يُعقد بمدينة بروست( غرب فرنسا) الاجتماع غير الرسمي لوزراء الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي ، ويُطلق على هذا الاجتماع تسمية "جيمنش" نسبةً إلى قصر جيمنش الذي استضاف اللقاء الأول وفق هذه الصيغة في عام 1974.وأتاح هذا الاجتماع إجراء محادثات غير رسمية ومفتوحة واستراتيجية تناولت أولويات السياسة الخارجية التي تنتهجها فرنسا التي ترأس الاتحاد الأوروبي. تطرق المجتمعون إلى الآفاق البعيدة المدى وإلى أبرز الأزمات الدولية الراهنة على حدّ سواء. وسبق اجتماع وزراء الخارجية اجتماع وزراء الدفاع للدول الأعضاء، مثلما درجت العادة. وعقدت دورة عمل مشتركة تضمّ جميع الوزراء مساء اليوم حيث انضمّ وزراء الخارجية في الاتحاد إلى وزراء الدفاع المشاركين في الاجتماع المقام في منطقة بريتاني برئاسة جوزيب بوريل الممثل السامي للسياسة الخارجية الأوروبية والمعني بالسياسة الأمنية
واختارت الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي بمعية الممثل السامي تكريس أعمال اجتماع بريست لتناول مواضيع أساسية تُعنى بتعزيز سيادة أوروبا على الساحة الدولية.
"بوصلةٌ استراتيجيةٌ" من أجل تعزيز سيادة أوروبا
استعرض الوزراء تفاصيل مشروع "البوصلة الاستراتيجية" إبّان الدورة المشتركة مع الوزراء المكلّفين بالدفاع للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وذلك تمهيدًا لاجتماع رؤساء الدول والحكومات الذي يُزمع عقده في شهر مارس المقبل والذي يُفترض أن يقرّ هذا المشروع. وسيتسنى للدول الأعضاء بفضل هذه الوثيقة التي تُعدُّ بمثابة "الكتاب الأبيض" المتعلّق بالدفاع الأوروبي لعام 2030، تعزيز رؤية استراتيجية مشتركة للاتحاد الأوروبي للسنوات العشر المقبلة. وتمثّل هذه الوثيقة نتاج أعمال استمرّت منذ أكثر من سنة. وتمزج هذه "البوصلة الاستراتيجية" بين تحديد المخاطر التي تهدد أوروبا، وتعزيز قدرات الأوروبيين التشغيلية والصناعية، والدفاع عن مصالح الاتحاد الأوروبي وحرية ممارسة عمله في المساحات المتنازع عليها، وهي البحار والمحيطات، والحيّز الواقع خارج الغلاف الجوي، والفضاء الإلكتروني، والحيّز الإعلامي. وسوف تركّز الأعمال التي ينفذّها هذا المشروع على أربعة ميادين رئيسة، هي إدارة الأزمات، وتعزيز القدرات، والقدرة على التكيّف، وإقامة الشراكات. وترغب الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي من خلال اجتماع بريست في المضي قدمًا في أعمالها الرامية إلى إنشاء مشروع "البوصلة الاستراتيجية" الطموح الأهداف من أجل النهوض بقوة الدفاع الأوروبي وقدرته التشغيلية.
تعزيز السياسة التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي إزاء الجوار الشرقي
تناول الوزراء الوضع الأمني السائد في الجوار الشرقي للاتحاد الأوروبي، ولا سيّما في أوكرانيا وبيلاروس. وقاموا بتقيّم البيئة الجغرافية الاستراتيجية بعد عقد مجالس الشؤون الخارجية الأخيرة التي أتاحت للدول الأعضاء إعادة تأكيد حرصها على سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها، وتضامنها مع المجتمع المدني في بيلاروس. وناقش وزراء أوروبا بشأن الأنشطة التي سيقومون بها في سبيل التصدّي للتحديات الملحّة والمسائل الطويلة الأجل المتعلقة بأمن المنطقة.
بوريل: "من غير الوارد التفاوض تحت الضغط" بشأن الملف الأوكراني
اعتبر المسؤول عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل اليوم أن تحركات القوات الروسية على الحدود مع أوكرانيا تُعتبر "جزءا من الضغط" الذي تمارسه موسكو للحصول على مطالبها،
وقال لكن "من غير الوارد التفاوض تحت الضغط" بشأن أوكرانيا، وأعلن بأن الاتحاد الأوروبي سيُخصص قسم كبير من أعماله لخطر اندلاع نزاع جديد في أوكرانيا، "حصلنا على ضمانة بأنه لن يتمّ اتخاذ أي قرار ولا التفاوض بدون الأوروبيين والتنسيق مع الأميركيين ممتاز".
وأوضح انه لن تصدر قرارات اليوم لأن الاجتماع يكتسي طابعا غير رسمي، لكن سيتمّ الإعراب عن مواقف سياسية".
وأردف "سوف نستعرض موقف الاتحاد الأوروبي ونحدّد كيفية تعاملنا مع الأزمة". وتعهّد جوزيب بوريل بدعم الاتحاد الأوروبي الكامل لـ"استقلال أوكرانيا وسيادتها وسلامة أراضيها"
الاتحاد الأوروبي يعتزم إرسال بعثة تدريب عسكري إلى أوكرانيا
أكد الاتحاد الأوروبي أنه يعتزم تشكيل بعثة عسكرية جديدة ستتولى تدريب ضباط رفيعي المستوى في الجيش الأوكراني وأعلن منسق الاتحاد الأوروبي لشؤون الأمن والسياسة الخارجية، جوزيب بوريل، عن هذه الخطة أثناء لقاءه مع وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي، وقال بوريل: "طرح على طاولة الوزراء اقتراح لتشكيل بعثة مثيلة للبعثتين في مالي أو جمهورية إفريقيا الوسطى، وهي ستعمل على تدريب كوادر عالية المستوى للجيش الأوكراني".
وذكر أن المشاورات جارية حاليا بشأن ما إذا كانت هذه البعثة مطلوبة، مضيفا: "أعتقد أننا سنتخذ هذا القرار قريبا".كما أبدى المفوض نية الاتحاد الأوروبي إرسال خبراء معنيين بمحاربة التهديدات السيبرانية إلى أوكرانيا. وحذر بوريل من أن التطورات المستقبلية حول أوكرانيا ستؤثر على مسألة بدء تشغيل خط أنابيب الغاز "السيل الشمال-2" الذي يربط بين روسيا وأوكرانيا، موضحا أن القرار بشأن بدء تشغيله سيعود إلى الجهات المختصة في أوروبا حصرا إذا لم يحدث تصعيد جديد حول أوكرانيا. وأعلن بوريل عن رفض الاتحاد الأوروبي التام لمطالب روسيا لوقف تمدد حلف الناتو شرقا وتخليه عن فكرة انضمام أوكرانيا إليه، قائلا إنه لا يجوز فرض إرادة من الخارج على دول ذات سيادة.
وأشاد المفوض السامي بمستوى تنسيق الاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة وحلف الناتو بخصوص المفاوضات الجارية بين روسيا والغرب بشأن مبادرة الضمانات الأمنية التي قدمتها موسكو، معربا عن قناعته بأنه "لن يتم اتخاذ أي قرار يخص أمن أوروبا دون مشاركة الأوروبيين".
إقامة علاقة متوازنة مع الصين
بحث وزراء أوروبا العلاقة القائمة بين الاتحاد الأوروبي والصين، لا سيّما في ما يخصّ السلوك الذي تنتهجه الصين إزاء بعض الدول الأعضاء في الاتحاد التي تواجه ضغوط سياسية واقتصادية وتجارية شديدة. وتتيح هذه المحادثات الحرص على أن يسهم النهج المتعدد الأبعاد الذي يعتمده الاتحاد الأوروبي والذي بلوره في بيانه المشترك الصادر في عام 2019 في بلوغ الهدف المتمثّل في إقامة علاقة أكثر توازنًا واستقرارًا واستشرافاً مع الصين. وتطرق الوزراء إلى ترويج الصين نموذجها في النظام المتعدد الأطراف وإلى التدابير التي يجب أن يتّخذها الاتحاد الأوروبي من أجل التصدّي له.إقامة شراكة بصيغة جديدة بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي
تنظّم الرئاسة الفرنسية لمجلس الاتحاد الأوروبي حاليا دورة عمل مشتركة تمهيدًا لمؤتمر القمة الذي سيُعقد بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي يومَي 17 و18 فبراير 2022. وستتيح دورة العمل هذه، التي دُعي إليها رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد ووزيرة الشؤون الخارجية في جمهورية السنغال آيساتا تال سال، البحث في مستقبل العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي. كما سيتيح مؤتمر القمة إعادة صياغة الشراكة التي تجمع بين القارتين، وتوطيد الروابط الاستراتيجية القائمة بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي بشأن الأولويات المشتركة المتمثلة في الازدهار والأمن والتنقّل، وذلك بالتعاون مع الشركاء الأفارقة. وسيُتاح للوزراء فرصة تناول مواضيع أخرى متعلقة بالقضايا الدولية إبّان اجتماع بريست. ودُعي المندوبون المعنيون ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي للمشاركة في بعض المناقشات الوزارية.