على هامش المتابعات الدورية لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، لأحدث تقاير مؤسسة "فيتش" العالمية بشأن أسعار وصادرات الغاز الطبيعي المُسال، كشف التقرير ارتفاع الأسعار لمستويات قياسية عام 2021 لتسجل نحو 35 دولارًا أمريكيًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وأوضح التقرير، أنه الأسعار سجلت أدنى مستوياتها التاريخية عند أقل من 2 دولار أمريكي/ مليون وحدة حرارية بريطانية عام 2020، وشكل ارتفاع أسعار الغاز جزءً من أزمة طاقة أثرت على أوروبا والمستهلكين الآسيويين الرئيسيين، مثل "الصين والهند"، بجانب محركات أزمة الطاقة الأخرى، وهي مستويات تخزين الغاز المستنفذ، وعدم كفاية إمدادات خطوط الأنابيب من روسيا، وانخفاض إنتاج توربينات الرياح في أوروبا، والتشوهات في أسعار الفحم وانقطاع الإنتاج في آسيا، والظواهر الجوية القاسية، ونمو الطلب على الطاقة مع تعافي الاقتصادات من وباء كوفيد-19، وأدى ذلك إلى زيادة الطلب على الغاز الطبيعي المُسال لسد فجوة إمدادات الغاز، ولكن تم تقييد نمو العرض؛ نتيجة الاضطرابات المرتبطة بالوباء في أعمال التشييد والصيانة.
توقعات باستمرار ارتفاع الأسعار
تتوقع مؤسسة "فيتش"، أن تظل الأسعار مرتفعة خلال الأشهر المقبلة، فلا تزال مستويات تخزين الغاز منخفضة في كل من آسيا وأوروبا، رغم أنه من المتوقع أن يؤدي الشتاء البارد في نصف الكرة الشمالي إلى زيادة الاستهلاك.
وفي الوقت الراهن، فإن معظم منتجي الغاز الطبيعي المسال الرئيسيين يعملون عند أو بالقرب من طاقتهم القصوى، مع ذلك، فإن مستويات الأسعار الحالية غير مستدامة، حيث إن فرض قيود على استهلاك الطاقة الصناعية في بعض الأسواق، والتحول من الغاز إلى النفط، وتباطؤ الزخم الاقتصادي، سوف يساعد على تخفيف بعض الضغوط على الطلب عام 2022، وفي ضوء الضغوط التضخمية المستمرة، والسياسات النقدية والمالية الأكثر تشددًا، وظهور متحول أوميكرون، فإن ميزان المخاطر المؤثرة على النمو الاقتصادي سيميل بشكل متزايد إلى الجانب السلبي، وفي الوقت نفسه، سيستمر المعروض في الارتفاع.
من المتوقع أن تشهد الغالبية العظمى من منتجي الغاز الطبيعي المُسال مزيدًا من النمو في الصادرات عام 2022 باستثناء إندونيسيا والجزائر – حيث يتوقع أن يسجلا انخفاضًا بحلول عام 2022.
توقعات بأسعار الغاز الطبيعي في مصر
وبدوره، يقول الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، إن مصر حققت الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي بفضل حقول الغاز المنتجة الموجودة في محافظات الجمهورية، حيث أن وجودها ساهم بشكل كبير في توافر احتياجاتنا واستهلاكنا للغاز، مما أدى إلى استقرار أسعاره خلال الفترة الماضية بشكل كبير، إلا أن ارتفاع أسعار يرتبط بالسوق العالمي والتصدير للخارج وفقًا للأسعار العالمية.
ويتوقع عامر، في تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»، ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في مصر خلال الفترة المقبلة، ولكن هذا الارتفاع سيكون طفيف ومحدود جدًا، حيث أن الارتفاع في الأسعار يرتبط بأسعاره في البورصات العالمية بشكل كبير، وفي الفترة الحالية تشهد أسعار الغاز ارتفاعًا ملحوظًا، وكما توقعت مؤسسة فيتش أن الأسعار ستظل مرتفعة خلال الفترة القادمة.
كما يضيف أحمد معطي، الخبير الاقتصادي، أنه كما توقعت مؤسسة فيتش أن أسعار الغاز الطبيعي ستشهد ارتفاعًا ملحوظًا خلال الفترة القادمة في العالم أجمع، لعدة أسباب منها أن العالم في الوقت الحالي في حالة تعافي من فترة فيروس كورونا، وبدأ في التعايش مع الأزمة حاليًا ومع الأوبئة والمتحورات، حيث زادت الفترة الأخيرة الطلب على الغاز، نتيجة عودة أغلب المصانع للعمل بكامل طاقتها، موضحًا أن الطلب على الغاز زاد بشكل كبير والمعروض محدود، خاصةً في ظل الأزمات الأخرى مثل سلاسل التوريد وصعوبة النقل في ظل الفترة الراهنة وتغير المناخ.
ويواصل معطي، في تصريح خاص لـ«البوابة نيوز»، أنه من المتعارف عليه أن فصل الشتاء يزيد سعر الغاز، لأن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأمريكا الشمالية يكون الشتاء باردًا جدًا، ويكون هناك طلب على الغاز بشكل كبير، ويرتفع سعره أيضًا، ووفقًا للمعطيات الراهنة يتوقع أنه خلال النصف الأول من عام 2022 سيستمر ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، وبعد النصف الأول سيشهد تراجع مره أخرى، مضيفًا أنه نتيجة الطلب المتزايد على أسعار الغاز فإن أسعار النقل أيضًا ارتفعت، وتدريجيًا سينتهي الأمر، والمحور الأساسي في الزيادة أيضًا هي "الأزمة الجيوسياسية" بين روسيا والاتحاد الأوروبي، لأن روسيا من مصدري الغاز الطبيعي للاتحاد، وهناك خلافات بسبب أزمة أوكرانيا وأزمة خط غاز "نورد ستريم 2"،
وتوقع، أن مصر لن تشهد ارتفاع كبير في أسعار الغاز، لأنه ليس هناك أزمة حقيقية في هذا الأمر، وهو ما توقعته مؤسسة فيتش، وسيكون عام جيد للمصدرين والمنتجين للغاز، مما يعني أنه سيحدث نمو في مصر وفقًا لهذه التوقعات، فهناك اكتفاء ذاتي من الغاز حققته مصر، والارتفاع سيكون بسبب الارتفاع العالمي.