سلطت واقعة انتحار فتاة الغربية بسنت خالد، ضحية نشر صور مفبركة لها، الضوء على جرائم الابتزاز الإلكترونى والتى ازدادت بشكل مبالغ فيه خلال الآونة الاخيرة، وعلى الرغم من وجود عقوبات فى القانون المصرى لكل من حاول ابتزاز شخص، إلا أن الأمر دفع مؤسسات المجتمع المدنى والمبادرات النسوية وأعضاء مجلس النواب بالمطالبة بزيادة حملات التوعية وايضاح كيفية التعامل فى مثل هذه الأمور، بالإضافة إلى المطالبة بتغليظ العقوبة لتكون رادعة لكل من حاول التلاعب بالحياة الشخصية للآخرين.
قالت داليا عبد الرحيم رئيس التحرير التنفيذى لـ"البوابة» ورئيس مبادرة «خليكى قوية» لمكافحة العنف ضد المرأة، إن حادث بسنت خالد فتاة الغربية التى تعرضت للابتزاز الالكترونى على يد شخص تخلى من صفات الإنسانية وتحلى بصفات الذئاب، لم يمر مرور الكرام، فعلى الرغم من التطور التكنولوجى الذى وصلنا له، هناك أشخاص يستخدمونه خطأ بدلا من استخدامه بالشكل الأمثل.
وأكدت أن المرأة مهما وصلت من قوة فعند المساس بالشرف والعرض لن تستطع التحمل بل تحتاج لعائلة تؤمن بها وبتربيتها وأخلاقها، فهناك خطأ واضح فى حادث «بسنت» وهى العائلة التى لم تساعدها وتساندها حتى تاخذ حقها وترد إليها كرامتها، مشيرًة إلى أن المجتمع المحيط بها تسبب لها فى ضغط نفسى عن طريق نظراتهم واحاديثهم التى كانت بمثابة «مسمار فى نعشها».
وطالبت داليا عبد الرحيم، بتغليظ عقوبة مثل هذه الافعال خاصة وهناك ذئاب بشرية لا تنتمى لطبيعة البشر تستحل الشرف والعرض، وعلى مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى والمجلس القومى للمرأة بتكثيف حملات التوعية وشرح كيفية التعامل فى مثل هذه المواقف.
وفى السياق ذاته، أكد المجلس القومى للمرأة، متابعته لكل ما تناقلته وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعى من أخبار مؤسفة عن اقدام إحدى الفتيات على الانتحار فى إحدى القرى بمحافظة الغربية نتيجة لانتشار صور مفبركة لها من قبل اثنين من شباب قريتها بهدف ابتزازها ، مما أساء إليها وعمل على تشويه سمعتها وعرضها للإهانة والتنمر من قبل عدد من أفراد القرية.
ونددت الدكتورة مايا مرسى، رئيسة المجلس القومى للمرأة، بهذه الجريمة، وأعربت عن بالغ حزنها واسفها الشديد لماحدث للفتاة، مشيرة الى ان هذه الجريمة التى قام بها احد الشباب من منعدمى الضمير والاخلاق استغل فيها التكنولوجيا الحديثة لفبركة الصور وابتزاز هذه الفتاة الصغيرة، وانتحارها نتيجه للضغط النفسى الذى تعرضت له ونظرة المجتمع لها.
وقالت «مرسي»، إن الجرائم الالكترونيه ازدادت فى الآونة الأخيرة نتيجه لسوء استخدام التكنولوجيا من قبل البعض والابتعاد عن الهدف الرئيسى من استخدامها، ولابد من اقرار المزيد من التشريعات والقوانين التى تعاقب على مثل هذه الجرائم، بالاضافه الى تنفيذ العديد من حملات التوعية لتوعية الفتيات كيفية حمايه انفسهن والحصول على حقوقهن فى حالة تعرضها للابتزاز.
وناشدت جميع الاهالي فى حالة تعرض بناتهن الى مثل هذه الظروف الوقوف بجانبهن والانصات الجيد اليهن وتصديقهن والعمل على زيادة الثقة فيما بينهم، وتشجيعهن على الابلاغ وعدم السكوت.
إجراءات قانونية رادعة
وفى نفس السياق، أكدت نهى المأمون رئيس مبادرة هى والمجتمع، أنه قد آن الأوان لاتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة تجاه الجرائم الإلكترونية ومنها الابتزاز الاليكترونى الذى تتعرض له الكثير من الفتيات فى الآونة الأخيرة نتيجة للاستخدام السئ لمواقع التواصل الإجتماعى، ولابد من التوعية للفتيات بحقوقهن وكيفية اتخاذ الإجراءات اللازمة وحسن التصرف فى مثل هذه المواقف، إضافة إلى حث الأهل على أن يكونوا هم السند والعون للفتاة فى هذا الموقف.
وأضافت رئيس مبادرة هى والمجتمع: التوعية بالحقوق ومواجهة العنف الذى تتعرض له المرأة فى المجتمع مسئولية مشتركة بين أجهزة الدولة والمجالس المتخصصة والمجتمع المدنى للتصدى لمثل هذه الظاهرة من الابتزاز التى تتعرض له الفتايات كل يوم.
وأضافت: لابد من تغليظ عقوبة الجانى الذى يقوم بابتزاز وتهديد الضحية ومن ينتهك الخصوصية وتحديث القوانين الخاص بالجرائم الإلكترونية.
بينما قال محمد جفلان استاذ القانون بجامعة القاهرة، إننا نحتاج إلى التوعية وهذا طالما ما ناديت به، وقد انه قد تم اصدار قانون عام ٢٠١٨ بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، ونص القانون على تجريم كل الاعتداءات على وسائل التواصل الاجتماعى او التدخل فى خصوصيات الغير.
وقال «جفلان» فى تصريحات خاصة للبوابة: «بالنسبة للابتعاث الإلكترونى الذى نحن بصدده الان، فإن المشرع لم يجرم الابتزاز بصيغة مباشرة او استخدم لفظ الابتزاز ولكن وضع العقوبة لكل شخص يعتدى على الحياة الخاصة او المعلومات الشخصية او يستخدمها بطريقة غير لائقة.
وأوضح ان القانون وضع عقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر. وغرامة لا تقل عن خمسين الف جنيه ولا تجاوز مائة الف جنيه او باحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على اى من المبادئ او القيم الاسرية فى المجتمع المصرى او انتهك حرمة الحياة الخاصة او ارسل رسائل عبر الوسائل الالكترونية لشخص معين بهدف المضايقات.
مقترح برلمانى
كما أعلنت آمال عبدالحميد، عضو مجلس النواب عن محافظة الغربية، تقدمها بمقترح برلمانى إلى رئيس الوزراء ووزير العدل لإعادة النظر فى العقوبات المقررة على جريمة «الابتزاز الإلكتروني» لتحقيق الردع المرجو منها.
ولفتت إلى أن المادة ٢٥ من قانون العقوبات، نصت على معاقبة من يعتدى على «المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى أو ينتهك حرمة الحياة الخاصة بالحبس مدة لا تقل عن ٦ أشهر وغرامة لا تقل عن ٥ آلاف جنيه، ولا تجاوز ١٠٠ ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين.
طلب إحاطة
وعلى صعيد أخر تقدم النائب طارق الخولى، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة للمستشار حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، لتوجيهه إلى وزيرة التضامن الاجتماعى، بشأن سُبل مواجهة الانتحار.
وأوضح الخولى، أن وقوع عدة حوادث انتحار يستدعى النظر فى الأمر، مشيرًا إلى أن أطلس الصحة النفسية الذى أصدرته منظمة الصحة العالمية عام ٢٠١٧، أوضح أن مصر ليس لديها إستراتيجية وقائية على المستوى الحكومى لمواجهة الانتحار؛ مما يعنى أن الوضع الحالى يدعو إلى اتخاذ خطوات جادة لتوجيه الدعم النفسى والإرشاد الصحيح للمواطنين، خاصة الفئة الشبابية.
وطالب عضو مجلس النواب من وزارة التضامن الاجتماعى، التنسيق فيما بينهم لعمل دراسة استقصائية حول أسباب وقوع عدة حالات انتحار ووضع استراتيجية تسهم فى حلها، كما أنه يجب إطلاق مبادرات حكومية لنشر ثقافة الاهتمام بالصحة النفسية والتوعية بأنه مرض يستدعى العلاج، وأيضًا فإن إنشاء وحدات للصحة النفسية بالمدارس، والجامعات وأماكن العمل؛ سوف يكون بمثابة الخط الإرشادى للمواطنين ومحل جذب لهم.