الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

زكريا أحمد.. شيخ الملحنين المصريين

الشيخ زكريا أحمد
الشيخ زكريا أحمد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يتزامن اليوم 6 يناير مع ذكرى ميلاد الموسيقار زكريا أحمد، أحد عمالقة الموسيقى العربية، وأحد صناع التراث الموسيقى، وذو موهبه موسيقية جديدة وفريدة للعالم.

 اشتهر الموسيقار زكريا أحمد  بأخلاقه الحميدة يعد من نوابغ الموسيقيين الذين ينتمون للأزهر وببدعون في عالم الغناء والتلحين دون أن يراوده شعور عابر بالتناقض وذلك أن الصدام والصراع ليس وارداً بين الدين والفن.

ولد الشيخ زكريا لأب حافظ للقرآن وهاو لسماع التواشيح الدينية ذات المقامات العربية الأصيلة، فتأثر به ونمت لديه هواية الألحان، لكن الوالد أراد لولده الاتجاه نحو المشيخة والعلم الديني فألحقه بأحد الكتاتيب ثم بالمدرسة الابتدائية ثم التحق بالأزهر الشريف، فتلقى العلوم الدينية وعلوم اللغة العربية وأجاد حفظ وتلاوة القرآن الكريم ومن هنا لقب بالشيخ زكريا، وكان للشيخ زكريا حضور فني قوي أثناء دراسته بالأزهر، فهو الذي يثير الإعجاب في منتديات القراءة والتلاوة بصوته وأدائه الفذ، وكان نجم حفلات التكريم التي تقام في المناسبات العلمية.

تلقى الشيخ العلوم الدينية وعلوم اللغة العربية وأجاد حفظ وتلاوة القرآن الكريم ومن هنا لقب بالشيخ زكريا وذاع صيته بين زملائه كقارئ ومنشد، ودرس الموسيقى على يد الشيخ درويش الحريري الذي ألحقه ببطانة إمام المنشدين الشيخ على محمود، كما أخذ زكريا الموسيقى عن الشيخ المسلوب وإبراهيم القباني وغيرهم.

كان الشيخ يتمتع بحاسة موسيقية جعلته يتتبع غناء كبار المنشدين والمطربين،وتأثر بمنشدي التواشيح الدينية كالشيخ درويش الحريري، كما تأثر بألحان عبده الحامولي والشيخ سلامة حجازي، وكان يذهب إلى أماكن تواجدهم وحفلاتهم ويحفظ ألحان هؤلاء بسرعة عجيبة، وأصبح يشتري كتب الأغاني والموشحات والموسيقى.
كان من حظ الشيخ زكريا أن التقى بالموسيقار الشيخ درويش الحريري، ولاحظ هذا الأخير حب الشيخ الصغير للفن وحرصه الشديد على التعلم كما قدر فيه حاسته الموسيقية وحسن استماعه وحفظه السريع، فقرر أن يهب تلميذه مما وهبه الله من علم بالفنون وأسرارها ودرس الشيخ زكريا على يديه العلوم الموسيقية، وكان أول ما درس ألحان المولد النبوي وفنونها من مقامات وأوزان فحفظها وأجاد أدائها.
ألحق الشيخ الحريري تلميذه زكريا ببطانة الشيخ علي محمود الذي كان خبيرا بالعلوم الموسيقية وفن التلاوة، فكان يحضر معه التسابيح التي تتلى قبل الفجر بساحة مسجد الحسين بالقاهرة، كانت تلك التسابيح تؤدى من مقامات موسيقية مختلفة على مدى أيام الأسبوع، وتعلم منها الشيخ زكريا الكثير. 

 تلقى زكريا على يد الشيخ علي المغربي أصول علم المقامات والأوزان وكيفيات التلحين، ثم انتقل من الإنشاد الديني الى ساحة التلحين والغناء وتعددت جهوده فى المسرح الغنائى، وذاع صيت كثير من أغانيه الناجحة ومنها "يا صلاة الزين"، "وروائع أم كلثوم"، "أهل الهوى"، "هو صحيح الهوى غلاب"، وله أغنيات حققت المصالحة مع الحياة ويسبح بها المستمعون لتطير بهم الى آفاق غير مسبوقة، وخيال أصيل، ونشوة تحرض على حب الحياة.
قدم الشيخ للسينما ألحانه في جميع أفلام أم كلثوم بداية من عام 1936، كما قدم العديد من الألحان في أفلام أخرى، ويذكر له أنه كان من أبرع الملحنين في تلحين الأغاني البدوية التي كان يصيغ معظمها بيرم التونسي، وحققت له نجاحا خاصا في البلاد العربية التي كانت تقبل على اللهجة البدوية في الأغاني.

الشيخ زكريا وكوكب الشرق “أم كلثوم” :
بدأ الشيخ زكريا التلحين لأم كلثوم عام 1931 بأغنية " اللي حبك يا هناه" من تأليف أحمد رامي، ولزكريا أحمد سجل طويل من الأغنيات التي لحنها لأم كلثوم بلغت حوالي 60 أغنية بعضها للسينما، وكان آخر ألحانه لها أغنيتها الشهيرة "هوه صحيح الهوى غلاب" عام 1960.
تميزت ألحان زكريا لأم كلثوم بطابع خاص جعلها تتميز عن ألحان غيره لها، وغير ألحان الأفلام فإن ما غنته له على المسرح في حفلاتها يعتبر من درر الموسيقى الشرقية، الحقيقة أن نهر الشيخ زكريا الذي لا ينضب من الألحان البديعة والغنية مما جعل بعض النقاد يقولون بأن الشيخ زكريا كان يخيف الملحنين الآخرين، فألحانه تفيض فيضاً تلقائياً لا تصنع فيها ولا تكلف، ويتلقاها الجمهور دائما بالإعجاب، ورغم إعجابه بصوت أم كلثوم وإعجابها هي الأخرى بألحانه لم تكن علاقتهما دائما على ما يرام، بل كان بينهما محاكم وقضايا في بعض الأحيان، ويذكر أن طلبت منه أم كلثوم لحنا ذات مرة فطلب خمسة آلاف جنيه ثمنا له وكانت أجور الألحان وقتئذ بالمئات وليس بالآلاف، وعندما رفضت أم كلثوم طلبه تقاطعا لسنوات.
طور الشيخ زكريا، شكلين من أهم أشكال الغناء العربي، هما "الطقطوقة" و"الدور" وأسهم في تطوير أشكال أخرى، لكن تطويره لم يمس آلات الموسيقى العربية أو المقامات أو الإيقاعات، حيث أسس تطويره على ملامح عربية أصيلة، فحفظ المضمون وبدل في الأشكال، منطلقا من الأشكال الأصلية.

في 15 فبراير 1961م،غيب الموت الموسيقار العظيم الشيخ زكريا تاركاً تراث عظيم من الألحان ذات ذوق أصيل في الموسيقى العربية مخلداً اسمه في قلوب الجماهير.