دافع مهم دفعني للكتابة عن هذا الموضوع، ألا وهو الطفرة والتحول النوعي الذي نشاهده، والسعي الحثيث نحو تنمية مستدامة تسعى أو بمعني أدق إعادة بناء لا أقول ترميم، فزمن الترميم ولي وانتهي، وإنما بناء دولة مدنية حديثة تواكب تطورات العصر ومستجداته المتلاحقة، عن طريق إعلاء قيمة نكون أو لا نكون، نكون علي قدر المسؤولية أو لا نكون.
وهذا ما تسعى إليها قيادتنا الآن، النهوض بالبلاد ووضعها في القمة والعمل الجاد لتوفير حياة كريمة للمواطن الذي يستحق كل الخيرات.
لكن ذلك لا ولن يتم بالشعارات والخطب الرنانة، وإنما بالعمل الدؤوب، فخير لنا أن نعمل أفضل من أن نتكلم، فالكلام كثير ولا ينتهي، فلنتحدث قليلا ولنعمل كثيرا، حتى لا يتحقق فينا قوله تعالي: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تعلمون.
ومن ثم لا بد أن تتضافر كل الجهود وتتحد حول غاية واحدة هي النهضة والتنمية الشاملة، والوقوف جميعا في خندق واحد، معلنين التحدي الأعظم، نثبت لله أننا رجال الله الذين صدقوا ما عاهدوه عليه ألا وهو الجهاد في سبيله وأفضل الجهاد للنهوض بالأوطان، فالأوطان تبني على أكتاف الرجال، هكذا علمنا النبي صل الله عليه وسلم، قال هذا هو الكفاح والجهاد.
بدأنا وبدأت قياداتنا الخطوات الحثيثة نحو تحقيق هذه الغاية، صحوة في كل المجالات، ففي الإصلاحات الاقتصادية أحدثنا طفرة نوعية والقادم أفضل في مجال الاقتصاد والتجارة الخارجية وبدأت مواردنا تزداد، وعجلة الإنتاج دارت ولن يوقفها أحد إن شاء الله تعالى، ورأينا ذلك في الأسواق وشاهدنا علامة صنع في مصر، ليس هذا وحسب بل وبدأ الإنتاج المصري يغزو الأسواق العالمية وهذا ليس بغريب علينا فقد فعلها محمد علي باشا من ذي قبل، ألم يغزو القطن المصري جميع دول العالم في عهده، نعم نحن قادرون، قالها القائد، نحن قادرون، بالصبر والعمل والعقل والإرادة والعزيمة قادرون، زمن الترميم انتهي، الجلباب لا يصلح أن يرقع مرة أخري ومن ثم بات الأمر ملحا إلى جلباب جديد.
هكذا الأمر، ليس في الاقتصاد فقط، وإنما في المجال الثقافي العمل مستمر مؤتمرات وندوات وورش عمل في كل مكان في الفن بأنواعه، في معرض الكتاب، ليس في مصر وحسب بل ودور نشرتنا بدأت تغزو المعارض الدولية، في المجال العسكري قطعنا خطوات كبيرة في تحديث ترسانة أسلحتنا بسلاح يليق بخير أجناد الأرض، ليس هذا فقط، بل بإرسال القادة والضباط وطلاب الكليات العسكرية لأخذ دورات تدريبية وعمل رسائل علمية في دول الغرب لمعرفة كيفية التعامل مع الآلات العسكرية الجديدة ونقل هذه الخبرات إلى الجنود وضباط الصف.
وكذلك الأمر في المجال السياسي، إنشاء العديد من الأحزاب السياسية، التي ساهمت بدور فاعل ليس في الحياة التشريعية والنيابية والحزبية فقط، وإنما أصبح لها دور فاعل في الخدمات المجتمعية، وشاهدت ذلك بعيني، مشاركة الأحزاب في حملات التطعيم بلقاح كورونا في الأحياء الشعبية، وتوزيع السلع الغذائية على المواطنين بأثمان معتدلة منعا لجشع كثير من التجار.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقط بل أصبح تمكين المرأة من ممارسة نشاطاتها غير منقوصة في المجالس القومية والحياة السياسية فهي ليست نصف المجتمع كما كان يظن قديما بل هي روح المجتمع فلولا المرأة ما وجد الرجال فهن صانعات الرجال.
وذلك تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية للنهوض بالمرأة وتفعيل دورها المهم في المشاركة في بناء الأوطان.
كذلك الاهتمام بالبنية التحتية والاهتمام بإعادة هيكلة أجهزة الدولة ووضع خارطة طريق وجدول زمني محدد لرفع مستوي محدودي الدخل ورفع رواتب الموظفين بجهاز الدولة، وإعادة تنظيم الوزارات ودواوين الدولة وضخ دماء جديدة فتية يكون لديها القدرة الحقيقية للعمل الجاد، وكذلك ترتيب وتنظيم شبكات المرافق من كهرباء وصرف صحي، عن طريق مشروعات عملاقة هدفها النهوض بالمواطن الذين سيشعر بذلك.
أيضا الاهتمام بالعشوائيات وتطويرها عن طريق الإحلال والتبديل والتجميل، وشاهدي على ذلك ثم مناطق عشوائية كثيرة كانت مقالب للزبالة ومراتع للقطط والكلاب الضآلة، أصبحت الآن منتزهات وحدائق عامة كمنطقة فم الخليج وبئر أم سلطان ومنطقة القلعة وغيرها ولا يزال العمل مستمرا ولن يتوقف.
وصحوتنا الكبرى في المجال الأمني، اتجهت الآلة العسكرية بكل ما توفر لها من إمكانيات إلى تجفيف منابع الإرهاب ومطاردته في سيناء الحبيب ودك الأنفاق التي تموله، فطوبي لشهدائنا وسحقا سحيقا لقتلاهم.
الكل يعمل ويجتهد لا مكان بيننا للمتكاسلين المتقاعسين، المثبطين، ومن لا يري هذه الصحوة وهذه الطفرة التنموية فليراجع مقياس نظره من جديد، أو يتنحى جانبا ويترك الرجال يعملون في صمت.
قس على ذلك في مجال المواصلات والطرق والكباري، صحيح قد تحدث بعض الحوادث هنا أو هناك، لكن هذه سنة كونية، كأن يحدث عطل في مكان ما أو في مواصلة ما، لكن هل هذا يعني أننا نصب وابلا من اللعنات وأن شيئا لم يتم، سبحان الله العظيم، وكان الإنسان عجولا، نريد كل شيء مرة واحدة في وقت واحد، ليس هناك عصا سحرية، وإنما عصانا السحرية الحقيقية أن نعمل ونجتهد، نحن في مصالحنا الحكومية نتحدث أكثر مما نعمل، كلام في كلام وبكاء على الأطلال، لا نريد بكاء وعويلا وإنما نريد إزالة الأنقاض ونبني على نظيف، هكذا تكون المسألة أرضنا خصبة وطينتنا لينة نشكلها كيفما نشاء المهم نؤسس بهندسة عقلية صحيحة حتى لا ينهار البنيان والعياذ بالله، وهذا ما يتم الآن على أرض الواقع
وكذلك الأمر بالنسبة للعمليات التعليمية، حتى وإن كان هناك بعض الخلل والهنات إلا أن خبراء التعليم وتطوير المناهج يعملون على قدم الوثاق من أجل النهوض بالتعليم على كل مستوياته الإلزامي والجامعي والدراسات العليا، بل وإنشاء العديد من المدارس الحكومية لتلبية كثافة أعداد التلاميذ الناتجة عن الزيادة السكانية الكبيرة، وكذلك إنشاء العديد من الجامعات المصرية بكلياتها المختلفة، وإنشاء العديد من الجامعات الأهلية، وهذا في حد ذاته طفرة ونقلة رائعة للتحول من نحو الأمية والذي أرى أنه ليس عيبا أن نعترف بأميتنا، المثقف الذي يدعي أنه يعلم، والأستاذ والمعلم، ليس معني أنه تعلم شيئا يتقوقع حوله، لا بد من مواكبة الحدث ومعاصرته بفكر جديد ونحن مقبلون على الثورة الرقمية الكبرى، فكيف نتعامل، هل سيستوعبها العقل الذي حصر نفسه في كلمتين يدرسهما لطلابه يحفظهما حفظا، أعتقد لن يستطع حتى أن يتعامل مع طلاب العصر الذين أضحت التكنولوجيا وتقنية المعلومات لغته التي يتحدث بها ويده التي يكتب بها وعقله الذي يفكر به، فكيف الحال أيها المعلم إذا لم تكن ملم بذلك، ألسنا نحتاج إلى محو لأميتنا وإلا فسنكون متجهين نحو الأمية نحو الجهل ونقع في براثنه وبئره السحيق ولن نستطيع أن نتواءم ونتوافق مع واقعنا المعاصر.
ولن نستطيع أن نتحرك قيد أنملة ناحية العالمية ففاقد الشيء لا يعطيه، فكيف أكون أميا بلغة الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي والربوت، وأعطي دورات في الكمبيوتر، عمله معلم حاسوب وهو لا يعلم شيئا عن الحاسوب اللهم إلا يفتحه ويلعب عليه الألعاب وحتى الألعاب يحتاج من يعلمها له، لا بد أن نعترف بذلك وأن نمحي هذه الأمية، فشهادة محو الأمية، ليست فقط التي تعطي لمن يحصل عليها لأنه فك الخطأ وتعلم القراءة والكتابة، لا وألف لا، وإنما هي دورات تعطي في كل المجالات، في مجالات البرمجة، في مجالات الإرشاد الأكاديمي، في مجالات التعليم وفك شفيرة العقول المستغلقة وحلحلت الأفكار العتيقة البالية التي عفى عليها الزمن لبناء عقل جمعي معاصر يستطيع التوافق والتوائم مع الواقع، التخلص من الأفكار القديمة المتطرفة المتشددة بفكر حر مستنير، فكر يؤسس لبناء عقل راق لا يعبث بثوابته وإنما يوظف ثوابته لخدمة واقعه المعيش، وهذا هو التجديد الحقيقي.
عقل إنسان جديد يرقي فيرتقي ويكون لائقا بجمهورية جديدة طالما حلمنا بها، يعيش فيها الجميع، وقد أوشك الحلم على التحقق إن شاء الله تعالي بفضل الله تعالى وبجهود المخلصين المحبين لهذا البلد الطيب أهله.
هكذا تتحقق المعادلة، ونتحرر من نحو الأمية إلى محو الأمية إلى المواكبة والمعاصرة وبناء دولة عالمية تقف جنبا إلى جنب مع الدول الكبرى، فنحن لا ينقصنا شيء، اللهم إلا إخلاص العمل وطرح الأنانية جنبا وتغليب مصلحة الوطن على كل شيء.
أيها المصري هل هذا مستحيل، يا من حطمت خط بارليف الحصين بإرادتك هل هذا مستحيل؟!
أيها الشعب الجميل، أيتها الثروة البشرية العملاقة إذا أردتم الرفاهية والعيش السعيد الذي يلبي كل حاجاتكم فاسعوا إلى ذلك واتحدوا والتفوا حول قيادتكم.
إذا أردتم أن تحققوا طموحاتهم وأحلامكم فشمروا سواعد الجد وانتقلوا من التواكل إلى التوكل فما حك جلدكم مثل أظافركم فتولوا أنتم جميع أموركم، وأروا الله منكم خيرا ولا تفرطوا في أماناتكم بل ضعوها نصب أعينكم وأمانتكم العظمى بلادكم.