لا تزال مصر تعيش حالة من الصدمة في أعقاب انتحار طالبة الثانوي بسنت خالد، ابنة محافظة الغربية التي تعرضت للابتزاز من قبل شابين الأمر الذي أنهى حياة الفتاة التي لم تبلغ عقدها الثاني، حيث قادت الضغوط النفسية الفتاة البالغة من العمر 17 عامًا للإقدام على الانتحار بتناول حبة الغلال السامة والتي تعد أحد أشهر طرق الانتحار في الريف المصري.
بداية القصة
قصة الفتاة "بسنت خالد" الطالبة بالصف الثاني الثانوى الأزهري، بدأت يوم الجمعة الماضي، عندما انتشرت صورا مزيفة لها على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن يبدو أن هذه الصور تم التلاعب فيها بواسطة أحد برامج تعديل الصور الشهيرة، لتحاول الفتاة نفي الاتهامات الموجهة إليها من قبل أسرتها وأهل قريتها كفر يعقوب بدائرة مركز كفر الزيات بمحافظة الغربية، ومن هنا بدأت الأحداث تتوالى.
رسالة بسنت خالد "الموجعة"
انهارت الفتاة بعد محاولات بائسة للتأكيد أن الصور المنشورة على مواقع التواصل لا تخصها، لتدخل حجرتها الصغيرة وتكتب رسالة أوجعت كل من قرأها حيث كتبت موجهة الحديث لوالدتها: "ماما يا ريت تفهميني أنا مش البنت دي، وإن دي صور متركبة والله العظيم وقسما بالله دي ما أنا.. أنا يا ماما بنت صغيرة مستاهلش اللي بيحصلي ده، أنا جالي اكتئاب بجد، أنا يا ماما مش قادرة أنا بتخنق، تعبت بجد".
وبمجرد أن انتهت من كتابة الرسالة أقدمت على تناول قرص كيماوي يستخدم لحفظ الغلال "حبة الغلة السامة" لتلقى حتفها ضحية للابتزاز الإلكتروني، فبحسب ما ورد في تقرير مفتش الصحة بالغربية فإن سبب الوفاة هبوط حاد بالدورة الدموية والتنفسية نتيجة تناول حبة غلة.
حالة نفسية سيئة
وأكد والدها أنها كانت تعاني من حالة نفسية سيئة لقيام بعض الأشخاص بابتزازها والتنمر ضدها وتشويه سمعتها من خلال صور مفبركة ونشرها وتداول صورها عبر أهالي القرية.
وكشفت شقيقتها "شاهيناز" تفاصيل انتحار بسنت قائلة: "والدها شاهد مقطع فيديو منشور ليها بين شباب القرية من غير وجهها، ركبوا وجهها على صورة أخرى ونسبوا الصورة والفيديو ليها، وقالت لأبوها الصور دى متفبركة"، مضيفة أن شقيقتها دخلت تصلى فى حجرتها وأخذت حبة الغلة السامة خاصة عندما تنمر مدرس عليها فى درس خصوصى وقال لها انتى تريند رقم واحد أكتر من بتاع شيماء".
وباشرت نيابة كفرالزيات التحقيق في البلاغ المقدم من أسرة بسنت خالد، باتهام شابين بنشر صور مفبركة لها مما أثر على حالتها النفسية وقيامها بتناول حبة غلة للتخلص من حياتها، وأسفرت جهود فريق البحث الجنائي عن ضبط المتهمين وهما "ا ا" و"ع. ش"، حيث باشرت النيابة العامة التحقيق معهما.
إرهاب إلكتروني
في هذا الشأن، تؤكد نهاد أبو القمصان، الناشطة الحقوقية، ورئيسة المركز المصري لحقوق المرأة، أن بسنت ليست الأولى ولن تكون الأخيرة ضمن سلسلة من ضحايا كثر للابتزاز الإلكتروني، مشيرة إلى أن قانون الجرائم الإلكترونية يجرم أي شكل من أشكال استخدام الصور سواء بالنشر دون وجه حق أو فبركتها وتزييفها.
وأضافت أبو القمصان في تصريحاتها لـ"البوابة نيوز" أن انتحار بسنت قضية تتضمن جريمة مركبة الأولى هي استخدام الصور وفبركتها وعقوبتها تصل للغرامة أو الحبس، والجريمة الثانية هي الابتزاز بل من الممكن أن تصل إلى الإرهاب الذي أدى لانتحار الفتاة، مشددة على أن هذا النوع يسمى الإرهاب الإلكتروني، والذي دفع فتاة في عمر 17 عامًا للانتحار.
ودعت أي شخص يتعرض للابتزاز أو أية جريمة إلكترونية إلى التوجه إلى وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية التابعة لوزارة الداخلية في مختلف محافظات مصر، للإبلاغ عن أية جرائم إلكترونية، وكذلك الأمر في مباحث الإنترنت.
وتابعت: "الأسرة أيضا كان يجب أن يكون لها دور أكبر في طمأنة البنت لتخفيف الضغوط النفسية عنها"، وللأسف النساء دائما محاصرات بنظرات الشك والاتهام في مثل هذه المواقف.
ويؤكد الدكتور محمد الشامي، أستاذ الطب النفسي، إن الدعم النفسي أمر في غاية الأهمية في هذه المواقف التي يكون فيها الشخص محاط بالاتهامات والشكوك، حتى لا يقدم على القيام بمثل هذه النهايات الصعبة.
وأكد الشامي في تصريحات لـ"البوابة نيوز" أن القضية تبدأ بالتعامل الصحيح مع الواقعة، فمن يتعرض للابتزاز يجب أن يسرع لمصارحة أسرته وأهله ليكونون سندا ودعم له ويساعدوه، إلا أنه للأسف يتعرض الكثير من الفتيات للابتزاز ويرضخن لها بعدما يستسلمن بسهولة ويقدمن تنازلات.
ودعا الخبير النفسي إلى ضرورة العمل على إيجاد اجراءات تحد من شرور مواقع التواصل الاجتماعي، التي تفتح بابا أمام التشهير والابتزاز للمواطنين، فبالرغم من سهولة توجيه الاتهامات على السوشيال ميديا إلا أنه أصبح من الصعوبة نفيها ونحتاج لوقت ومجهود كبير للتصدي لحالات الابتزاز والتشهير.