"يامصري ليه ترخي دراعك.. والكون ساعك.. ونيل جميل حلو بتاعك.. يشفي اللهاليب.. خلق إلهك مقدونيا.. على سردينيا.. والكل زايطين في الدنيا.. ليه إنت كئيب.. ماتحط نفسك في العالي..وتتباع غالي.. وتتف لي على اللي في بالي.. من غير ماتعيب"، تلك إحدى مقولات الشاعر والزجال المصري محمود محمد مصطفى بيرم الحريري وشهرته" بيرم التونسي " الذي يعد من أصول تونسية، ويعد أمير شعراء العامية المصرية ، ويعد أسطورة مصرية خالصة حتى لو كان ذو جنسية تونسية ولم يحصل على الجنسية المصرية إلا في نهاية مسيرة حياته، الذي يتزامن اليوم ذكرى رحيل عن عالمنا الـ61 لعام 1961م،عن عمر يناهز الـ 68 عاماً، وذلك بعد معاناته الطويلة مع مرض الربو الذي أصابه خلال تواجده في منفاه في فرنسا.
ولد الشاعر بيرم التونسي لعائلة تونسية، كانت تعيش في مدينة الإسكندرية، بحي الأنفوشي بالسيالة ، في 23 مارس 1893م، وفي وقت مبكر من صدر شبابه،التحق بيرم بكُتّاب الشيخ جاد الله الذي كره الدراسة فيه لما عاناه من قسوة الشيخ، فأرسله والده إلى المعهد الديني وكان مقره مسجد المرسي أبو العباس، ثم توفي والده وهو في الرابعة عشرة من عمره، فانقطع عن المعهد.
"عقبات وضياع بيرم منذ طفولته حتى شبابه" :
التعاسة المبكرة موت الأب الذي لم يترك غير المنزل الذي يعيشون فيه، خرج بيرم من الكُتاب، فوجئ بحادثين: الأول هو مولد أخته وموتها بعد هذا الميلاد بثلاثة أيام، والثاني جاء عن طريق المصادفة، حينما اكتشفت أمه أن زوجها تزوج عليها سرًا من فنانة، وكان لهاتين الحادثتين أثر كبير على نفس الطفل حيث أصبح طفلاً حزيناً، لا يقبل اللعب مع الأطفال، وإضافة إلى كل ما مر به بيرم واستولى أبناء عمه على تجارة أبيه، ونتيجة لذلك انقطع بيرم عن الدراسة وهو في الثانية عشرة من عمره، واضطر للالتحاق كصبي في محل بقالة، حيث أصبح رجل البيت، إلا أنه لم يستمر في هذا العمل حيث طرد منه،ولم ينته الأمر عند هذا الحد من التعاسة حيث تزوجت أمه، والتحق بيرم بالعمل مع زوج أمه في عمله الشاق وكان يعمل بصناعة هوادج الجمال، ثم توفيت أمه .
علق بيرم على موت أمه:
ابتدأت حياة من الضياع، فقد انتقلت للإقامة مع أختي لأبي المتزوجة من خالي، وكانت تعد علي الأنفاس والحركات والسكنات وتضيق ذرعاً بأية خدمة تؤديها لي.
"اشعار ابن الرومي ومحمد توفيق" لبيرو:
تأثر بيرم بقصة "السلك والوابور" وهي محاورة خفيفة الظل بين التلغراف و القطار، وعشق بيرم حديث هذا البناء فصار ينتظره كل أسبوع، ليروي له بعض القصص الشعبية التي يحفظها، وتطورت تلك الهواية الجديدة عند بيرم، إلى حد أنه أصبح لا يكتفي بسماعها بعد أن عرف مصدرها في حي الشمرلي، وبدأ يقتصد من مصروف يده ليشتري به من مكتبات هذا الحي كتب الأساطير الشعبية مثل «ألف ليلة وليلة»، «أبو زيد الهلالي»، «عنترة»، و «سيف بن ذي يزن»،وكانت بعض تلك الأساطير تتخللها أبيات من الشعر، وجدت هوى في نفس الصبي، وأقبل على شراء دواوين الشعر التي كان يقرأها في نهم وشغف، إلى أن وقع في يده مجموعة من أشعار ابن الرومي فتن بيرم بها وعدها أمتع ماقرأ، وتعلم منها كما كان يقول دائمًا، تأثر بيرم روح الهجاء، فكانت هي وأزجال محمد أفندي توفيق صاحب جريدة «حمارة منيتي» بداية سريان روح النقد اللاذع في دمه، وكان أسلوب محمد توفيق في هذه الجريدة قمة في السخرية.
"بائع الفجل وانفتاح أبواب الفن":
كان بيرم ذكيا يحب المطالعة ذا ذاكرة قوية بدأت شهرته بقصيدته الشهيرة "بائع الفجل" التي انتقد فيها المجلس البلدي بالإسكندرية، بعد فرض الضرائب الباهظة وأثقل كاهل السكان بحجة النهوض بالعمران، وبعد هذه القصيدة انفتحت أمامه أبواب الفن فانطلق في طريقها ودخلها من أوسع الأبواب، بدأ بيرم بعد هذه القصيدة يتجه إلى الأدب، فترك التجارة واهتم بتأليف الشعر، إلا أنه أدرك بعد فترة أن الشعر وسيلة محدودة الانتشار بين شعب 95 في المائة منه لا يقرأون.
:بداية الزجل لبيرم":
اتجه بيرم إلى الزجل، ليقرب أفكاره إلى أذهان الغالبية العظمى من المصريين، وكانت أزجاله الأولى مليئة بالدعابة والنقد الصريح الذي يستهدف العلاج السريع لعيوب المجتمع، وكان يعتمد في لقطاته الزجلية على السرد القصصي، ليصور العلاقات الزوجية، ومشكلات الطلاق، والعادات الاجتماعية الساذجة الموجودة آنذاك، مثل حفلات الولادة والطهور والزار.
"بيرم وسيد درويش ":
ربط الفن بين بيرم وبين سيد درويش وعمق صداقتهما، وجمعهما في السهرات الفنية التي كانت تشهدها الإسكندرية في ذلك الوقت، وكتب بيرم لسيد درويش عدة أغان.
يروي بيرم قصة لقائه بسيد درويش فيقول: «لازمت الشيخ سيد درويش وألفت له رواية وكان الاسم الذي اقترحناه للرواية هو «شهرزاد» إشارة إلى شهوات العائلة الحاكمة ولكن الرقابة منعت ذلك الاسم فعدلته»، وكان سيد درويش قد طلب من بيرم أن يؤلف له أوبريت يلهب الحماسة في نفوس المصريين، ويدفعهم لمناهضة الاحتلال فيقول لبيرم: «دائمًا حجة الإنجليز أمام العالم لتبرير استعبادنا أننا شعب ضعيف لا يستطيع حكم نفسه وأننا بحاجة إلى حماية مستمرة، ولذلك اختار إن الأوبريت من أولها إلى آخرها لازم يكون فيها تمجيد للإنسان المصري».
فقام بيرم بتأليف شهرزاد للشيخ سيد، وأحداث هذا الأوبريت مقتبسة عن أوبريت «دوقة جيرولستين الكبيرة» للكاتبين الفرنسيين: "ميلهاك وهاليفي" ، ويعد هذا الأوبريت أروع ماقيل عن الشعب المصري.
جريدتي "المسلة والخازوق" لبيرم:
ودخل بيرم مجال الصحافة حيث اختار بيرم لجريدته التي سيصدرها اسم " المسلة"، وكتب بيرم العدد الأول من صحيفة المسلة من الغلاف إلى الغلاف، ونزل بيرم في يوم 4 مايو 1919 ليوزعها بنفسه على المقاهي، وفي محطة الإسكندرية، وعلى الطلبة، وموظفي دواوين الحكومة والتجار، وأصبحت هذه الصحيفة منذ أول أيام صدورها حديث معظم أهالي الإسكندرية، فهي تهتم بمشكلات الناس وتقف بجانب القضية المصرية المناهضة للاحتلال، ولهذا أحبها الناس وتحمسوا لصدورها، ولا يقتصر العدد الأول من جريدة المسلة على مهاجمة الاستعمار، ولكن بيرم جعل من نفسه مصلحًا اجتماعيًا، فهاجم المرأة الجاهلة والتربية الخطأ والمظاهر الكاذبة والإسراف.
وظل بيرم مستمرًا في إصدار صحيفته حتى وصل إلى العدد رقم 13، والتي شن بيرم فيه هجوما زجلياً على السلطان فؤاد وابنه فاروق، وعلى إثر ذلك أصدر السلطان أمرًا بإغلاق تلك الصحيفة بلا رجعة.
لكن بيرم عانده وأصدر صحيفة أخرى اسمها "الخازوق" والتي صدر منها عدد واحد فقط ثم أغلقت ونفي بيرم بعدها إلى تونس.
"نفي بيرم من مصر لتونس":
تم استبعاد بيرم ونفيه إلى وطن أجداده في تونس 25 أغسطس عام 1920، في يوم كان الاحتفال بعيد الأضحى، وكان سبب الإبعاد غضب الملك فؤاد عليه بسبب قصيدته «البامية الملوكي والقرع السلطاني»، كما هاجم بيرم زوج ابنة الملك فؤاد في مقال تحت عنوان «لعنة الله على المحافظ» حيث كان آنذاك محافظاً للقاهرة.
"عقبات في طريق بيرم بتونس":
وما إن وصل بيرم لتونس حتى بحث عن أهل أبيه، ولكنهم طردوه، وحاول الاتصال ببعض الكتاب التونسيين للاشتراك معهم في إصدار صحيفة، ولكن الإدارة التونسية كانت تضعه تحت المراقبة منذ وصوله، باعتباره مشاغباً وباعث ثورات، ولأن الدعاية التي أحاطته منذ وصوله أنه ينتمي إلى عائلة أصلها تركي وأنه كان أحد الثائرين في مصر ضد إنجلترا، فقد جعلت تلك الدعاية، كما يقول بيرم- حينما يعود من جولته اليومية إلى الفندق الذي ينزل فيه يقول مديره للخدم: «أعطو التركي مفتاح غرفته عشان يرقد.»، ولهذا كله لم يستطع ممارسة أي نشاط صحفي أو سياسي طوال فترة إقامته، وسمحوا له بالأعمال التي تحتاج قوة جسمانية، فاشتغل في بعض المحلات التجارية، ثم اكتشف أن البوليس بدأ يضيق الخناق عليه، ويتتبعه في كل مكان يذهب إليه، فيقرر الرحيل من تونس بعد أربعة أشهر.
"قسوة تجارب بيرم بفرنسا " :
ذهب بيرم إلى فرنسا وما إن وصل إلى ميناء مارسيليا الذي لم يحتمل المكوث فيه أكثر من ثلاثة أيام، انتقل بعدها إلى باريس التي شعر فيها بقسوة الغربة ولسعة البرد الشديد، ولا يعطل الناس عن الاستيقاظ مبكرين والتوجه إلى أعمالهم، ولقد دفعه ذلك إلى كتابة أبيات، يسجل فيها إعجابه بنشاط الشعب الفرنسي، وتسجيله لحزنه على مصر،فشل بيرم في الحصول على عمل في باريس، فينصحه بعض المغتربين بالسفر إلى مدينة ليون، والتحق بيرم بالعمل في أحد مصانع الحديد والصلب، ولكنه تركه بعد أن سقطت عليه قطعة حديد كبيرة، إلا أنه استطاع أن يحصل على شهادة حسن سير وسلوك، وهي الشهادة التي سوف تسهل له العمل في فرنسا.
والواقع أن بيرم لم يستطع الحصول على عمل جديد في مدينة ليون بسهولة، فهي مدينة لا تحبذ اشتغال الأجانب، ولهذا بدأ يقتصد في وجبات طعامه، فجعلها وجبة واحدة في اليوم، ثم اختصرها إلى وجبتين في الأسبوع، وكان كلما أراد أن ينسى آلام بطنه الخاوية، جلس ليستجمع ذكرياته عن مدينة الإسكندرية، وحياته في مصر بين الأهل والأصدقاء.
تنضب جيوب بيرم من النقود، وهو مازال يبحث عن عمل في المدينة التي لا تمنح طعامها إلا لمن يعمل، ويدخل في مرحلة الجوع الكامل، والجوع في مدينة درجة حرارتها تحت الصفر شيء قاتل لا يستطيع أن يصفه لنا إلا من ذاق قسوة التجربة بكل مافيها من ألم وعذاب.
"عودة بيرم للوطن ":
لا يستطيع بيرم أن يواصل تلك الحياة القاسية، ثم أنه لا يتصور الابتعاد عن زوجته وأولاده لأكثر من عام ونصف، حيث إنه يشعر بحنين إلى مصر، إلى أولاد البلد الذين أعطوه الإلهام، ولهذا يبدأ في البحث عن طريقة تساعده في العودة إلى مصر.
لجأ بيرم إلى اختصار اسمه في جواز السفر الجديد الذي كان يحمل ختم القنصلية البريطانية، واستطاع بهذا الجواز أن يصعد إلى السفينة، وينزل في ميناء بورسعيد، وذلك في يوم 27 مارس عام 1922، واتجه بيرم فوراً إلى الإسكندرية، إلى حي الأنفوشي، متخيلًا اللحظة التي سيلتقي فيها بزوجته، ويأخذ بين يديه مولودهما الذي لم يتعرف على ملامحه بعد، وما إن وصل إلى حي الأنفوشي حتى علم أن زوجته وضعت طفلة اسمها عايدة، وأنها طلبت الطلاق في فترة غيابه، وحصلت عليه بعد أن أثبتت أن زوجها مغضوب عليه، وليس هناك أي أمل في عودته للبلاد.
"الوضع السياسي بمصر حينذاك":
كان الوضع السياسي مُلتبسا في هذه الأثناء، وسلطات الاحتلال تقمع أي معارضة، وتم نفي سعد زغلول للمرة الثانية، ولهذا فقد قرر بيرم ألا يغامر بالنزول إلى الشارع، وأن ينتظر لحظة هدوء تسود مصر، يحاول أثناءها أن يتصل ببعض الذين لديهم القدرة على الاتصال بالقصر، ليتوسطوا في إصدار العفو عنه والسماح ببقائه في البلاد دون تهديد أو خوف من افتضاح أمره، لكن انتظار بيرم طال في منزل أولاد عمه لمدة ثلاثة أشهر، قرر بعدها أن ينزل إلى الشارع ويمارس حياته العادية، فقد أصبح أمره لا يهم أحدا، بل ورأى أنه يستطيع السفر إلى القاهرة ليلتقي بعبد العزيز الصدر صاحب جريدة «الشباب»، وببعض الأصدقاء المخلصين الذين يستطيع الاعتماد عليهم في حل مشكلته.
الحياة لم تطب لبيرم قط، حيث كان في كل لحظة مهدداً بالإبعاد مرة أخرى إذا اكتشفت السلطات أمره حيث دخل مصر متسللاً، ولا يطيق بيرم هذا الخناق الذي كان يُقيد من حريته، حيث لا يستطيع الكتابة ونقد الأحوال ومناهضة الاستعمار خوفاً من النفي مرة أخرى.
اتفق بيرم مع صاحب جريدة الشباب بأن يرسل للجريدة كل أسبوع معظم مواد العدد، بشرط ألا يضع اسمه على الأزجال السياسية، وواصل بيرم كتابة الأزجال السياسية التي ليست فقط بها نقد للحكم بل تتخطى ذلك بكثير، وأدى تعقد الأحوال السياسية وتشابكها آنذاك، وانشغال القصر بالصراعات مع المعارضة إلى اطمئنان بيرم وإلى تماديه في كتابة أزجاله التي تترجم إحساسه بالضيق والثورة.
استمر وجود بيرم في مصر لمدة 14 شهرًا، وتم اكتشاف أمر دخوله مصر متسللًا ،وتم القبض عليه للمرة الثانية، ووضع يوم 25 مايو عام 1923 على ظهر أول سفينة تغادر البلاد إلى فرنسا.
"نفي بيرم للمرة الثانية بفرنسا":
رحل بيرم للمرة الثانية عن مصر، ويروي بيرم قصة هذا الرحيل بقوله: «إذا كان رجال السياسة لم يشعروا بوجودي حينئذ، فقد شعر بي الزملاء من أهل الأدب، فقاموا بإبلاغ السلطات عني وعن أمكنة وجودي وحركاتي وسكناتي، فقامت بترحيلي من جديد إلى خارج مصر». وصل بيرم ميناء مارسيليا بفرنسا ليعمل شيالًا يحمل صناديق البيرة وحقائب المسافرين.
مرت تسع سنوات قضاها بيرم في فرنسا بعد نفيه من مصر للمرة الثانية، لا ينقطع فيها بيرم رغم الألم النفسي والجسدي الذي عاناه من الانقطاع عن تأليف أبدع الأزجال التي كان يرسلها إلى الصحف وناشري الكتب بصفة مستمرة، ولم يمنعه من مواصلة الكتابة سوى خروج الصحف الفرنسية ذات يوم وبها إنذار يطالب الأجانب بالاستعداد لمغادرة البلاد والعودة إلى أوطانهم فورًا، فتذكر بيرم في هذه اللحظة آلامه في المنفى، والدنيا التي تنكرت له، وحياة التشرد التي عاشها، إن آهاته تصل إلى عنفوانها عندما يصف الجحود الذي اُستقبل به في مصر وتونس وباريس وقال حينئذ:
"الأولة مصر قالوا تونسي ونفوني
والتانية تونس فيها الأهل جحدوني
والتالتة باريس وفيها الكل نكروني".
ورحل بيرم بعد ذلك من فرنسا لتونس ومن تونس لسوريا ومن سوريا لأي دولة في شمال أفريقيا، واستطاع أثناء ترحيله أن يهرب عن طريق أحد البحارة المصريين وينزل بورسعيد هاربًا، خشية أن يراه أحد، وكان وصول بيرم إلى مصر في اللحظات التي صاحبت انتخابات البرلمان الجديد، في 8 أبريل عام 1938.
عودة بيرم لمصر مرة أخرى:
بدأ بيرم في مصر مرة أخرى حياة من الهروب والخوف التي كان يعيشها خشية أن يكتشف أحد أمره فيتم نفيه من مصر مرة أخرى، وأمر زوج ابنته سعيد راتب أن يذهب إلى جريدة الأهرام، ويقابل صديقًا من المعجبين به وكان هذا الصديق هو الصحفي كامل الشناوي، ويعطيه خطابًا مهمًا الذي كتبه بمجرد هروبه من السفينة.
"موقف بيرم في ثورة 23 يوليو ":
قال بيرم عن ثورة 23 يوليو في مذكراته :"قامت ثورة 23 يوليو، وقام الجيش بما كنت أنا أنادى به من إصلاح، كما قضى على كل ما كنت أهاجمه من فساد، والحمد لله أننى لم أمت قبل أن تتحقق آمالى".
فذهب بيرم للإذاعة ليلقى بصوته أول زجل يحتفى بقيام الثورة بعنوان " عيد الثورة". وقد جاء هذا الزجل على وزن زجل "القرع السلطانى" الذى تسبب فى نفيه لأول مرة، وكأنه يغتسل من ذنب اقترفه بمدحه للملك فاروق ليصفح عنه، وظل هذا الذنب يؤرقه حتى قيام الثورة.
وأثناء العدوان الثلاثى على مصر كتب "موال فى كل منزل"، وبعد اندحار العدوان الثلاثى كتب "صوت السلام" وغنتها أم كلثوم.
وعمل بيرم كاتباً في أخبار اليوم، وبعدها عمل في جريدة المصري، ثم في جريدة الجمهورية، وقدم أعمالاً أدبية مشهورة، وكان أغلبها أعمالًا إذاعية، منها "سيرة الظاهر بيبرس" و"عزيزة ويونس"، وقد منحه الرئيس جمال عبد الناصر سنة 1960 جائزة الدولة التقديرية لمجهوداته في عالم الأدب، وحصل إثرها على الجنسية المصرية.