تقود أحزاب وحركات سياسية تونسية مبادرات للمطالبة بمحاسبة قيادات جماعة الإخوان الإرهابية، وخاصة الذين تورطوا في قضايا فساد مالي وسياسي أثناء توليهم مناصب حساسة في الحكومات التونسية المتعاقبة، حيث استخدموا سيطرتهم على المشهد السياسي لإخفاء أي دليل إدانة بحقهم في قضايا اغتيالات لشخصيات سياسية، أو تسهيل سفر تونسيين للمشاركة في معسكرات التنظيمات المسلحة في المناطق المتوترة مثل سوريا، أو حتى منح العائدين من هناك لجوزات سفر.
وتتجه أجهزة الأمن التونسية والنيابة العمومية والقضاء لفتح العديد من الملفات الخاصة بفساد مالي وسياسي وقضايا ذات علاقة بالإرهاب، حيث بدأت في أواخر العام المنصرم بإدانة الرئيس الأسبق لتونس منصف المرزوقي المدعوم من جماعة الإخوان الإرهابية، في قضية الاعتداء على أمن الدولة خارجيا، كما شهدت الساعات الأولى للعام الحالي توقيف نور الدين البحيري، نائب رئيس حركة النهضة، ووزير العدل الأسبق، وفتحي البلدي مستشار وزير الداخلية الإخواني على العريض.
ولم تمض أيام حتى أعلنت وسائل إعلام محلية، أن النيابة قررت إحالة عدد من السياسيين للمحاكمة على ذمة قضايا فساد سياسي، منهم: راشد الغنوشي رئيس الحركة، ورئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد، ورئيس حزب "قلب تونس" المعارض نبيل القروي، ورئيس حزب "الاتحاد الوطني الحر" سليم الرياحي، ووزير الدفاع الأسبق عبد الكريم الزبيدي.
"الدستوري الحر" يحذر من فروع جماعة الإخوان الإرهابية
وطالب الحزب الدستوري الحر، الذي ينظم وقفات احتجاجية مستمرة، بضرورة يقظة الحكومة وأجهزتها المختلفة لأذرع جماعة الإخوان التي زرعتها داخل المجتمع التونسي، وعلى رأسها ما يعرف بـ"حزب التحرير" الذي يرفع "الراية السوداء" ويدعو لإسقاط الدولة المدنية والنظام الجمهوري وإرساء دولة الخلافة المزعومة.
وفي بيان صادر عن الحزب اليوم، أعلن فيه عن "تنظيم وقفة احتجاجية، يوم الأحد المقبل، قبالة مقر التنظيم المسمى "حزب التحرير" الذي يعمل بخطى حثيثة لإسقاط الدولة المدنية والنظام الجمهوري ويدعو إلى إرساء "دولة الخلافة" وإنهاء الديمقراطية في خرق صارخ لتشريعات البلاد، للمطالبة بتطبيق القانون واتخاذ قرارات عاجلة لإنهاء نشاط هذا التنظيم الخطير في تونس ومحاسبة المتورطين في نشر فكره الظلامي والتدقيق في الشبكات التي كونها لخدمة برنامجه الهدام وتفكيكها وتجفيف منابع تمويلها حفظا للأمن القومي ودرءا للمخاطر التي تهدد الوطن".
وحزب التحرير، هو تيار سياسي ذو توجه إسلامي متشدد لا يؤمن بالدولة الوطنية، ومن مبادئه ضرورة استئناف الدولة الإسلامية من خلال عودة دولة الخلافة، وقد تعرض قياداته وعناصره للمحاكمة في الأنظمة السابقة لكن النهضة الإخوانية بادرت بإصدار تصاريح قانونية لممارسة دوره السياسي في العام 2012، إبان سيطرتهم على السلطة.
"التلفزة الوطنية" والتخلص من رواسب سيطرة "النهضة"
طالب ممثلو نقابات مؤسسة التلفزة التونسية، رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، بالتعجيل في تعيين "شخصية إصلاحية تترأس المؤسسة، لتنقذها من الوضع الكارثي الذي وصلت إليه".
ونقلا عن وسائل إعلام محلية نقلت وقائع ندوة صحفية عُقدت اليوم الخميس بدار الثقافة ابن خلدون بالعاصمة، فإن وليد منصر، الكاتب العام للنقابة الأساسية للتقنيين، أوضح أن "الاعتداء على مؤسسة التلفزة التونسية واستهدافها لم يتوقف، بل تغيرت الطريقة المعتمدة لضرب المؤسسة من الداخل"، موضحا أن "عدم تنظيم سهرة تلفزية بمناسبة ليلة رأس السنة وعدم عرض مباريات البطولة الوطنية لكرة القدم وعدم تكليف فريق تلفزي بنقل فعاليات كأس العرب، كانت آخر نتائج السياسة المدمرة للمؤسسة.
كما تحدث عن فترة ترؤّس لسعد الداهش للمؤسسة والتي قال إنه "تم خلالها صرف اعتمادات مالية مهولة وتجهيز استوديوهات كلفتها عالية جدا، دون ان يتم استغلالها، لنكتشف بعد ذلك أن التجهيزات المستعملة غير مطابقة للمواصفات وتكلفتها بسيطة مقارنة بما تم الإعلان عنه"، مشيرا إلى أن "حركة النهضة كانت الأكثر تمثيلا في البرامج التلفزية، خلال إدارة الداهش لها، وهي من بين الأخطاء التي لا يتحمّل أبناء المؤسسة مسؤوليتها".
أما الكاتب العام للنقابة الأساسية للإذاعة الوطنية، عبد السلام الشمتوري فقد دعا إلى "محاسبة كل المسؤولين الذين قاموا بتجاوزات وتسببوا في إغراق المؤسسات الإعلامية العمومية وأخطأوا في حق الإعلام"، معتبرا أنه "رغم أهمية الاعتمادات المرصودة لبرامج إصلاح الإعلام العمومي في تونس منذ الثورة، فإن الوضع على حاله، بل إنه ازداد ترديا خلال السنوات العشرة الماضية".