الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

“حبوب الغلة القاتلة” من محاربة سوس القمح إلي الموت السريع.. ونقيب الفلاحين يؤكد ضرورية استخدامها في مكافحة السوسة.. والزراعة: الأزمة لا تكمن في وجودها بل في توعية الشباب بمخاطرها

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 

خلال الفترة الأخيرة، أصبحت حبوب الغلة القاتلة هي الوسيلة الأكثر استخدامًا للراغبين في إنهاء حياتهم، وهذا ما شاهدناه في واقعة "بسنت خالد" بعد تعرضها للابتزاز الإلكتروني، مستخدمة هذه الحبوب، وغيرها من الحوادث باستخدام الحبوب السامة.

تصدرت واقعة الطالبة بسنت خالد، البالغة من العمر 17 عامًا من مركز كفر الزيات بمحافظة الغربية، مواقع التواصل الاجتماعي، للمطالبة بحقها بسبب معاناتها من أزمة نفسية حادة دفعتها لإنهاء حياتها، بعد تعرضها للابتزاز بصور مفبركة لها، حيث قام شابين بتركيب صورها باستخدام برامج تعديل الصور ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. 

قررت "بسنت خالد" عقب ترك رسالة التخلص من حياتها نهائيا، تناول "حبة الغلة" القاتلة، وعلى الفور تم نقلها إلى مستشفى طنطا الجامعي، ولكن فشلت محاولات إنقاذها وتوفيت في اليوم التالي من دخولها المستشفى.

البرلمان يطالب بإجراء حاسم للحد من انتشار الحبة السامة

تقدمت النائب ميرفت عبد العظيم، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة لاتخاذ إجراء حاسم بشأن ما يطلق عليه حبة الغلة "القاتل المتسلل" في كل ربوع مصر، التي ما زالت تتداول في كل مكان بلا رقيب ولا ضابط لتغتال العشرات يوميًا، قائلة إن قضية الفتاة بسنت تثير جانبين في منتهى الخطورة، لابد من وضع حل فعلي لهما؛ أولهما السوشيال ميديا والجرائم الإلكترونية التي صارت من أعلى معدلات الجرائم في مجتمعنا، الذي بات بدوره في أمس الحاجة للتحليل والدراسة لظواهر غريبة علينا أخلاقيا وإنسانيا، وثانيهما قضية حبوب الغلة.

الزراعة تقرر عدم إصدار موافقة فنية لاستيراد حبوب الغلة

منذ أشهر، قررت لجنة مبيدات الآفات الزراعية، التابعة لوزارة الزراعة، عدم إصدار موافقة فنية لاستيراد حبوب الغلة، إلا بعد تقديم شركة المبيدات المستوردة تعاقد مع الشركات المتخصصة في أعمال التبخير أو الصوامع أو مطاحن الغلال أو البنك الزراعي المصري، كذلك تقديم خط سير وتتبع حركة الكميات التي يتم استيرادها من هذا المبيد بدقة شديدة، لضمان عدم تسرب كميات منها بطريقة غير مشروعة للسوق المحلية ومن ثم استخدامها بأسلوب خاطئ.

كما كشف تقرير رسمي صادر عن وزارة الزراعة، أن مستحضرات فوسفيد الألومنيوم والماغنسيوم توجد على هيئة أقراص مستديرة أو «بلي» وزنها لا يزيد عن 3 جرامات تقريبا، وهي مواد عبارة عن غاز الفوسفين (فوسفيد الهيدروجين) ومسجلة بالمرجعيات الدولية (وكالة حماية البيئة الأمريكية والمفوضية الأوروبية) كما أنها مسجلة ومتداولة في الدول المنتجة لها، موضحًا أن تلك المادة مسجلة في مصر منذ سنوات عديدة، وتستخدم لمكافحة آفات الحبوب المخزونة وآفات التمور في الشون والصوامع والمطاحن والمخازن، ولا توجد بدائل متاحة لها في الصوامع والشون والمطاحن والأماكن التي تخزن فيها الحبوب للاستخدام الآدمي أو الحيواني، فإن معدل استهلاك هذه المواد في مصر يصل لنحو 30 طنا، حيث تم خفض استخدامها عن السنوات السابقة لعام 2018.

حسين أبو صدام

الأزمة ليست في منع استيراد حبوب الغلة

وبدوره، يقول حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، إن حبوب الغلة هي أحد أهم المبيدات الفعالة لمكافحة السوسة الخاصة بالغلة، وهو من أفضل المبيدات، وبسبب رخص ثمنها وتوافرها في محلات الغلة يستخدمها الراغبين في إنهاء حياتهم، موضحًا أن الخطأ في هذا الأمر هو في تربية الشباب وسلوكهم، فإذا لم يجد المقبل على الانتحار حبة الغلة يستخدم غيرها من الوسائل، ولابد من أن يتم صرف هذه الحبوب لأهل الخبرة، وليس لأي شخص آخر، مطالبًا بأن يكون هناك إجراءات مشددة لمنع وصولها للشباب.

ويواصل أبو صدام، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن حبوب الغلة تتضمن فوسفيد الألمنيوم والتي يصدر عنها غاز سام، وبالتالي فإن استخدامها يتطلب خبرة كبيرة، فلا يمكن استنشاق الغاز الصادر عنها، لأنه يسبب الوفاة، ويتم حفظ عبواتها في مخازن جافة محكمة الغلق جيدة التهوية بعيدة عن مصادر المياه والأحماض والمواد الملتهبة أو أي وسيلة للإشعال، ويتم التخلص من العبوات الفارغة بعد الاستخدام بطريقة آمنة بعيدا عن المناطق السكنية، لافتًا إلى أنه هناك 10 آلاف طن مبيدات سامة تدخل مصر.

ويشير إلى أنه هناك أشخاص أخرين يتوفون نتيجة استخدام هذه الحبوب بشكل خاطيء، ولابد من تقنين الإجراءات، كما أنه هناك غيرها من الوسائل تؤدي إلى الوفاة مثل التدخين، وبالتالي فإن التربية للأسر هامة جدًا في توعية أبنائهم وعدم إقبالهم على الانتحار من خلال معالجة مشكلاتهم التي تدفعهم على الموت، بدلًا من فرض أساليب لمنع استيراد الحبوب، فإن هذه الحبوب مستخدمة في الصوامع الكبيرة، ومن الصعب الاستغناء عنها.

الدكتور مصطفى عبد الستار

عدم استخدام الحبوب يهدد المستقبل الزراعي

كما يوضح الدكتور مصطفى عبد الستار، نائب أمين لجنة مبيدات الآفات الزراعية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أن حبوب الغلة هي عبارة عن أقراص كل قرص منها سميك يحتوي على فوسفيد الألمنيوم يستخدم لمكافحة آفات الحبوب، مشيرًا إلى أنه هناك نحو 5 ملايين طن مخزون استيراتيجي من القمح، وقد يتم فقد ما بين 30: 40% منها في حالة عدم استخدام هذه الحبوب بسبب وصول السوس لها، كما أنها يتم استخدامها في المخازن والصوامع بعد التأكد من الإجراءات اللازمة للحصول عليها سواء من خلال أصحاب هذه الصوامع أو الاتفاقيات اللازمة لتوريدها، فهناك ضوابط كبيرة على استخدامها، ويمنع بيعها في المحلات أيضًا.

ويضيف عبد الستار، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أنه هناك ضرورة لاستخدام حبوب الغلة، ولكن هناك من يسيء استخدامها، والمنتحر في حالة عدم توافر هذه الحبوب من الممكن أن يستخدم وسيلة أخرى، مؤكدًا أنه يتم تقييد استخدامها تحت مسمى "المبيدات مقيدة الاستخدام"، وتستخدم تحت إشراف حكومي وعلمي وفي أماكن محددة، ومن الممكن أن يتم تهريبه ووصوله للمحلات، وفي هذه الحالة يتم توقيع العقوبات المناسبة في حال تواجده داخل المحلات، لافتًا إلى أن وزارة الزراعة عندما تحدث البرلمان عن منع استيراد هذه الحبوب، تم الاستعانة بوزارة الصحة لفحص عدد الحالات المستخدمة لها في الانتحار خلال السنة الماضية، وكانت عدد هذه الحالات 130 حالة، والإنقاذ كان ضعيف جدًا، حيث أن غسيل المعدة يساهم في تصاعد الغاز الموجود في هذه الحبوب، وقلت الحالات في إسعاف المنتحر وحالات الوفاة لا تزيد عن 25%.

وطالب، بالتحذير من استخدامه، فإن تسريبه يتم بشكل مخالف للقانون، ومن ضمن التوصيات التي تم الحديث عنها داخل البرلمان هي ضرورة توعية الشباب بمخاطر الانتحار في المساجد والكنائس سواء البعد الديني أو الاجتماعي.