يمثل الاحتياطى النقدى لمصر أهمية كبرى فى الحفاظ على قوة ومتانة الاقتصاد القومى، والاحتياطى النقدى لمصر هو عبارة عن غطاء نقدى من العملات الأجنبية بالإضافة إلى احتياطيات من الذهب المودع لدى خزائن البنك المركزى المصرى ويقترب حاليا حجمه من ٤.٢ مليار دولار بنهاية فبراير ٢٠٢١ وفقا لآخر تقرير صادر عن البنك المركزى المصرى.
ويلعب الاحتياطى النقدى دورا مهما فى الاقتصاد القومى لأى دولة و الذى على اساسه، تتحدد القرارات والسياسات الاقتصادية للدولة، وهو ما يعد معيارا لقوة أو ضعف الدولة اقتصاديا على الصعيد الدولى والإقليمى، فمع ارتفاع حجم الاحتياطى النقدى تكون الدولة قادرة على تدبير اتفاقيات للاقتراض التنموى مع المؤسسات الدولية والإقليمية مادامت تمتلك احتياطيا نقديا قويا يكون بمثابة ضمانة للدولة أمام تلك الجهات، كما أنه يعد مؤشرا لثقة المجتمع الدولى فى اقتصاد تلك الدولة.
وتكمن أهمية الاحتياطى النقدى أيضا فى قدرة الدولة على تدبير احتياجاتها من السلع الاستراتيجية والمنتجات الطبية والأدوية والمواد الخام التى تستخدم فى الصناعة والإنتاج المحلى، لفترات طويلة وخصوصا فى فترات الكوارث الطبيعية والحروب والاضطرابات السياسية والأمنية.
وظهرت الاهمية الكبرى لاحتياطى النقد الاجنبى فى ذروة جائحة كورونا وما شهده العالم من اغلاق تام حيث استطاعت مصر تامين احتياجاتها من السلع الاستراتيجية وعلى رأسها الادوية والغذاء وهى سلع تمس الامن القومى للبلاد.
ولهذا شهدت مصر جهودا كبيرة اتبعتها سلطات النقد ممثلة فى «البنك المركزى المصري» وتحديدا بعد تحرير أسعار الصرف الأجنبى وهو ما وفر موارد دولارية تجاوزت حاجز ٢٠٠ مليار دولار لتدعيم الاقتصاد القومى بخلاف برامج التمويل المقدمة من صندوق النقد والبنك الدولى لدعم الاحتياطى النقدى فى مصر وإعادة هيكلة السياسات المالية والنقدية أيضا.
وفقا لتقارير رسمية عن البنك المركزى المصرى فإن الاحتياطى النقدى حاليا يستطيع تدبير احتياجات مصر من السلع الاستراتيجية والمواد الخام لفترات تتجاوز ٧ شهور متصلة وهو بذلك يعتبر من أكبر الأرقام المحددة عالميا.
ومؤخرا، كشفت بيانات البنك المركزى عن ارتفاع احتياطى النقد الأجنبى بنحو ٨٤٦ مليون دولار خلال أول ١١ شهرا من عام ٢٠٢١.
ووفقا لبيانات البنك، سجل احتياطى النقد الأجنبى نحو ٤٠.٩٣٤ مليار دولار فى نهاية ديسمبر ٢٠٢١ مقابل ٤٠.٠٦٣ مليار دولار فى نهاية ديسمبر ٢٠٢٠.
وكان احتياطى النقد الأجنبى، قد ارتفع خلال نوفمبر الماضى بنحو ٦٠ مليون دولار مسجلا ٤٠.٩٠٩ مليار دولار فى نهاية الشهر مقابل ٤٠.٨٤٩ مليار دولار فى نهاية أكتوبر، مسجلا زيادة للشهر الثامن عشر على التوالى، كا ارتفع ٢٥ مليون دولار فى ديسمبر الماضى، بحسب ما أعلن البنك المركزى.
ويعود الارتفاع من احتياطى النقد الاجنبى، بشكل رئيسى إلى زيادة قيمة العملات الأجنبية فى الاحتياطى المصرى من النقد الأجنبى خلال نوفمبر الماضى بنحو ٢٢٢ مليون دولار لتصل بنهاية الشهر إلى نحو ٣٤.٠٣٥ مليار دولار.
يقول الدكتور عبد المنعم السيد، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، ان العالم كله يشهد حالة من التعافى بعد جائحة كورونا، خاصة مع التخفيف من القيود الاحترازية التى وصعتها الدول، واصبحت الاحتياطيات الدولية وفيرة نسبياً وفى نطاق الحدود الامنة، كما بدأت مصادر الدخل الأجنبى الرئيسية فى التحسّن، فقد سجلت ٤٠.٧ مليار دولار فى نهاية أغسطس ٢٠٢١، وارتفع صافى الاحتياطيات الأجنبية إلى ٤٠.٨٤٩ مليار دولار فى نهاية شهر أكتوبر ٢٠٢١، مقارنة بـ ٤٠.٨٢٥ مليار دولار، فى نهاية شهر سبتمبر ٢٠٢١، بارتفاع قدره نحو ٢٤ مليون دولار، بالتالى فإن المتوسط الحالى للاحتياطى من النقد الأجنبى يغطى نحو ٨ أشهر من الواردات السلعية، وهى أعلى من المتوسط العالمى البالغ نحو ٣ أشهر من الواردات السلعية، بما يؤمن احتياجات مصر من السلع الأساسية والاستراتيجية.
وقال السيد فى تصريحات لـ"البوابة": «حظيت هذه الاحتياطيات بدعم من استمرار التحويلات المالية، وتدفقات استثمارات المحافظ التى تستفيد من الأسعار الجاذبة للدين السيادى المحلى ذى الدخل الثابت والتمويل الخارجى الذى قامت مصر بتعبئته، بما فى ذلك التمويل من أداة التمويل السريع لصندوق النقد الدولى، بقيمة ٢.٨ مليار دولار، واتفاق الاستعداد الائتمانى مع الصندوق الذى أُنجز مؤخراً بقيمة نحو ٥.٤ مليارات دولار، فضلاً عن طرح سندات دولية سيادية وسندات خضراء سيادية.
واشار الى انه كان لتحويلات المصريين العاملين بالخارج، دورا كبيرا ورئيسيا فى زيادة احتياطى النقد الاجنبى، والتى سجلت خلال الفترة «يناير- يوليو ٢٠٢١»، ارتفاعا بمعدل ١٠.٢٪ بنحو ١.٧ مليار دولار لتسجل نحو ١٨.٧ مليار دولار مقابل نحو ١٧.٠ مليار دولار خلال الفترة «يناير-يوليو ٢٠٢٠»، حيث أشار البنك الدولى، إلى أن تحويلات المصريين بالخارج فى طريقها إلى رقم قياسى جديد، فى ضوء ارتفاع أسعار البترول والتعافى الاقتصادى العالمى الذى يدفع التحويلات للنمو.
وأوضح السيد انه من المتوقع أن ترتفع تحويلات المصريين بالخارج بنسبة ١٣ ٪ لتسجل ٣٣ مليار دولار هذا العام، ما يجعل مصر واحدة من أكبر خمس دولة متلقية للتحويلات الخارجية بالدولار، حيث أوضح البنك الدولى، أن مصر ستتجاوز بفارق كبير الدول النامية الأخرى بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هذا العام، من حيث تلقى التحويلات الأجنبية، وستمثل تحويلات المصريين بالخارج ٥٤٪من إجمالى التحويلات بالمنطقة، وهو ما سيساعد فى رفع تحويلات المنطقة بالكامل بنسبة ١٠ ٪هذا العام لتبلغ ٦٢ مليار دولار.
وأوضح السيد، أنه وفى إطار استراتيجية الشمول المالى التى أُطلقت عام ٢٠١٩ أعلن البنك المركزى حزمة من القرارات لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة المتعثرة ماليا، والمعرضة لخطر التخلف عن السداد، ومنحها مزيدا من الوقت والسبل لتسوية ديونها فى ضوء تأثيرات «كوفيد-١٩» على الشركات، وتشمل التعليمات تمديد الفترة التى يمكن للبنك أن يصنف خلالها شركة صغيرة ومتوسطة على أنها «متعثرة»، إضافة إلى إعادة هيكلة التسهيلات الائتمانية للشركات وفقا لتدفقاتها النقدية وقدرتها على الدفع. وتشمل أشكال الدعم الأخرى زيادة مدد التسهيلات الائتمانية وإعادة هيكلة الأقساط المستحقة، ومنح الشركات فترات السماح المناسبة.
اقتصاد
مصر تحقق رقمًا قياسيًا من احتياطي النقد الأجنبي في 2021
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق