ينفتح الشعر على التجربة الإنسانية اللانهائية، متحركًا في فضاء الخيال والدهشة، محاولا إعادة بناء الوجود عبر أصواته الحميمية القريبة من روح المتلقي، ويُعد الشعر هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس التي تجوب الوعي الإنساني واللاوعي أيضًا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر.
تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا، واليوم ننشر قصيدة بعنوان "قد لعب الدهر على هامتي" للشاعر بشار بن برد.
قَد لَعِبَ الدَهرُ عَلى هامَتي
وَذُقتُ مُرّاً بَعدَ حَلواءِ
إِن كُنتِ حَرباً لَهُمُ فَاِنظُري
شَطري بِعَينٍ غَيرِ حَولاءِ
يا حُسنَها حينَ تَراءَت لَنا
مَكسورَةَ العَينِ بِإِغفاءِ
كَأَنَّما أَلبَستَها رَوضَةً
ما بَينَ صَفراءَ وَخَضراءِ
يَلومُني عَمروٌ عَلى إِصبُعٍ
نَمَّت عَلَيَّ السِرَّ خَرساءِ
لِلناسِ حاجاتٌ وَمِنّي الهَوى
يُذكيهِ شَيءٌ بَعدَ أَشياءِ
بَل أَيُّها المَهجورُ مِن رَأيِهِ
أَعتِب أَخاً وَاِخرُج عَنِ الداءِ
مَن يَأخُذِ النارَ بِأَطرافِهِ
يَنضَح عَلى النارِ مِنَ بإيتائي
أَنتَ اِمرُؤٌ في سُخطِنا ناصِبٌ
وَمِن هَوانا نازِحٌ ناءِ
كَأَنَّما أَقسَمتَ لا تَبتَغي
بِرّي وَلا تَحفَل بِئيتائي
وَإِن تَعَلَّلتُ إِلى زَلَّةٍ
أَكَلتُ في سَبعَةِ أَمعاءِ
حَسَدتَني حينَ أَصَبتُ الغِنى
ما كُنتَ إِلّا كَاِبنَ حَوّاءِ
لاقى أَخاهُ مُسلِماً مُحرِماً
بِطَعنَةٍ في الصُبحِ نَجلاءِ
وَأَنتَ تَلحاني وَلا ذَنبَ لي
لَكُم يُرى حَمّالَ أَعبائي
كَأَنَّما عانيتَ بي عائِفاً
أَزرَقَ مِن أَهلِ حَروراءِ
فَاِرحَل ذَميماً أَو أَقِم عائِذاً
مُلّيتَ مِن غِلٍّ وَأَدواءِ
لا رَقَأَت عَينُ اِمرِىءٍ شامِتٍ
يَبكي أَخاً لَيسَ بِبَكّاءِ
لَو كُنتَ سَيفاً لي أُلاقي بِهِ
طِبتُ بِهِ نَفساً لِأَعدائي
أَو كُنتَ نَفسي جُمِعَت في يَدي
أَلفَيتَني سَمحاً بِإِبقاءِ..