لا يحتاج كاتبنا الكبير والروائي المرموق إبراهيم عبدالمجيد إلى كلمات أو مقال عن منجزه الإبداعي الذي أثرى به المكتبة الإنسانية من خلال عشرات الروائع التي ستظل شاهدة له طالما هناك على الأرض من يبحث عن الجمال.
ولكن الآن يحتاج عبدالمجيد إلى صلواتكم ودعواتكم له بتمام الشفاء وموفور الصحة، ثمانون يوما وكاتبنا الكبير يدخل غرفة العمليات ليخرج منها إلى غرفة عمليات أخرى.. جبل من الصبر هو عبدالمجيد، كتلة من الوجع المتحرك تخرج علينا من وقت إلى آخر ليغرد مخاطبا أحبابه برسالة لكي نطمئن، غادر القاهرة في هدوء للعلاج بالخارج وعاد في هدوء يستكمل علاجه على أرض المحروسة، هو الكاتب الذي خاض مع أبطال نصوصه معارك الدنيا يرقد الآن متألما.
ولأنني أعرف قدرة ابراهيم عبدالمجيد المناضل في مواجهة الألم والوجع واحترافه في صناعة الأمل كنت أتابع رحلته العلاجية وكلي ثقة أن كاتبنا سوف يعبر هذه المحنة وسوف يعود إلى شوارع القاهرة شامخا يشبه نخلة ومبتسما كطفل يكتشف الشوارع، ولكن ازعجتني رسالته الأخيرة التي كتبها على تويتر والتي أشار فيها إلى نفسيته التي بدأت تتأثر بفعل رحلة الثمانين يوما في أروقة المستشفيات.. وقال عبدالمجيد في رسالته نصا " لأول مرة حاقول اني تعبان نفسيا. تلات عمليات جراحة كبيرة في ضهري واستحملت ورجعت من بره دخلت مستشفي هنا علشان تضخم البروستاتا اللي مخليني من شهر مركب قسطرة وعملت عملية امبارح وتخدير كلي برضه. يعني تمانيين يوم في مستشفيات وعندي امل لكن بتعز علي حالتي والاقي دموعى ساعات بتنزل".
سلامتك أستاذنا.. قلوبنا معك بحق ما ادهشتنا في رحلتك الإبداعية..بحق انتفاضة 1977.. بحق الحنو والرقة التي قابلت بها من جاء بعدك من مبدعين.. بحق ميدان طلعت حرب ومقاعد زهرة البستان وجولات معرض القاهرة الدولي للكتاب.. إبراهيم عبدالمجيد ليس سطرا عابرا في صفحة كتاب ولكنه كتاب كامل لم ينفصل أبدا عن ما آمن به عاش كما كتب وكتب كما عاش لذلك هو ما ينطبق عليه بحق ما وصفه جرامشي بالمثقف العضوي.
وحتى لا يتوه القارئ غير المتابع لدنيا القصة والرواية أقول له عن عبدالمجيد المبدع أنه هو الجواهرجي الذي أبدع العديد من الروايات الملهمة منها "ليلة العشق والدم"، "البلدة الأخرى"، "بيت الياسمين"، "لا أحد ينام في الإسكندرية"، "طيور العنبر"،و "الإسكندرية في غيمة"، كذلك نشرت له خمس مجموعات قصصية وهم "الشجر والعصافير"، "إغلاق النوافذ"، "فضاءات"، "سفن قديمة"، "وليلة انجينا".
أما روايته "البلدة الأخرى" فقد تم ترجمتها إلى عدة لغات الإنكليزية والفرنسية والألمانية. كما ترجمت روايته "لا أحد ينام في الإسكندرية" إلى الإنجليزية والفرنسية، و"بيت الياسمين" إلى الفرنسية.
إذن عبدالمجيد ليس حكرا على الوسط الثقافي ومتذوقي ابداعه لكي يكتبوا عنه ويحتفوا بإبداعه وعطائه ولكنه ابن مئة مليون مصري خرج نيابة عنهم مناضلا في صفوف اليسار العلني والسري وهو إبن الثقافة الإنسانية الرفيعة التي كتب لها وعنها وأضاف ك موهوب حاد الموهبة إلى مكتبة الرواية ما يشار إليه بالبنان وما سيظل خالدا أبد الدهر.
أكتب عن إبراهيم عبدالمجيد وأشد على يديه واطبع قبلة على جبينه، إبراهيم عبدالمجيد وهو يفيق قليلا من مخدر البنج ويعود ليغفو مع آلامه يقرأ على الفيسبوك أخبار أصدقائه فيقدم التهنئة لهذا ويسطر عزائه لذاك إذا أصابته مصيبة، ثم ينكفئ على نفسه باحثا عن مسكنات الألم وعن محبة يستحقها بجدارة، محبة صادقة منبعها قلب سليم..
إبراهيم عبدالمجيد.. مصر تحبك.. ونحن من مريديك.. لذلك انهض.. كل الشوارع في انتظارك.