الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

صلاح والمنتخب.. من منظور تفاوضي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عندما يجلس على طاولة التفاوض أطراف متعددة، سواء كان هذا الجلوس مكانيا وفعليا، أو كان افتراضيا عن بعد، أو كان عن طريق الرسائل الفعلية أو الإلكترونية أو حتى المحادثات التليفونية، ويكون الشأن لا يهم فقط تلك الأطراف، سواء كانت تلك الأطراف أفراد أو منظمات أو اتحادات أو حكومات، لكنه يهم مئات الملايين من البشر، بشكل مباشر، ويتابعون تطور تلك المفاوضات يوما بيوم وساعة بساعة. وتكون الأطراف والمتابعون من بلاد شتى ومن ثقافات متعددة، ومصالح متضاربة، فلابد أن يفكر كل طرف مليا في تقدير مجموع ما يجب أن يحققه من نقاط كمجموع كلي، وليس ما يحققه من نقاط في كل جولة على حدة.

أدخل في الموضوع مباشرة وهو قضية "استدعاء محمد صلاح للإشتراك مع المنتخب المصري في مبارياته، وبالتالي عدم اشتراكه مع النادي الأجنبي المحترف فيه في المباريات التي تتزامن مع وجوده بالمنتخب المصري".

الأطراف في هذا الموضوع عديدون ويصعب حصرهم، منهم من يشتركون مباشرة في التفاوض ومنهم من يتابعون ومنهم مرجعيات للحكم عند الاختلاف. وفي الحالة الراهنة لمحمد صلاح. نركز هنا على محمد صلاح ووكيل أعماله ونادي ليفربول ومدربه ومشجعي ليفربول والاتحاد المصري لكرة القدم والاتحاد الأفريقي والفيفا والحكومة المصرية والشعب المصري. من مصلحة الاتحاد المصري لكرة القدم أن يشترك محمد صلاح مع المنتخب المصري، ومن مصلحة نادي ليفربول ألا يشترك محمد صلاح مع المنتخب. أما محمد صلاح، فلا نريد أن ندخل في نواياه وتوازناته وعقله الباطن .

من مشاكل القضايا التفاوضية، أن تكون هناك مصالح متقاطعة ومتعددة، فيعجز طرف ما عن تحديد أيهما أفضل له. وهنا ندخل الى السؤال الذي يمثل لب الموضوع وهو:

أيهما أفضل للحكومة المصرية وللشعب المصري، أن يصبح محمد صلاح، صاحب لقب هداف الدوري الإنجليزي، أو أحسن لاعب في الدوري الإنجليزي، أو...أو..... أم يغيب عن عدد من المباريات ويترك الفرصة للاعب آخر [فقد صلاح هذا اللقب العام الماضي بفارق هدف واحد لصالح اللاعب هاري كين] أيهما أصلح للحكومة المصرية وللشعب المصري أن تظهر صورة صلاح على أغلفة الصحف العالمية وشاشات محطات التليفزيون العالمية لاشتراكه مع ناديه الأجنبي أم اشتراكه مع المنتخب الوطني؟

قد يقول قائل: إن رونالدو وميسي  وغيرهم يتركون أنديتهم العالمية ويشتركون مع منتخباتهم، والرد على ذلك بسيط، وهو أن المنتخب المصري ليس المنتخب الإسباني، وليس المنتخب البرتغالي، كما أن بطولة الأمم الأوروبية لا تتعارض مع بطولات داخلية.

إن رأسمال محمد صلاح ليس فقط مدى مهاراته الكروية، ولكن أساس رأسماله وقاعدته الأساس هي سلامته الصحية. وبالتالي فإن صلاح لا يمكن أن يجازف بالالتحام في المباريات الإفريقية والعربية، كما أن تنقله واختلاطه أثناء المباريات مع المنتخب، وفي الفنادق، والتنقل والسفر، ونحن في زمن الكورونا، يعرضه لالتقاط العدوى.

إن حصيلة اشتراك صلاح مع المنتخب، لا تساوي إطلاقا جزءا صغيرا من حصيلة ما تفقده مصر من دعاية يحققها صلاح لمصر أمام المليارات من مشجعي كرة القدم في أنحاء العالم. كما أننا لا بد أن نعترف بأن عبارة "مو صلاح" يتم ترجمتها في عقل المشاهد أيا كانت جنسيته، إلى عبارة "إنه مصري".

إن صلاح لا يستفيد من اشتراكه مع المنتخب المصري، فهذا لا يضيف له شيئا داخل ناديه العالمي الكبير المحترف فيه. بعكس أي لاعب مصري آخر، يلعب في نادي أجنبي متواضع، حيث اختيار مثل هذا اللاعب في منتخب بلاده يصبح مصدر فخر وتميز للاعب المصري بين أقرانه اللاعبين. كما أن فوز النادي الذي يلعب له صلاح في أية بطولة، يعتبره الشعب المصري فوزا له ومصدر افتخار.

كما أن صلاح قد قارب على سن الثلاثين، ولم يتبق له غير القليل على سن الاعتزال والازدهار، فلنتركه يحقق أقصى إنجازاته العالمية، دون وضعه تحت ضغط أدبي لا داعي له.

لذلك قد أستميح لنفسي بأن أصل إلى نتيجة مؤداها، أن عدم اشتراك محمد صلاح مع المنتخب المصري، وخاصة إذا تعارض ذلك مع مباريات ناديه الأجنبي، هو أفضل وأجدى وأنفع ألف مرة للاعب ولمصر وللمصريين ولمحبي صلاح في شتى أنحاء العالم.

وبالتالي على اتحاد الكرة المصرية أن يحزم أمره ولا يستدعي محمد صلاح للمنتخب الوطني إلا في ظروف معينة مواتية، كأن تكون مباراة نهائية في بطولة بالغة الأهمية.