوسط، لإدارة عملياتها في الشرق الأوسط، لذلك ستستمر موسكو في الضغط على كييف بهدف تحييدها من الصراع مع الناتو.
وأضاف خبير الأمن الإقليمي في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز" أن روسيا وفقا للوثائق التي أرسلتها في منتصف ديسمبر ٢٠٢١ إلى واشنطن وبروكسل حول مشروعا (معاهدة واتفاقية) تدعو من خلاله الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى تقديم ضمانات مكتوبة لأمن روسيا، بما في ذلك الامتناع عن ضم أوكرانيا وجورجيا إلى الناتو، والامتناع عن اقامة قواعد عسكرية في دول الاتحاد السوفيتي السابق، وترى واشنطن أن لكل دولة الحق في اتخاذ قرار مستقل، بشأن الانضمام أو عدم الانضمام إلى الحلف الذي بدوره يتخذ القرار بنفسه بالشكل الذي يراه مناسبًا.
وتابع قائلا "تدرس واشنطن الاستجابة للمطالب الروسية عن طريق خفض القوات الأمريكية في أوروبا الشرقية، لخفض التوتر مع موسكو، فيما الخيار الآخر هو تعزيز قوة واشنطن مع الناتو في حال أقدمت موسكو على غزو كييف".
ونوه خبير الأمن الإقليمي، إلى أن روسيا تدخل الأزمة ومبدأها الأول هو التفاوض مع تستبعد احتمالية الحرب، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الداخل الروسي لا يريد أي حرب، خصوصًا في أوكرانيا؛ حيث يعيش الشعب الأوكراني وملايين الروس جنبًا إلى جنب منذ مئات السنيين.
وأكد الدكتور حسام أكرم أن الولايات المتحدة والناتو ينظران لملف أوكرانيا باهتمام كبير، ويعتبران أن الغزو الروسي سيتسبب في مشكلات أمنية بشرق أوروبا، وسيكون بمثابة تشجيع لروسيا على تكرار التجربة في مناطق أخرى، بما يهدد ليس فقط المصالح الأمريكية والأوروبية، مشيرا إلى أن أطراف الأزمة يراهنون على الحل الدبلوماسي، والجميع أصبح مستعدا لدفع تكلفة التسوية المطلوبة، والتي تحقق معادلة الاستقرار الاستراتيجي المنشود في شرق أوروبا.
وعن مستقبل الأزمة قال "حسام" إن هناك عدد من السيناريوهات، أولها الانخراط في عملية تفاوضية معقدة وهو ما يعني بقاء الأوضاع على ما هي عليه، سواء على المستوى السياسي والعسكري والجيواستراتيجي، مع استمرار محاولات الحوار بين روسيا والولايات المتحدة، للتوافق حول الشروط التي وضعتها روسيا لحلحلة الأزمة، والثاني هو فشل المفاوضات، والانتقال لسيناريو التصادم المسلح، وفي حال تم اللجوء لخيار القوة العسكرية ستقوم روسيا بتحريك قواتها لضم أوكرانيا بالقوة العسكرية و"تكرار تجربة جورجيا وشبه جزيرة القرم".
وأضاف أن السيناريو الثالث، هو الاكتفاء بالسيطرة الروسية على شرق أوكرانيا (سيناريو القرم)، ووفق هذا السيناريو قد تكتفي القيادة الروسية بتحريك قواتها لداخل الشرق الأوكراني، اعتمادًا على القوات الانفصالية الموالية لها في منطقة الدونباس، وبذلك تستطيع إنشاء منطقة حكم ذاتي تحت سيطرتها، وتكون بمثابة أرض عازلة بينها وبين باقي المناطق الأوكرانية الغربية ( حال قررت لاحقًا الانضمام للناتو).
وأكمل "قد يكون اللجوء الروسي لهذا السيناريو رغبة منها في تجنب رد فعل قوي من الغرب والولايات المتحدة ضدها، حيث تدرك موسكو أن عملية غزو أوكرانيا بالكامل محفوفة بالكثير من المخاطر، وقد تكون خسائر موسكو منها على المدي المتوسط والطويل أقل من مكاسبها الحالية".