يحتفل الأقباط الأرثوذكس، يوم الأربعاء الموافق 19 يناير، حسب تقويم الكنائس الشرقية و11 طوبة بالتقويم القبطى، وتقيم الكنائس قداساته مساء الإثنين، وهو ذكرى تعميد المسيح على يد يوحنا المعمدان فى نهر الأردن، ويعتبر من الأعياد «السيدية الكبرى»، أى من الأعياد الخاصة بالسيد المسيح.
فلكلور عيد الغطاس يتكون من «القلقاس» و«القصب» ،وهما يرمزان لمعودية المسيح، ويطلق على عيد الغطاس ثلاثة ألقاب، منها عيد «الثيؤفانيا» أى عيد الظهور الإلهى وعيد الأنوار وعيد الغطاس.
ويتميز قداس عيد الغطاس بممارسة «صلاة اللقان» أى الصلاة على المياه حتى يتبارك بها الأفراد فى البيوت، وتظل المياة بالمنازل لمدة عام ، ومثل تلك الصلاة تقام فى ثلاثة أعياد هى: «عيد الغطاس، عيد الرسل، خميس العهد».
ويستقبل الأقباط العيد بالصوم حتى الغروب، ولا يأكلون إلا ما جرت العادة أن يؤكل في الأربعين المقدسة، خلال فترة الصوم التي يمتنعون فيها عن أكل اللحوم، كما ويحرصون خلال عيد الغطاس على تناول القلقاس والقصب، والقلقاس رمز روحى لمعمودية المسيح، كون نبات القلقاس يُزرع عن طريق دفنه كاملًا فى الأرض ثم يصير نباتًا حيًا صالحًا للطعام، كما أن بها مادة هلامية سامة مضرة للحنجرة ولكنها تتحول إلى مادة نافعة بمجرد خلطها بالماء، وهو ما يحدث للمعمد عند دخوله المعمودية أى تطهيره من الخطية، حيث تعتبر المعمودية دفن للإنسان تحت المياه وقيامته كما حدث للمسيح عند التعميد فى نهر الأردن، أما القصب فلونه الأبيض يرمز للنقاء الذي توفره المعمودية.
«فانوس البرتقال» وشمعة البرتقالة
اضافة إلى القلقاس والقصب يستخدم الأقباط فى العيد البرتقال العيد بما يعرف بـ«فانوس البرتقال»، والذى يصنع عبر قطع رأس ثمرة البرتقال كبيرة الحجم، ثم عمل تجويف داخلها دون أن تتأذى القشرة الخارجية، حتى لا يتبقى أى مواد سائلة بها، ويجرى وضع شمعة داخلها وتعليقها بثلاث سلاسل تزين بحبات المكرونة أو الخيوط الملونة، مع حفر شكل الصليب على القشرة وإشعالها حتى تنطلق رائحة البرتقال الذكية.
تاريخ الغطاس
يذكر المؤرخون أن المصريين جميعا كانوا يحتفلون بعيدى الغطاس والميلاد من خلال التنزه على نهر النيل وركوب المراكب لتمتد فرحة العيد شاملة مِصر كلها. وكانت الاحتفالات غير مقصورة على المسيحيِّين فى مِصر بل شاركهم المسلمون فيها أيضًا بحب وتسامح، إلا أن هذا تغيَّر فى العصر العثمانى.
وكانوا يغطسون فى ماء النيل البارد ثم يلبسون ملابس بيضاء احتفالا بعيد الظهور الإلهى قاعدة وأساس الإيمان المسيحى ثم يتوجهون إلى الكنيسة حيث يصلون قداس ليلة الغطاس فى فرح.
حول ذلك كتب «المقريزى»: «كان القبط يخرجون من الكنيسة فى مواكب رائعة ويذهبون إلى النيل حيث يسهر المسلمون معهم على ضفاف نهرهم الخالد، وفى ليلتى الغطاس والميلاد كانوا يسهرون حتى الفجر، وكان شاطئًا النيل يسطعان بآلاف الشموع الجميلة والمشاعل المزخرفة، وفى هذه الليلة كان الخلفاء يوزعون النارنج والليمون والقصب وسمك البورى».
وقال «المسعودى» فى «مروج الذهب»: «ولليلة الغطاس بمصر شأن عظيم عند أهلها لا ينام الناس فيها وهى ليلة إحدى عشرة من طوبة ولقد حضرت سنة ثلاثة وثلثمائة ليلة الغطاس بمصر والإخشيد محمد بن طفج فى داره المعروفة بالمختار فى الجزيرة الراكبة على النيل والنيل مطيف بها وقد أمر فأسرج من جانب الجزيرة وجانب الفسطاط ألف مشعل غير ما أسرج أهل مصر من المشاعل والشمع وقد حضر النيل فى تلك الليلة: مئات ألوف من الناس من المسلمين والنصارى منهم: فى الزواريق ومنهم فى الدور الدانية من النيل ومنهم على الشطوط لا يتناكرون كل ما يمكنهم إظهاره من المآكل والمشارب وآلات الذهب والفضة والجواهر والملاهى والعزف والقصف وهى أحسن ليلة تكون بمصر وأشملها سرورًا ولا تغلق فيها الدروب ويغطس أكثرهم فى النيل ويزعمون أن ذلك أمان من المرض ونشرة للداء».
التاريخ الكنسى للغطاس
يذكر لنا التاريخ الكنسى أن الكنيسة المقدسة كانت تعيد عيدى الميلاد والغطاس معا فى عيد واحد حتى القرن الرابع الميلادى وكانت تسميه «الإبيفانيا» أى الظهور الإلهى على أساس أن الميلاد والعماد يؤديان معا مضمونا واحدا وهو: «إعلان لاهوت السيد المسيح».
وفى المخطوطة القبطية المدونة تحت رقم «24» الموجودة بجامعة ليبزيخ من أعمال ألمانيا، ذُكرعيد الإبيفانيا والقيامة والعذراء مريم، من الأيام التى يجب فيها على المؤمن الامتناع عن الجماع الزوجى، وفى نفس المخطوطة ورقة «17» نجد رسالة رعوية، أرسلها أسقف قبطى فى ذكر فيها عيد الغطاس من بين الأيام المقدسة.
ومن الروحى للصحى فللقلقاس فوائد عديد ومنها
إن فوائد القلقاس عديدة ومذهلة، إليك أهمها فى الآتى:
يحسن صحة العيون، يساهم فى الوقاية من خطر الإصابة بالسرطانات، كما أن فى القلقاس مواد تساعد على تقوية جهاز المناعة، يعزز صحة القلب، ويساعد البوتاسيوم على تنظيم انتشار السوائل المختلفة وضغطها فى الجسم داخل الخلايا وبينها ومنع احتباس السوائل، وبالتالى تنظيم ضغط الدم وترخية جدران الأوعية الدموية ويدعمها، يساعد محتوى القلقاس العالى من الألياف على خفض فرص الإصابة بمرض السكرى، لأن الألياف الغذائية تنظم وتيرة إطلاق الأنسولين والجلوكوز فى الجسم، إن كان الشخص مصابًا بمرض السكرى، فإن تناوله لأطعمة غنية بالألياف، مثل: القلقاس يساعد على منع حصول الارتفاعات الخطيرة فى سكر الدم.
ويسهم في خفض الوزن الزائدلانه تقليل نسب الدهون فى الجسم، خاصةً أنه يشعر الشخص بالشبع لفترات طويلة، يحسن صحة الجهاز الهضمى.
يحتوي القلقاس على كمية كبيرة من الألياف والنشا، وهى مواد تسير مع الطعام المهضوم وصولًا للقولون، وهناك يصبح الطعام المثالى للبكتيريا المفيدة فى الأمعاء؛ ليساعد على نموها وتطورها، وقد وجد أن تناول الأطعمة الغنية بالألياف يساعد على محاربة العديد من أمراض الجهاز الهضمى، مثل: مرض التهاب القولون، وسرطان القولون.
كل سنة ومصر بخير.