في عالم مفتوح لا تحكمه أى ضوابط مهنية أو أخلاقية، ووسط انتشار وزيادة وسائل التواصل الاجتماعى ومستخدميها، أصبح البحث عن الشهرة على هذه المواقع غاية المرتادين عليها، وهو الأمر الذى وصفه خبراء الإعلام بأنه صداع فى رأس المجتمع والجهات التنفيذية، بسبب كثرة الشائعات وانتشارها بشكل سريع، وبات «الترند» أحد المؤرقات التى يعانى منها الجميع.
وعلى الرغم من كشف السوشيال ميديا العديد من القضايا الهامة، مثل جريمة الفيرمونت، إلا أن الأكثرية التى تتصدر الترند هى موضوعات لا تشغل أحدا، ولا تعدو كونها محاولات للحصول على المشاهدات والمشاركات لجنى الأموال أو الشهرة، وعلى الرغم من عدم أهمية أغلب الموضوعات المثارة على السوشيال ميديا، إلا أن تناول الصحف والقنوات الفضائية لها، أثار غضب الجمهور بسبب عدم أهميتها وكونها مادة للسخرية والإلهاء.
انتقاد حاد واجهته القنوات الفضائية بمجرد عرض بعض القضايا التى تصدرت السوشيال ميديا، وعلى الرغم من أن هذه المواقع هى نفسها التى صدرت القضية، إلا أنها لم تسلم من الانتقادات اللاذعة، بسبب تدنى الموضوعات المتناولة، حيث إن الأصل هو أن تنقل السوشيال ميديا من وسائل الإعلام وليس العكس.
من بهاء العمدة وشاروخان إلى معلمة الدقهلية وبينهما المحلل الشرعي وبسنت
ومن ضمن الموضوعات التى تصدرت مواقع السوشيال ميديا، قيام شاب برحلة من الجيزة إلى أسوان على «حمار»، وبعد إثارة الموضوع إعلاميًا، قام شاب آخر من محافظة قنا بالإعلان عن قيامه برحلة من قنا إلى القاهرة سيرًا على الأقدام، ولكنه عاد مجددًا ليعلن اعتذاره بسبب التعب، فضلًا عن استضافة صاحب أغنية شيماء مؤخرًا على أحد القنوات الفضائية، كذلك الضهور الإعلامى لأحد الشباب بدعوى تصدره الترند كمحلل شرعى تزوج 33 مرة، وجميعها كانت سببًا فى انتقاد حاد لوسائل الإعلام، وأخيرًا ما تداولته وسائل الإعلام فيديو لـ«معلمة» وهى ترقص فى رحلة ترفيهية مع زملائها، وهو ما تسبب فى تدنى حالتها النفسية بالإضافة إلى انفصالها عن زوجها.
خبراء علم النفس الاجتماع والإعلام، أكدوا أن كلمة السر فى هذا الخلل هى غياب المهنية أو غياب الوعى والمعرفة الإعلامية عند جمهور وسائل التواصل الاجتماعى، وهو الأمر الذى يعبر عن حالة من التدهور والتردى لدى وسائل الإعلام لدينا، حيث أن هذه المواقع معظم محتوياتها أخبار مغلوطة وأحداث غير صحيحة، وموضوعات تستهدف الإثارة والشهرة وجذب الجمهور دون أن يكون لها قيمة حقيقية.
خبراء: الشائعات تحرم الجمهور من الحقيقة
داليا عبدالرحيم: اتخاذ الفضاء الإلكترونى فى تحقيق أهدافهم
فى البداية قالت داليا عبدالرحيم رئيس التحرير التنفيذى لـ«البوابة نيوز» ورئيس مبادرة «خليكى قوية» لمكافحة العنف ضد المرأة، على طلاق معلمة المنصورة «آية يوسف» بعد جريمة نشر الفيديو الذى تم تداوله على السوشيال ميديا وهى ترقص فى حفلة خارجية، قائلةً، هو نتاج الأخطاء التى يسببها الإعلام، إضافةً إلى القسوة والعنف الذى تتعرض له المرأة دون مواجهة المتسبب الحقيقى فى مثل هذه الجرائم، وتحطيم المعلمة نفسيًا ومعنويًا وماديًا.
وأضافت داليا عبدالرحيم، أن ما تعرضت له المعلمة آية يوسف ومن قبلها «بسنت خالد» على يد أشخاص تخلوا عن صفاتهم الإنسانية، سيفتح الباب على مصراعيه أمام هؤلاء المجرمين فى اتخاذ الفضاء الإلكترونى فى تحقيق أهدافهم من إيذاء نفسى لمزيد من الفتيات والمرأة عمومًا، بعدما أصبحت وسيلة تجعل المجتمع يجلد ضحاياهم من النساء بقسوة وعنف شديد حتى من أقرب الناس إليهم بدلا من الوقوف بجانبهن لمحاربة المتسبب فى نشر مثل هذه الفيديوهات.
وطالبت داليا عبدالرحيم، بأن يعود الإعلام إلى مساره الطبيعى الهادف الذى يخدم المجتمع من خلال ترسيخ الأفكار البناءة فى عقول الشباب والأطفال وهو ما يسهم فى التنشئة الصحيحة، وألا ننساق وراء كل ما يتم تداوله أو الترويج له.
ياسر عبدالعزيز: تصدير القضايا الهابطة خطر على المجتمع
وقال الدكتور ياسر عبدالعزيز، الخبير الإعلامى، إن المجال الإعلامى عمومًا بشقيه التقليدى والسوشيال ميديا أصبح يرتكب أخطاء كبيرة فى حق المجتمع، حيث إن بعض القائمين عليه باتوا يستعينون ببعض الحالات الفارغة، والتى تتجه لممارسات غير هادفة لتحقيق الشهرة والأرباح، لافتًا إلى أن كلمة السر فى هذا الخلل هى غياب المهنية أو غياب الوعى والمعرفة الإعلامية عند جمهور وسائل التواصل الاجتماعى.
وأوضح الخبير الإعلامى، فى تصريحات لـ«البوابة»، أن المشكلة فى هذا الأمر تُعد جسيمة وتُشكل خطرًا كبيرًا حيث إنها تعمل على حرمان الجمهور عن الأولويات الحقيقية ويتم استبدالها بأولويات مُصطنعة، مطالبًا بمحاسبة وسائل الإعلام التقليدية على الأخطاء المهنية من خلال أُطر المحاسبة المعنية كالمجلس الأعلى للإعلام ونقابة الصحفيين والإعلاميين، بالإضافة إلى توعية الجمهور من خلال ما يسمى بالتربية الإعلامية، وكذلك الجمهور يقع على عاتقه دور كبير فهو الذى يقوم بعمل تغذية للممارسات المنفردة والشاذة ويتابعها ويشجعها، حتى ولم تكن حقيقية أو هادفة، وبدورها تُحدث جرائم مجتمعية جسيمة يصعب مداواتها.
حسن حامد: تلقى ضررًا على الجمهور
ومن جانبه أوضح الإعلامى حسن حامد، الفرق بين الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى أن مهنة الإعلام لها مجموعة من الضوابط والمعايير التى يجب الالتزام بها وعدم الخروج عنها، بينما وسائل التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا بكل أشكالها تعمل بشكل فردى متوحد دون معايير أو شروط، وكذلك متحررة من كل القوانين والتشريعات، بالإضافة إلى أنه ليس هناك نسبة كبيرة من مستخدميها لديها معرفة بالقواعد والقوانين.
ولفت «حامد»، في تصريحات لـ«البوابة نيوز»إلى أنه من الطبيعى ما يتم نشره فى وسائل الإعلام يتم تداوله فى المواقع الإلكترونية، ومن غير الطبيعى أن يحدث العكس بأن ما يتم تداوله فى هذه المواقع يتم نشره فى وسائل الإعلام، وفى النهاية يتحول إلى مصدر للمعلومة لدى وسائل الإعلام، وهذا هو الأمر الذى يعبر عن حالة من التدهور والتردى لدى وسائل الإعلام لدينا، حيث أن هذه المواقع معظم محتوياتها أخبار مغلوطة وأحداث غير صحيحة، وموضوعات تستهدف الإثارة والشهرة وجذب الجمهور دون أن يكون لها قيمة حقيقية.
وطالب «حامد»، بإصلاح الإعلام من خلال مراقبة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وكذلك الهيئتين الوطنية للصحافة والوطنية للإعلام، والقيام بدورهم الحقيقى الذى وضعه وحدده القانون، وأن يكون هناك مزيد من التدريب والتأهيل للكوادر الصحفية والإعلامية، وأن يكون هناك اهتمام كبير ومراقبة شديدة للمضمون أو المحتوى الذى يتم تقديمه، مع عمل تحليل وتفسير على أساس أن يكون بها قيمة مضافة للجمهور والمستمع والمشاهد، بالإضافة إلى عدم تسليط الضوء بشكل كبير على الحالات السيئة الفردية حتى لا تتحول بدورها ظاهرة مجتمعية وتلقى ضررًا على الجمهور.
ووصف، انتشار وتوغل وسائل التواصل الاجتماعى فى الوسط الإعلامى بنظرية الفراغ، حيث أنه عندما يترك شخصًا مكان ما، فمن الطبيعى أن يأتى شخصًا آخر سواء لديه فهم ووعى أو غير ذلك حتى يشغل هذا المكان، منوهًا إلى أن الإعلام هو من تخلى عن ذلك الأمر وتركه لغيره غير المتخصص وغير المؤهل، بل وتزايد على ذلك أن الإعلام هو من يدعم هؤلاء الأشخاص ويساعدهم من خلال نشره لما يتداولونه ويبثونه.
سامية خضر: يجب نشر النماذج المشرفة للأجيال المقبلة
بدورها قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن الدولة يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة لصناعة الإعلام، وتقنين ممارساته ومحتوى البث والتوعية المجتمعية هذا بجانب الدور الأسرى التوجيهى، وأن ما يقوم الإعلام بتقديمه يؤثر فى تكوين شخصيات الأطفال والشباب.
ووصفت أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، عقل الإنسان بجهاز الكمبيوتر فى عملية التخزين، حيث ما يتم تسجيله وتخزينه من محتويات مختلفة هو نفسه ما يُشكل الهيكل الأساسى له ويظهر ذلك فى تصرفاته وأعماله، لافتةً إلى أن الشباب والفتيات حاليًا يتجهون نحو متابعة الترند فقط أيًا كان المحتوى الذى يتضمنه ويحاولون تقليده وهذا أمر خطير على المجتمع.
وطالبت «خضر»، القائمين على المجال الإعلامى بأن يعيدوا إلى التليفزيون دوره البَناء الذى بدوره شكل وعى الأجيال السابقة، بالعمل على جذب الشباب والأطفال بنماذج أخرى تساير المجتمع والثقافة والأيدولوجية المصرية، ويجب محاربة ما يقدم بتقديم برامج موازية، وضرورة عودة ماسبيرو، موضحًة أن هناك الكثير من الأمثلة الجيدة التى يجب أن نسير مثلها مثل رتيبة الحفنى، وفؤاد المهندس حينما كان يقدم برنامج «كلمتين وبس»، وسامية صادق، وآمال فهمى وغيرها من البرامج الهادفة المثمرة.
وتابعت «خضر»: «أنا حزينة ومندهشة مما يحدث كل يوم عن ضحايا حاولوا تقليد المحتويات اللى بتتنشر، وليس لدينا رصيد نقدمه للشباب والأطفال لتعليمهم، وهناك ضرورة لأن تقف الدولة للحد من ذلك ودراسة ما تواجهه الأجيال الحالية فيجب التدخل بتقديم نماذج محترمة فى المجالات المختلفة وتفعيل القومية والوطنية للشباب، وتقديم قدوة لهم من العظماء لدينا سواء من المفكرين والمثقفين والفنانين».
خبير إلكترونى: الأخبار المضللة والشائعات فى العالم تجاوزت تكلفتها ٢٣٥ مليون دولار
ومن جانبه قال المهندس محمد حسين، الخبير الإلكتروني، إن أغلب ما يتم ترويجه أسبوعيًا على صفحات التواصل الاجتماعى مضلل بشكل كبير، وتكتشف حقيقته بعد وقت قليل، فالتريند الوهمى مكشوف للغاية.
واستدل «حسين»، بدراسة حديثة نشرتها مؤسسة «مؤشر المعلومات المضللة العالمي»، تكشف من خلالها عن أن قيمة الأخبار المضللة والشائعات تجاوزت تكلفتها ٢٣٥ مليون دولار، ما يدل على حجم الكارثة التى يواجهها العالم بأكمله، وليست مصر فقط، مشيرًا، إلى سرعة اختفاء «التريند المزيف» من الساحة، وعدم استمراره لوقت كبير، عكس باقى الأخبار التى تشغل اهتمامات رواد التواصل الاجتماعى، ما يدل على أن تلك العصابات تعتمد فى خطتها المحكمة على التوقيت الذى تقوم فيه بدس السم فى أذهان أبنائنا.
ولفت الخبير الإلكترونى فى تصريحات صحفية، إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية كانت الطرف الأول فى انتشار هذه الظاهرة، حين اعتمدت فى نشر أخبارها المضللة على اللجان الإلكترونية، من خلال تجنيد الشباب الذين لديهم خبرة واسعة فى التحكم بصفحات التواصل الاجتماعي، وحثهم على نشر الأكاذيب والشائعات طوال الوقت، أما عن التحكم فى هذه الظاهرة، أكد أن هناك مسئولية كبيرة تقع على عاتق وزارة الاتصالات ومباحث الإنترنت فى تتبع مافيا «السوشيال ميديا»، ومعاقبتها على إثارة الرأى العام، أو تشويه سمعة الأشخاص.
برلمانيون: صنع أبطالا من ورق
أحمد سمير زكريا: يصنع أبطالًا مكن ورق
وقال أحمد سمير زكريا، عضو مجلس الشيوخ، إن فوضى السوشيال ميديا والبحث عن الترند تتصدر الساحة حاليًا، لافتًا إلى أنه يوجد انفلات كبير فى صنع أبطال من ورق هش، مستنكرًا اهتمام وسائل الإعلام بهذه الموضوعات غير المفيدة، وأنه إذا نظرنا لتلك الأخبار لن نجد أى جدوى من تصدرها مواقع وصحف.
وأوضح عضو مجلس الشيوخ، في تصريحات لـ«البوابة»أن السوشيال ميديا أيضًا صنعت أبطالًا من ورق لنا ولا يقدموا للمجتمع المصرى إلا أضحوكة للجميع، مشددًا على ضرورة ضبط المشهد فى السوشيال ميديا، وإن لم نستطع فيجب ضبط المشهد الإعلامى، مطالبًا المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بوضع أسس وضوابط تمنع وسائل الإعلام من تناول موضوعات لا قيمة لها، وتقدم صورة سلبية عن المجتمع المصري، موضحًا أن الجميع أبدى احترامه لقرارات المجلس عندما وضع كودًا جديدًا بشأن تغطية حوادث الانتحار ومحاولاته، وتضمن الكود 10 بنود تتعلق بكل أحوال تغطية حوادث الإيذاء النفسى فى تقديس واحترام الحق فى الحياة، والمحافظة على النفس البشرية، فيجب على المجلس منع تلك النماذج السيئة من تصدرها الصحف حتى لا يشار للمجتمع المصرى بهذه النماذج غير المفيدة.
وطالب «زكريا»، وسائل الإعلام بالتركيز على النماذج المضيئة، وهى ما أكثرها فى المجتمع المصرى، مستنكرًا التغافل غن النماذج المصرية المشرفة ومنها على سبيل المثال لا الحصر: «نجيب محفوظ، نجيب الريحاني، جراح القلب العالمى مجدى يعقوب، المهندس العالمى هانى عازر، النجم الدولى محمد صلاح أو بيج رامى، وغيرهم من المصريين الذين شكلوا وجدان الملايين حول العالم، لنركز على هؤلاء الذين لا قيمة لما يفعلونه».
عماد الدين حسين: جعلتنا جميعًا عرايا أمام بعضنا البعض
فى السياق ذاته يرى عماد الدين حسين رئيس تحرير جريدة الشروق، عضو مجلس الشيوخ، أن السوشيال ميديا صارت تلعب دورا خطيرًا فى حياتنا، بحيث إنها جعلتنا جميعًا عرايا أو شبه عرايا أمام بعضنا البعض، والقاتل الصامت فى هذه الموضوع، وهو الجانب السلبى لوسائل التواصل الاجتماعى، باعتبارها صارت الأداة الرئيسية لنشر الاستقطاب والتطرف والتعصب وأخيرًا التطرف القيمى بالتوسع فى نشر الموضوعات الإباحية، لافتًا، إلى أن حينما نقول التطرف والاستقطاب يعتقد البعض أن الأمر قاصر فقط على التطرف الديني، خصوصا الذى يتمسح فى الدين الإسلامى السمح، ولكن الأمر أشمل من ذلك بكثير، ويشمل كل الأديان والمجتمعات والمنتديات، لكن مع اختلاف فى الدرجة حسب درجة التطور والتعليم والوعى.
وأكد «حسين»، فى تصريحات لـ«البوابة»، أن التطرف ليس دينيا فقط، كما فى وليس سياسيا فقط، ولكنه موجود بصفة عامة منذ فترة طويلة فى منتديات الدردشة فى كل المجتمعات، والأخطر حاليًا العديد من الفيديوهات الخارجة على كل القيم والآداب العامة على تطبيق «تيك توك» مثلا، وكل هذا يحتوى بداخله على الصحيح والخطأ، لكن الجديد أن وسائل التواصل الاجتماعي، كشفت هذه الأمراض بصورة أوضح، والأخطر نشرتها بصورة واسعة، وجعلت من اليسير صب المزيد من النار عليها، كلما هدأت قليلًا، وهناك أجهزة وكتائب إلكترونية، فى كل مكان تساعد فى جعل هذه النار مستعرة، لكن الموضوعية تحتم القول أيضا إن وسائل التواصل الاجتماعى جعلت من المواطنين العاديين وقودا لهذه الحرب، حتى لو لم يدركوا ذلك عن أنفسهم.
وتابع عضو مجلس الشيوخ، فى القضايا الأخيرة ذات الإيحاءات الجنسية، فإنه لو لم يكن الموبايل موجودًا، ما قام أحد بالتقاط الصور الخادشة للحياء. وحتى لو التقطها، فلم يكن بإمكانه نشرها وعرضها، لو لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصا الفيسبوك وتويتر وإنستجرام واليوتيوب موجودة. كان الأمر سيكون مقتصرا على عدد قليل من أصحاب النادى أو الشارع أو المنطقة، والسوشيال ميديا مفيدة فى جوانب كثيرة، لكنها مدمرة فى جوانب أخرى كثيرة أيضا، متسائلًا، هل هناك إمكانية لزيادة الجوانب المفيدة، وتقليل الجوانب الضارة؟، معلقًا، على الفيديو المعروف إعلاميًا بـ «فيديو معلمة الدقهلية» أقدر إلى حد ما التفكير الذى يتعامل مع المعلمة وبعض الفئات الأخرى مثل القضاة بصورة حساسة، ويضعها فى منزلة سامية، لكن علينا أن نكون واضحين أنها كانت تمارس حياتها الخاصة، ولم ترتكب جريمة مخلة بالشرف أو السمعة، وأنها رقصت أمام جمع من زملائها بصورة تفعلها ملايين المصريات ليل نهار، وبالتالى فإن المجرم الحقيقى هو من قام بالتصوير والبث والإذاعة، وهو ما يقودنا مرة أخرى إلى الجانب شديد السلبية فى وسائل التواصل الاجتماعى.
واختتم «حسين»، أنه بعد توسع العديد من وسائل الإعلام فى نشر تفاصيل قضايا تمس الأخلاق العامة، ومن دون التحقق من صحتها بغرض «البحث عن الترند والترافيك»، حتى لو كان الثمن هو انهيار منظومة القيم الأخلاقية، الأمر الذى جعل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يعقد اجتماعًا طارئًا، تحت عنوان «الإعلام والحفاظ على الهوية الأخلاقية»، للوقوف على حدود المسموح به أخلاقيًا وقانونيًا فى قضايا النشر، وأوصى الاجتماع بضرورة ضبط الهوية الأخلاقية والالتزام تجاه المجتمع، والحرص على إعلاء المحتوى الأخلاقى فى وسائل الإعلام وإزالة المحتوى غير الأخلاقى.
أحمد كريمة: «اتسع الخرق على الراتق»
فى سياق متصل صف الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، الإعلام الخاص بأنواعه بأنه خطأ وخطيئة، حيث أنه لا قيمة له وأنه لا يسعى لالتماس الحقائق ولكن يسعى دائمًا للإثارة والتهييج وتغييب المدارك عن القضايا المهمة للمجتمع، مشيرًا، إلى أنه أصبح مهنة من لا مهنة له، وهو ما نراه من خلال التصرفات المنسوبة إلى أشخاص غير هادفين، مما أدى إلى عزوف المتابع عن ما يبث حتى من خلال التليفزيون، وهو الأمر الذى جعل الناس يذهبون غلى قنوات أخرى وربما معادية.
وأكد «كريمة»، فى تصريحات لـ«البوابة»، أنه لا بد من وقفة وتوعية من خلال المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للإعلام، حيث إنه اتسع الخرق على الراتق»، مضيفًا أنه يجب أيضًا التحلى بما جاء به الإسلام فى تلك الأمور حيث جاء فى الحديث النبوى الشريف «كفى بالمرء إثمًا أن يُحَدث بكل ما يسمع»، مشددًا على أنه يجب تقليص الفراغ اذى حدث بين الرقابة وتلك الأفعال المنافية التى تمس بأمن المجتمع.
وانتقد أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، بعض من يتحدثون فى بعض الفضائيات عن قضايا تخص الشأن الإسلامى مثل زواج التجربة، وإلغاء أيام العدة، وكذلك المساواة بين الذكر والأنثى فى الميراث، إضافة إلى بعض من يهاجمون الثقافة الأزهرية والتراث الإسلامي، موجهًا لهم رسالة لهم: «اقتدوا بما قاله المولى عز وجل فى محكم التنزيل، فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».