قالت مجلة أميركية إن إيران استثمرت بكثافة، قبل أكثر من عقدين، في تحديث منظومة الدفاع الجوي من طراز "إس-200"، التي كانت درة التاج بالنسبة للاتحاد السوفييتي وشكلت عمودًا فقريًا لنظام الدفاع الجوي له في الستينيات، واحتلت تلك المنصات الصدارة عالميًا بوصفها صاحبة أطول مدى صواريخ عرفته حقبة الحرب الباردة بمدى اشتباك وصل إلى 300 كيلومتر.
واعتبرت منظومة الدفاع الجوي "إس-200" السوفييتيةـ أثناء الحرب الباردة، الأكثر تطورًا بين منصات إطلاق الصواريخ على مستوى العالم، وهو ما جعل من تحديثها أمرًا يكتنفه الكثير من الصعوبات، وعكس في الوقت نفسه مدى الطموح الذي قاد الخطط الإيرانية، على حد قول المجلة الأميركية.
وسلطت "ميليتري ووتش" الضوء على برنامج التحديث الإيراني مستشهدة بما سبق وأعلنه قائد قاعدة "خاتم الأنبياء" للدفاع الجوي، الجنرال فارزاد إسماعيلي، بأن قطاع الدفاع في بلاده قام بتطوير غير مسبوق بإنتاجه منصة إطلاق متحركة لمنظومة إس-200، علاوة على تحسين أجهزة الاستشعار الخاصة بها لتقليص زمن الرصد والإطلاق والتعقب للمنظومة، قائلًا "لقد منحنا الحركية لمنظومة صواريخ S-200، ولدينا الخطة نفسها على أجندة قوات الدفاع الجوي (الإيراني) لإضفاء الحركة على كل قطع المدفعية ومنظومات إطلاق الصواريخ."
وتقتفي إيران خطى روسيا في هذا الإطار، لكنها تتبنى ذلك عبر تحديث الطرازات القديمة لمنصات الإطلاق بدلًا من شراء منظومات جديدة، وسبق لطهران قيامها بدمج صواريخ جديدة محلية الصنع داخل منظومة "إس-200"، وأبرزها "الصياد 2" و"الصياد 3"، والأخير دخل الخدمة في القوات المسلحة عام 2011، وبدا أن الصاروخ قد صُمم بأسلوب الهندسة العكسية لموديل V-800 من الصاروخ "إس-200"، رغم عدم توافر أي مؤشرات بشأن إجراء تحسينات على أنظمة الحركة الخاصة بها.
وتوحي تلك الاستثمارات بأن إيران تعتزم المضي قدما في تشغيل منصات صواريخ "إس-200" لفترات مقبلة، وربما ستكون آخر البلدان المشغلة لها خلال هذا العقد، فيما يتوقع من بلدان أخرى مثل بولندا وكوريا الشمالية أن تلجأ إلى إحلالها، ولاستكمال تلك الجهود، تسعى إيران كذلك لتطوير دفاعاتها الجوية بإنتاج منظومات صواريخ طويلة المدى محلية الصنع من طرازي "خورداد 15"، و"بافار-373"، التي يتوقع أن يصل مداهما الاشتباكي إلى نحو 200 كيلومتر.
وتقول المجلة إن خيار تحديث طراز الصواريخ السوفييتية "إس-200" يبدو أقل كلفة بالنسبة لإيران من شراء منظومات حديثة ومتطورة من كوريا الشمالية أو الصين أو روسيا، كما أن حزمة التحديثات يمكن تسويقها للتصدير إلى الخارج لدى مشغلي منظومات إس-200، ولاسيما سوريا.
وتتبعت "ميليتري ووتش"، المعنية بالشؤون العسكرية، نشأة صواريخ "إس-200"، مبينة أنها دخلت الخدمة رسميًا في الاتحاد السوفييتي عام 1966، وشهدت تطورًا ملحوظًا لتحتل طرازاتها المنتجة خلال ثمانينيات القرن الماضي، المعروفة بـ"إس-200 دي"، المركز الأول عالميًا بأطول مدى اشتباك وصل آنذاك إلى 300 كيلومتر.
وبلغ عدد المواقع التي انتشرت في ذلك الوقت إلى 130 موقعًا بعدد 2030 منصة إطلاق، وجرى تصدير أولى شحناتها في عام 1982 إلى سوريا، والتي انخرطت سريعًا في عمليات ميدانية، ويقال إنها أسقطت ثلاث مقاتلات هجومية تابعة للبحرية الاميركية في أجواء لبنان.
ورغم أن صواريخ "إس-200" خرجت من الخدمة في الجيش الروسي وتم إحلالها بطرازات أكثر حداثة، فإنها لا زالت تستخدم في بولندا، وكوريا الشمالية، وسوريا، وإيران.
ومثلت الطرازات المنتجة في حقبة الثمانينيات تطورًا ملفتًا في إمكاناتها التي تضمنت قدرتها على ضرب أهداف على ارتفاع 40 كيلومترًا، وتمتعها بقدرات مضادة للصواريخ الباليستية، ومعدلات احتمالية مرتفعة لإصابة الأهداف، كما أنها تمتعت أيضًا، حسب تأكيد المجلة، بقدرة على الاشتباك مع صواريخ فرط صوتية تفوق سرعتها ستة أمثال سرعة الصوت (6 ماخ).