التأمل في المناظر الجدارية المصورة على جدران المقابر في مصر القديمة يعطينا فكرة عامة تعكس صورة الحياة اليومية بشكل دقيق في ذاك الزمن لأن المصري القديم حرص على تصوير كل ما رأته عيناه لذا فتلك النقوش والمناظر المصورة ما هي إلا صورة حية لمظاهر الحياة بكل تفاصيلها الصغيرة المعتادة في مصر القديمة إلا أن تلك التفاصيل رغم صغر ما تحمله من فعل يكاد يكون أمرً إعتياديًا إلا أنها تحمل في طياتها الكثير من المعاني المبهرة وهو ما يجعل منها مادة خصبة للتعرف على البيئة التي عاش فيها أسلافنا العظام.
الصورة في المنظر تُمثل شخصين يقودان قطيع من الماشية ويعبرون به ترعة أو جزء من مستنقع ويحمل أحد هذين الشخصين صغير إحدى الأبقار حتى يعبر به المياه لكي لا يغرق ولأن لصغره لن يتمكن من المشي في تلك المياه الضحلة ونرى الصغير ينظر لامه في الخلف بلهفة وكذلك تنظر الأم له بحرص وخوف عليه غير مكترسة بطريقها التي تعبره وهنا تجلت قدرة الفنان في تجسيد مشهد حي بالطبع قد رأه بأم عينه في بيئته وصوره بكل تفاصيله حتى أنك تشعر وانت تقف أمامه أنه مشهد حي وتشعر لا إراديًا بإحساس البقرة وعاطفة الأمومة ولهفة الصغير فكما إعتدنا القول قد نجح المصري القديم في جعل الحجر ينطق.
المنظر من مقبرة "تي" في سقارة وهو منظر متكرر في بعض مقابر الدولة القديمة مما يؤكد أنه مشهد حقيقي رأه المصري القديم وقرر تصويره على جدران المقابر ..