رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

المعهد الفني الانطوني ينظم ندوة عن الفن العلاجي والصحة النفسية

الأب بوعبود
الأب بوعبود
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

نظم المعهد الفني الانطوني في الدكوانة بلبنان، اليوم الإثنين، ندوة تحت عنوان “حين يصبح الفن علاجا ”، وذلك بمقر المعهد .

شارك الحضور الأب غسان نصر، المدبّر العام في الرهبانية الانطونية المارونية، الأب شربل بوعبود مدير المعهد، النقيب جو عيد ممثلا اللواء انطوان صليبا ،  بسام سعادة ممثلا العميد ريمون خطار مدير عام الدفاع المدني، سيدة سيدي فرنسيس رئيسة قسم الخدمات النفسية والاجتماعية في مركز التربوي للبحوث والإنماء، وحشد كبير من الفعاليات الإعلامية والفنية والثقافية والامنية.

واستهلت الندوة بالنشيد الوطني اللبناني بعدها كلمة افتتاح الندوة للإعلامية كاريل نقولا القزي التي اعتبرت بأن هذه الندوة هي فسحة امل في هذه الأوقات العصيبة، في زمن بات القلق مشكلة ويخلق اضطرابات كثيرة الانتشار، فنلجأ للفن الذي هو هبة وعطية من الله للتعبير عن مشاعرنا المتفاقمة في عالمنا اليوم، خصوصا بأن العديد من علماء النفس المعاصرين يعتبرون بأن عصرنا الحالي هو عصر القلق. 

وتابع: لذا نحن نجد انفسنا في خضم مناقشة موضوع الفن العلاجي نظرا لأهمية التوعية حول فوائد الفنون المتنوعة في الشأن العلاجي ودورها في شفاء الكثير من الإضطرابات النفسية والعضوية، فالفن قد يصبح اللغة التي يخرج الافراد بها أفكارهم ومشاعرهم التي لا يستطيعون التحدث فيها.

ثم القى الأب بوعبود كلمة ترحيبية جاء فيها: "أيها الحضور الكريم، لعلَّنا، وللوهلة الأولى، حين نقرأ عنوان هذه الندوة « حين يصبح الفنُّ علاجًا» تنتابنا تساؤولات عديدة، حولَ إذا ما كنَّا مرضى وبحاجة للعلاج أو إذا ما كان الفنُّ يرتبطُ بطريقةٍ أو بأخرى بحياة الإنسان أو إذا ما كان حقًّا يعكسُ جزءًا من حياتِه؟...

وأضاف بوعبود، بان هناك أسئلةٌ كثيرة قد يتساءلُ حولَها الإنسانُ، مثلًا كعلَّةِ وجودِه على هذه الأرض بالإضافة إلى أمورٍ عديدة قد تَتسبَّبَ بجراحات نفسية وقد تبقى مجهولةً وغيرَ واضحةٍ بالنسبة إليه، دفينةً في باطنه، مركز اللاوعي، حتى النَّفسِ الأخير، إنَّ القديسَ أغوسطينوس وهو معلمٌ في الكنيسة، يُخبرُنا بأنَّ هناك ما هو أسمى وأرقى وبأنَّنا لن نكتشفَهُ في حياتنا الزمنيَّة هذه وهو ينقلُ لنا خبرتَهُ بقولِه: «لقد خلقتنا يا رب وقلبُنا لن يرتاحَ إلى أن يَستقرَّ فيكَ» انطلاقا من هذه المَقولة، نغوصُ بالعُمقِ أكثر، لنكتشفَ بأنَّنا مدعوون.

وتابع بوعبود : تأتي هذه الندوة اليوم، والتي نعتبرها تحدِّيًا شخصيًّا، كدعوةٍ لكلِّ واحدٍ منَّا كي يقومَ بمسيرتِه الخاصَّة ويسعى لتغيير أمورٍ قد يكون تعوَّد عليها وقد تكون غير سليمة له... وأمَّا الفنّ، فهو يُعبِّرُ عن عُمقِ الإنسان ويخلقُ مساحةً للتلاقي مع الذات، فمن خلالِ تجسيدِ لوحةً ما مثلًا، قد يعكسُ من خلالِ الألوان أو الأشكال خفايا في نفسِه قد لا يكونُ قادرًا على التَّعبيرِ عنها بالوعي، فيُجسِّدُها ويُترجِمُها بها...

وأشار الأب بوعبود،  إلى ان كلُّ الدراسات تُشير إلى أهميَّةِ اختيارِ فنٍّ مُعيَّنٍ يُكرِّسُ لهُ الإنسانُ وقتًا ويُرفِّهُ فيهِ بمُمارستِه عن نفسِه، حتَّى ولو لم تكنِ الموهبةُ مَوجودةً أو كافيةً لتأتيَ النتائجُ إبداعًا في الفنون، فالغايةُ هنا هي التعبيرُ عن الذات للتَّخفيف من الضغوطات النفسيَّة وتأثيراتها السلبيَّة، ومن المعلوم اليوم بأنَّ المُعالجين النفسيِّين، خصوصًا مع الأطفال، يلجأون إلى الرَّسم ليكتشفوا من خلالِه مَكنونات الولد ومحاولة فهم الأمور التي يُعاني منها، أمَّا نحنُ اليوم، فنهدفُ من خلال هذه النَّدوة إلى تَوسيع بكار التوعية في مجتمعنا وبيئتنا من خلال تسليط الضوء على أهمية العلاج بالفن لأنَّه يساعد على تخفيف الضغوطات النفسية. 

كما ذكرنا آنفًا، والاضطرابات على أنواعها وحدَّة الصدمات والمشاكل التي قد تواجهُ الإنسان، ولا ننسى الظروف القاسية التي واجهها اللبنانيون وتحديدًا إنفجار مرفأ بيروت الذي لا نزالُ نُعاني من آثاره الجانبيَّة وجائحة كورونا التي تَلتْهُ وشلَّتِ العالم ومن بعدِها الأزمة الاقتصادية والمعيشيَّة التي أنهَكَت كاهلَ الشعبَ اللبناني وحرمتْهُ أدنى حقوقِه في الحياة وحتَّى القدرةَ على الترويحِ عن النّفس من خلال الفنّ أو أي هوايةٍ أخرى.

وتابع الأب بوعبود : نحن مدعوون إلى الاستفادة من شتَّى أنواع الفنون مهما كانت الغاية... وأمَّا نحن كمعهد يُعنى بفنون مختلفة من الفسيفساء إلى كتابة الأيقونات فالرسم التشكيلي وغيرها من الفنون، فإنَّنا نضعُها في صلبِ رسالة المعهد وبتصرُّف مَن هم بحاجةٍ قُسوى إليها ونعول على المدارس وأصحابِ الاختصاصات والجمعيات كي تقفَ معنا في هذه المهمة التي نطلقها اليوم من منبرِ معهدِنا الفني الانطوني الدكوانة علَّنا ننقذُ مجتمعنا من انفجار كبير على صعيد القيَم والأخلاق والثقافة المُهدَّدة بالاندثار في ظلِّ هذه الظروفِ الحالكة.

 هناك متفجرات موقوتة لم نكن نعرفها سابقًا وهي اليوم مُستشرية في مجتمعاتنا وفي قلب عائلاتنا وعلني أستعرضُ بعضًا منها معكم... ألا توافقون بأنَّ المخدرات والإدمان هما من أسوأ أنواع المتفجرات التي تتفشى في مجتمعنا وتدمِّرُ شبيبتنا؟ ألا توافقون بأنَّ الغضب في قلب العائلات وبين المتزوجين هي متفجرات من نوع آخر، وشظاياها تطال كلَّ أفرادِ العائلة والمجتمع؟.

وأختتم الأب بوعبود كلمته بهذه الكلمات :  فلنُبادر إلى نشرِ لغة المحبة والسلام من خلال الفن ولنقِف مع أهلِنا وكلّ اللبنانيين لنخففَّ من وطأةِ معاناتِهم والآمهِم اليوميَّة ومن الاحتقانِ المُتزايد الذي يؤثّر على صحتِهم النفسيَّة والجسديَّة... ألم نكتفي من الحروب والانقسامات والدمار؟... ألم نتعلم من الماضي المرير الذي هدم الحجر والبشر؟... آن الأوان لنُبادرَ بطريقةٍ إيجابيَّة وفعّالة، كلٌّ منَّا في مجاله، ونحن من خلالِ معهدنا نرفعُ رايةَ الفنونِ ترفيهًا وعلاجًا ولكم القرار بما يُناسب كلًّا منكم.