دائمًا ما يكون الأطفال ضحية الخلافات الزوجية والتى تنتهى بالانفصال، وهذا ما يجسده المثل الشعبى الدارج «يعملها الكبار ويقع فيها الصغار»، حيث يضطر الطفل للإقامة إما مع زوجة الأب وما أدراك ما تفعله تلك الزوجة بأبناء زوجها ولما لا فهم ليسوا أبناء بطنها، أو يجبر الأطفال على المكوث مع زوج الأم ذلك الوحش الذى يتفنن فى تعذيبهم لعدم رغبته فى إنفاق أمواله على أبناء غيره، وهذا ما حدث للطفل «سيد هاشم» الذى لم يكمل ربيعه الثالث، حيث انفصل والداه ليقيم مع والدته وزوجها بإحدى الشقق السكنية بمنطقة حلوان بمحافظة القاهرة، حتى لقى مصرعه على يد ذلك الزوج دون سبب معلوم سوى رؤية ذلك الزوج بأنه لا حاجة له فى تربية ابن آخر والإنفاق عليه مجسدا المثل الشعبى «يا مربى فى غير ولدك.. يا بانى فى غير أرضك».
لم يتحمل جسد الطفل الصغير وصلات الضرب والتعذيب اليومية على يد زوج والدته وذلك على مرأى ومسمع من تلك الأم التى لم تمنع الضرب عن نجلها متمسكة بمبدأ "ظل راجل ولا ظل حيطة» فكيف لها أن تعصى زوجها أو تمنعه عن فعلته الشنعاء تجاه طفلها! ولو طُلقت منه كيف سينظر إليها الناس والمجتمع بعد طلاقها مرتين؟ فاكتفت بالمشاهدة حتى فاضت روح نجلها الصغير إلى بارئها فى وصلة تعذيب استمرت ٣ ساعات على يد زوجها الجلاد.
لم يحن قلب الأم رغم وفاة طفلها بل جلست مع ذلك الزوج ليفكرا سويا فى حيلة لإبعاد المساءلة القانونية عنهما، حيث توصلا إلى أن تحمل الأم جثة الطفل وتذهب به إلى أحد المستشفيات الحكومية وتدعى سقوط نجلها من أعلى درج السلم ظنا منهما بأنهما سوف يفلتان من العقاب، ولكن بعد دقائق من وصول تلك السيدة حاملة لجثة ابنها داخل المستشفى فوجئت بحضور قوات أمنية والقبض عليها بعدما اكتشف مفتش الصحة وجود شبهة جنائية فى الواقعة وآثار تعذيب على وجه وجسد الطفل المتوفى وبدوره أبلغت المستشفى ضباط مباحث قسم شرطة حلوان والذى جاءوا على الفور وجرى التحفظ على الأم.
تفاصيل تلك المأساة الإنسانية فى حق طفل لم يبلغ عامه الثالث، كما دونتها صفحات سجلات ضباط مباحث قسم شرطة حلوان بمديرية أمن القاهرة، كانت بتلقى المقدم أحمد فرج رئيس وحدة المباحث، إشارة من مستشفى حلوان مفادها استقبالها طفل جثة هامدة وبه آثار تعذيب وادعاء والدته سقوطه من علو ومقيم بدائرة القسم، وبالانتقال والفحص تبين العثور على جثة الطفل "سيد هاشم" ٣ سنوات، وبمناقشة والدة الطفل أفادت بسقوطه من أعلى درج السلم، وبسؤال مفتش الصحة الذى قام بتوقيع الكشف الطبى على جثمان المتوفى أكد وجود شبهة جنائية ووجود آثار تعذيب على وجه وجسد الطفل وتناقض ذلك مع رواية الأم.
وبتضيق الخناق على والدة الطفل أقرت بانفصالها عن زوجها وزواجها من آخر وأضافت خلال التحقيقات بتعدى زوجها على المتوفى حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، وفى سبيل إبعاد المسئولية القانونية عن زوجها قامت باختلاق قصة سقوطه من أعلى درج السلم، وبعمل التحريات تبين صحة ما جاء على لسان الأم التى جرى التحفظ عليها واقتيادها إلى ديوان القسم، وعقب تقنين الإجراءات واستصدار إذن مسبق من النيابة العامة تم استهداف المتهم زوج والدة المجنى عليه وأمكن ضبطه واقتياده إلى ديوان القسم.
وبمواجهته بما أسفر عنه الضبط والتحريات، أقر بارتكاب الواقعة، وأضاف المتهم خلال التحقيقات التى أجريت معه أنه لم يكن يقصد قتل الطفل وأنه لم يكن يحب الطفل لأنه ليس ابنه وأكمل بأن يوم الواقعة تشاجر مع والدة الطفل فقام بضربه وركله بالقدم وضربه على وجهه فحدث له حالة إعياء ولقى مصرعه متأثرا بذلك، وبإبلاغ اللواء نبيل سليم مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة والذى أحال الواقعة إلى النيابة العامة لمباشرة التحقيقات، والتى صرحت بدفن جثمان الطفل المتوفى عقب انتداب الطب الشرعى لتوقيع الكشف الطبى وإعداد تقرير واف عن كيفية وأسباب الوفاة.
كما اصطحب فريق من النيابة العامة بحلوان المتهم إلى الشقة محل حدوث الجريمة لإجراء معاينة تصويريه وتمثيله الجريمة وأمرت النيابة بحبس المتهم ٤ أيام احتياطيا على ذمة التحقيقات وطلبت النيابة تحريات المباحث التكميلية حول الواقعة ولا تزال التحقيقات مستمرة.