أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء، أن أعمال الحفائر عام 1898م في منطقة سقارة حول هرم زوسر، كشفت عن عدة نماذج خشبية صغيرة، صنفت على أنها نماذج لطيور وتم عرضها بالمتحف المصرى بالقاهرة، وكان من بينها نموذج سجل بأرشيف المتحف، على أنه نموذج خشبى لطائر تاريخه عام 200 "ق.م" وظل المتحف المصرى يعرض هذا النموذج في غرفة رقم 22، بالطابق الثانى ضمن مجموعات الطيور، باعتباره نموذجًا لطائر لمدة تربو على سبعين عامًا.
وأوضح ريحان، أنه فى عام 1969 قام الدكتور مهندس داود خليل وهو طبيب مصرى درس الآثار المصرية بدراسات تحليلية مستفيضة لهذا النموذج، مستعينًا بخبرته في هواية وصناعة نماذج الطائرات، أكد من خلالها أن النموذج المعروض بالمتحف المصرى في غرفة 22 ليس نموذج لطائر، كما يعتقد بل نموذج لطائرة قادرة على الطيران.
وقدم الدكتور مهندس داود خليل عدة أدلة علمية تؤكد أهمية هذا الكشف كنموذج لطائرة وليس طائر تعتمد على دراسة في مجال ديناميكا الطيران الشراعى، ومنها شكل ونسب الجسم الانسيابى لهذا النموذج الذي يشبه جسم السمكة والذي يساعد على السباحة في الهواء بسهولة وشكل ومقطع ومساحة الأجنحة وزاوية ميلها إذ أنها تنحنى لأسفل انحناءة خفيفة يطلق عليها الزاوية السالبة، وهى نفس زاوية انحناء أجنحة أنواعًا من الطائرات الحديثة مثل قاذفة القنابل الأمريكية " بي-52" وأنواعًا من الطائرات الروسية الصنع، وكذلك الذيل الرأسى، والذي لا يوجد مثيله في الطيور إذ أن كل الطيور ذيلها أفقى .
وبالفحص الدقيق للنموذج تبين أن جزءًا من الذيل الرأسى به كسر لقطعة كانت مثبتة به يرجح المكتشف أنها كانت للموازن الأفقى الذي يوجد مثيله في الطائرات الحديثة، ولابد أن هذه القطعة قد فقدت نظرًا لقدم النموذج الأثرى الذي يقدر عمره بأكثر من 2200 سنة كما أن هذا النموذج يخلو من الأرجل التي لا بد وأن توجد في كل طائر والموجودة في كل نماذج الطيور المحفوظة بالمتحف المصري.
وأشار ريحان، إلى إثبات ذلك بالتجربة العملية وذلك بصناعة نموذج طبق الأصل، لكنه من خشب البلصا الخفيف الوزن والذي يستخدمه هواة صناعة نماذج الطائرات وقام بتثبيت قطعة الموازن الأفقى الناقصة، في نموذج طبق الأصل للطائرة المصرية، ليقوم بتجربته وإذ بالنموذج ينجح في الطيران، لعدة أمتار قليلة، بعد دفعة بسيطة باليد أي أن طائرة حقيقية بنفس النسب ستكون قادرة على الطيران فعلا وفى عام 1999 م.
تمت تجربة عملية في ألمانيا حضرها الباحث بنفسه لإثبات هذه الفرضية إذ تم صنع نموذج حجمه أكبر بستة أضعاف النموذج الأصلي مع الاحتفاظ بنفس النسب، وقد تم تثبيت موتور ومروحة صغيرة في مقدمته ونجح هذا النموذج في الطيران بشكل رائع وحلق في الفضاء لعشرات الدقائق وسط ذهول المشاهدين اللذين استمعوا لشرح عن النموذج المصرى القديم وكيف استطاع المصريون قبل 2200 عام أن يبتكروا طائرة تطير.
ونوه ريحان إلى أن علماء ورواد الفضاء أكدوا أن النموذج المعروض بالمتحف المصرى هو نموذج لطائرة حقيقية، وعاين هذا النموذج عام 1976 ثلاثة من رواد الفضاء الأمريكيين، وهم توماس ستلفورد وفانس براند وديريك سيلتون من العاملين في ناسا بصحبة العالم المصرى، الدكتور فاروق الباز ووزير الثقافة والإعلام في ذلك الوقت الدكتور يوسف السباعى، وأدهشهم هذا النموذج الفريد ذو الذيل الرأسى، وأن الدكتور فاروق الباز يسعى لدى الهيئات العلمية لإعادة، كتابة تاريخ الطيران بالعالم، وقد منحت وزارة الطيران المدنى المصرية في 26 يناير 1977، داود خليل شهادة تقدير وجعلت نموذج الطائرة شعارًا للشهادة التي تمنحها سنويًا لرواد الطيران في مصر كما حصل على مرتبة الشرف من هيئة الثقافة الجوية العالمية في 23 أكتوبر 1979.
وتابع ريحان، أن جون تايلور وله أكثر من 217 كتابًا عن الطيران فضلًا عن أنه مؤلف موسوعة جينيز للطائرات قد زار مصر عام 1983 وشاهد النموذج وأخبر الدكتور محمد صالح مدير المتحف المصرى في ذلك الوقت أن هذا النموذج، لا شك في أنه نموذج لطائرة شراعية وليس طائر.
كما زار المتحف المصرى بالقاهرة عام 1985 رائد الفضاء فريد جريجوري مع وفد يضم عشرة من رواد الفضاء الأمريكيين العاملين في وكالة ناسا للفضاء وقال إنه من العجيب أن يصنع الإنسان قبل 2000 عام نموذجًا يشبه الطائر لكنه طائرة ثم يستغرق سنوات عديدة قبل أن يتمكن من أن يحقق إنجاز الطيران مرة أخرى