أغلق رئيس جامعة السويس الإقليمية الحكومية أبواب الجامعة وبتعليمات واضحة منه يوم الأربعاء الماضي، بعدم دخول كاميرات تليفزيون القناة الرابعة " إقليم قناة السويس " الحكومية التى كانت تقوم بدورها من أجل تصوير وتغطية المؤتمرات العلمية ونشر الأخبار عن الرسائل الاكاديمية الرصينة للدراسات العليا " الماجستير والدكتوراه " فى إطار خدمة المجتمع المحلي من قبل تليفزيون الدولة..
وقد تكرر ذلك المنع اكثر من مرة مما اثار الاستياء والغضب والتعجب والشكوي المتكررة من تلك التصرفات وسط استغراب الكثيرين من ابناء المجتمع المحلي.
الاستغراب والاندهاش يأتي من سؤال جوهري هل للجامعات الإقليمية فى بلادنا دورًا مؤثر فى تنمية المحافظات خصوصًا وأن الدولة المصرية قد توسعت فى انشاء الكثير من الجامعات الاقليمية " 24 جامعة " إقليمية وفروعها المختلفة وصلت الى كافة المحافظات ففي الوجه البحري توجد جامعات " الاسكندرية – دمنهور – كفر الشيخ – دمياط – المنصورة – الزقازيق – المنوفية – السادات – بنها وطنطا "،
كما تنتشر جامعتنا نحو الوجه القبلي " اسيوط – الفيوم – بني سويف – جنوب الوادي سوهاج – وأسوان "، أما فى اقليم القناة فالجامعات الاقليمية توجد فى محافظات " السويس – الاسماعيلية – بورسعيد " فضلا عن جامعة العريش فى سيناء هذا غير الجامعات والمعاهد الخاصة بالمحافظات
ويبقي السؤال هل هذه التصرفات الفردية والنشاذ وغير المبررة تخدم المجتمع المحلي ؟!
وبالرغم من وجود فلسفة واضحة ومحددة من انشاء الجامعات الاقليمية منها ربط التعليم الجامعي وعلاقته الاساسية بخدمة المجتمع المحلي وأعداد خرجين جيدين فى بنية الاعمال المحلية فأن الاساس أن الجامعة الاقليمية تكون بيت الخبرة الاكاديمي والمفترض أنها المستشار العلمي للمجتمع المحلي فى المحافظات فضلًا عن أهمية ربط دراستها العليا وابحاثها وشهاداتها الاكاديمية بالعلاقات الوثيقة من قضايا وهموم وطموحات وتطلعات المجتمعات المحلية بالمحافظات ويأتي ذلك من خلال:-
• انشاء مراكز الابحاث والدراسات المحلية وعلاقاتها بفهم التحديات والمشاكل والعمل على النهوض بالمجتمعات المحيطة بها والتى تكون بها تلك الجامعات الاقليمية بالمحافظات.
• الانفتاح الثقافي نحو التفاعل مع المجتمع المحلي من خلال الندوات الشهرية التثقفية والمشاركات بالابحاث الخاصة بالتنمية المحلية ورفع وتنمية القدرات الفنية والادارية والتعليمية للكوادر الاساسية فى كل محافظة.
• أيجاد علاقات راقية وثيقة بالمجتمع المحلي من خلال انشاء الفصول الدراسية ونقل الخبرات واختيار نوعية التعليم الفني والمرتبط بخصوصية كل محافظة وقدراتها الذاتية والتنافسية ورفع معدلات التنمية الزراعية – الصناعية – التجارية " والانشطة الاخري المصاحبة لنشاط السكان والتى تتناسب مع خصوصية كل محافظة من خلال الخبراء والاساتذه المتخصصين.
• ايجاد علاقات مجتمعية وثيقة مع المؤسسات والهيئات والشخصيات العامة من أجل وضع التصورات والحلول والرؤي المستقبلية للتنمية فى كل محافظة.
• الانفتاح على الجمعيات الاهلية – منظمات المجتمع المدني – الاندية – والصالونات والفعاليات الثقافية وحتي التفاعل بالاراء مع الاحزاب والنقابات فى حوارات ديمقراطية من اجل النهوض بالمجتمع.
• فتح المكتبات العامة للجامعات الاقليمية للجمهور العريض والمثقفين من أبناء المحافظة للاطلاع على الدوريات العلمية والكتب الحديثة بالمكتبات.
• عقد الندوة الشهرية والدورية فى مجالات متعددة وتكون مفتوحة للطلاب والجمهور.
• مشاركة اساتذة الجامعة فى كافة الفعاليات الفكرية على ارض المحافظة التى توجد بها الجامعة الاقليمية.
• فتح الفصول والدراسات المفتوحة الصيفية والتى تتناسب مع تطلعات الشباب واحتياجات المجتمع المحلي مع منح شهادات لتلك الفصول الدراسية او ورش العمل او حتي المنح الدراسية المعتمدة خلال فترات الصيف.
• اختيار بعض الشخصيات العامة من المجتمع المدني او الشخصيات المؤثرة ثقافيًا لتكون ضمن تشكيل مجلس أدارات الجامعات الاقليمية مع فتح العضوية الشرفية او منح الشهادات الشرفية للجامعة لمن يستحقها ووفق معايير واضحة ومحددة وفق القدرات العلمية والثقافة والمشاركة فى التنوير والتنمية المجتمعية.
• التوسع فى نشر الدراسات والابحاث التى لها صلة بمشاكل ومستقبل التنمية فى المحافظة.
• مع اقامة المعارض الثقافية والفنية والامسيات العلمية بموضوعات محددة تخدم المجتمع.
وللاسف على ارض الواقع انحسرت اعمال الجامعات الاقليمية فى دورها الوظيفي والمحدد بالمناهج او تخرج دفعات او اعداد من الخرجين والخريجات فقط.
وقد أخذت علاقات الجامعات الاقليمية بالمحافظات ادوارا ثابته كلاسيكية جامدة وأنحصر دورها فى مجموعة صورة باهته منها:-
- مشاركة ممثل الجامعة فى الزيارات البروتوكولية أو الرسمية ذات الطابع التقليدي.
- الحضور فى المراسم وحفلات التشريفات مع المسئولين او الوزراء او المحافظين.
- المشاركة فقط فى حضور الافتتاحات لبعض الانشطة الرياضية والاجتماعية او فى المناسبات الاجتماعية او الرسمية.. دون أن يكون للجامعات الاقليمية صوت مؤثر.
ومن هنا نحن نتساءل بنوع من التجرد وللصالح العام ونطرح السؤال الكبير:-
• ما هي الفروق بين جامعة اقليمية وعلاقتها بالمجتمع وما هو ما يميزها فى كل اقليم ان لم يكن للجامعة دورًا مؤثرًا فى تغيير أنماط السلوك والاتجاهات وانماط التفكير ونشر الثقافة والمعرفة او تقديم رؤية مستقبلية وتخطيطية للمحافظات التى على ارضها وفى حدود اختصاصتها؟!
ولعل الغريب فى الامر والطريف ايضا أننا نجد فى بعض المحافظات يتم الاستعانه بخبراء وعلماء واساتذه جامعية من خارج المحافظة لمناقشة مشروعات تخطيطية او وضع تصورات لبعض المشاريع متناسين علماء وخبراء جامعيين داخل محاظاتهم ؟؟!
ولعل ذلك يكشف حجم الفجوة بين المحافظات والجامعات الاقليمية فى عدم التعاون او التنسيق والمشاركة من أجل خدمة قضايا المجتمعات المحلية التى فى أمس الحاجة الى رؤي الجامعات العلمية لتلك المحافظات.
أن الغياب وانعدام التعاون فد أنعكس فى الكثير من المشاكل والقضايا المجتمعية المحلية والتى أصبحت تحديات للمحافظات بسبب عدم المشاركة والتلاحم او حتي الاشتباك والتشبيك فى القضايا المحلية التى يعاني منها المواطنين من المشاكل وما أكثرها.
أن غياب الربط العلمي والتطبيق العملي بين الجامعات الاقليمية والمحافظات يعتبر مرض خطير يؤدي الى عزلة الجامعات الاقليمية ويجعلها فى ابراج عاجية ليس لها تأثير أيجابي.
ويساهم بل يساعد على زيادة المشاكل والتحديات وعدم ايجاد الحلول العملية للكثير من التحديات التى تواجه المجتمعات المحلية بالمحافظات بالمدن والمراكز والمدن والقري.
وبعد أن الانفتاح من قبل الجامعات الاقليمية ومساندتها للمحليات يعتبر الخطوة الصحيحة نحو حل الكثير من التعقيدات والمشاكل الملحة فى المحافظات ويعود على بلادنا برؤية ناجزة من اجل التنمية وتأكيد اللامركزية التى نتطلع اليها جميعًا.
ومن هنا:-
فأننا نناشد وزير التعليم العالي والمجلس الاعلي للجامعات ومجالس ارادات الجامعات الاقليمية والمسؤلين عن ملفات خدمة المجتمع من اعضاء هيئة التدريس مدعويين جميعا لبحث الامر خصوصًا ونحن بعد ايام قليلة سوف يبدء العام الجامعي الدراسي الجديد نأمل أن يساهم فى تطبيق المشاركة المجتمعية العلمية الهامة من اجل تطبيق اللامركزية الديمقراطية وحتي تتحقق تنمية أفضل لبلادنا.