صدر عدد يناير من المجلة النقدية الشهرية "نقد 21" مُتضمنا ملفا مُهما عن "موت النقد" وانزوائه في العالم لصالح “ثقافة الغوغاء والسوشيال ميديا” ، على حد مقولة رئيس التحرير، محمود الغيطاني.
وجاءت افتتاحية رئيس التحرير هجومية عاصفة على الحياة الثقافية وما يدور فيها من تغليب كل ما هو سطحي على ما هو ثقافي حقيقي، مُحذرا من هاوية وشيكة بالنسبة للثقافة والفن على مستوى العالم.
كتب الغيطاني في افتتاحيته التي جاءت بعنوان: "فأما النقد فبذهب جفاء!": إنها الفترة الأكثر بلاهة في تاريخ البشرية؛ حيث سادت وسائل السوشيال ميديا بما منحته للجميع من ديمقراطية القول، ومزايا التلصص، والتخفي، وعدد المُتابعين الذي تحول في الآونة الأخيرة إلى مقياس لمن لا عقل لهم، والقضاء على الخصوصية؛ فاستغلها الغوغاء، والجهلاء، وكل من لا صفة لهم، وانطلقوا كقطعان جامحة ليدلوا بدلوهم فيما لا يدركونه، وما لا يفهمونه؛ الأمر الذي أدى إلى فوضى عارمة؛ حيث أعطت منصات السوشيال ميديا مساحة لكل عابر سبيل لقول ما يرغبه، وبات لكل إنسان منا صحيفته/ جداره التي تخصه، وبات الغوغاء لهم سُلطة ثقافية تخصهم تجتاح العالمين الثقافي والفني بقوة جحافل من القطعان الذين يسيرون من خلف بعضهم البعض، مُنحين في ذلك من يدركون ويفهمون في المجالين؛ الأمر الذي جعل المُثقف الحقيقي يفضل الانزواء، وعدم الانخراط فيما يدور من حوله؛ نتيجة القوة المُخيفة لقطعان من الغوغاء.
كما أكد في افتتاحيته على أن هذه الحالة البائسة من الاستخفاف بالثقافة ليست قاصرة على المنطقة العربية فقط، بل تعدتها إلى جميع دول العالم، حيث كتب: هذه الحالة من الهراء السائد في كل المجالات ليست قاصرة على ثقافتنا العربية فقط، بل تعدت ذلك إلى جميع أنحاء العالم، أي أن خطر التفاهة، وسيادة ثقافة الغوغاء قد باتت ظاهرة يعاني منها العالم بأسره، وهو ما سنلحظه في المقالين المُترجمين من الإنجليزية والفرنسية في هذا العدد، حيث يؤكدان بأن النقد الحقيقي في طريقه إلى الزوال والتلاشي لصالح ثقافة الغوغاء الذين لا يفهمون ما يكتبونه أو يقولونه على صفحاتهم، أو على العديد من مواقع القراءة مثل الجود ريدز، أو جروبات القراءة والثقافة، حتى أن بعض الدور الفرنسية قد لجأت مُؤخرا إلى اختيار مقاطع كتبها قراء عاديين/ انطباعيين عن الأعمال الثقافية لوضعها على أغلفة الأعمال الأدبية، مُتجاهلين في ذلك النقد الحقيقي، باعتبار أن الأمر قد بات تجارة لا بد لها من الانسياق خلف الجو العام، وثقافة التفاهة السائدة!
في ملف الأدب الذي خصصه الموت النقد كتب الناقد العراقي إبراهيم مُصطفى الحمد بعنوان "أزمة النقد من التقنين إلى التشتيت"، كما ترجمت المترجمة المغربية سلمى الغزاوي مقالا عن الفرنسية بعنوان "عن موت الناقد الثقافي"، بينما كتب الناقد المغربي صلاح بوسريف بعنوان "موت النقد أو نقد بدون خيال"، وعنون الناقد المغربي محمد مشبال مقاله بعنوان "عن موت النقد"، وترجمت الناقدة المصرية هويدا صالح مقالها عن الإنجليزية بعنوان "ما الذي سنخسره بنهاية النقد الأدبي؟"، وجاءت العديد من المقالات الأخرى خارج الملف؛ فكتبت الناقدة السورية شهلا العجيلي مقالها بعنوان "صنعة الرواية المنيمالية عند الحبيب السالمي في "الاشتياق إلى الجارة""، بينما كتب المُترجم المغربي المُقيم في إسبانيا ترجمته عن الإسبانية بعنوان "ألخاندرا بيزارنيك: سيرة آخر كاتبة ملعونة!"، وكتب الناقد المغربي عبد الله المُتقي مقاله "الصورة النفسية في "رغبة بيضاء" لوحيدة المي"، وكتبت الناقدة التونسية فاطمة بن محمود مقالها "أفق جديد لقصيدة النثر: عندما يتغذى الشعر من السينما في ديوان "يُكيّف جرائمه على نحو رومانتيكي".
أما في مجال السينما فقد خصصته المجلة لنفس ملف موت النقد ليكتب المُمثل المصري أشرف سرحان مقالا بعنوان "الاسترزاق بالنقد: ناقد وسط البلد!"، وكتب الناقد المغربي عبد الإله الجوهري تحت عنوان "النقد السينمائي الأعمى"، وكتب الناقد محمود الغيطاني مقاله مُتسائلا: "موت النقد أم هجوم قطيع من الغوغاء؟!"، وفي مجال الكوميكس كتب مُدير تحرير المجلة الفنان التشكيلي ياسر عبد القوي الجزء الثاني من مقاله "الكوميكس والسياسة"، كما كتب مقالا آخر بعنوان "مارك ميللر: صاحب النفوذ".
في قسم الفن التشكيلي جاء مقال الناقد العراقي خضير الزيدي "سنان حسين في معرضه الأخير: غرابة الأشكال وتحولاتها البصرية"، بينما كتب البروفيسور اللبناني طلال درجاني في قسم المسرح دراسة طويلة وصادمة بعنوان "رواد المسرح العربي مُنتحلون لا مُبدعون"، وفي قسم المُوسيقى جاء المقال المُترجم عن الروسية للناقد مايكل مير بعنوان "مُوسيقى عصر الرينسانس الجديد في أواخر اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية"، لينتهي عدد يناير بالصفحة الأخيرة التي كتبها مُدير التحرير، ياسر عبد القوي.
مجلة "نقد 21" هي مجلة نقدية شهرية يرأس تحريرها الناقد محمود الغيطاني، ويُدير تحريرها ويصممها الفنان التشكيلي ياسر عبد القوي.