حذر وزير الدولة للدفاع البريطاني، بين والاس، من "استهداف متعمد" يتعرض له النظام الدولي القائم على القانون، وأنه يجب على بلاده أن تتبنى شعار "بريطانيا العالمية" كدولة استباقية، تتدخل في حل الإشكالات، وتتحمل الأعباء الناتجة، نظرًا للبيئة التنافسية التي يشهدها العالم في الوقت الحاضر.
جاء ذلك في مقال لمسؤول الدفاع البريطاني نشرته مجلة "ديفينس نيوز" الأميركية، ضمن ملف موسع للتوقعات العسكرية والأمنية للعام الجديد 2022، استقطب أكثر من 26 شخصية بارزة من الدول الغربية والحليفة من بينهم وزراء دفاع، وقادة عسكريون، وباحثون وخبراء استراتيجيون بارزون، ومديرو شركات دفاعية وتكنولوجية كبرى.
وبدأ الوزير البريطاني والاس أكثر تشاؤمًا حيال آفاق التوقعات الدفاعية والعسكرية والأمنية للعالم في العام المقبل 2022، وقال في مقاله: "قد تصبح آفاق العالم في الأشهر المقبلة أكثر قتامة، بيد أن حصاد عام 2022، سيبقى مرهونًا بكيفية تصرفنا حيال ما سيحدث.
وأوضح أن انعدام الأمن المتزايد الذي نشهده في كثير من بقاع العالم ليس ناتجًا عن ضغوط خَلّفتها أحداث عارضة منعزلة أو بسيطة، مثلما هو الحال مع التغيرات المناخية أو موجات الهجرة، بل هو ناتج عن استهداف متعمد يتعرض له النظام الدولي القائم على القانون، وهو استهداف يشنه راغبون في تفكيك الهياكل الحقيقية التي حافظت على السلم والأمن لأكثر من نصف قرن.
وأكد والاس بالطبع سيكون هناك على الدوام، صراعات للمصالح القومية والحدودية، لكننا نعتمد على منظومة دولية وقوية للاستجابة لمثل تلك الأزمات وحلها، وحينما يضعف النظام فإن التداعيات تكون مدمرة بقوة، وتزهق بلا هوادة أرواح أولئك الناس الأكثر هشاشة والأقل إحساسًا بالمسؤولية تجاه صراعاتهم.
وأضاف لا شك، أنه حتى لو قمنا بمسح سريع وعابر لمشهد الأمن العالمي، فإنه سيبرهن على ذلك فهناك أنظمة عدائية وأخرى متخاذلة في شرق أوروبا تشعل التوتر وتستغل- ولا تحمي من-الهشاشة، كما أن هناك تصاعدًا لنفوذ وقوة عالمية في آسيا أصبحت أكثر ميلًا للتوسع بضغوطها الاقتصادية، وأكثر عدائية في وضعها العسكري.
وأفاد أما القوى الأقل في آسيا والشرق الأوسط، تواصل، هي الأخرى، دورها المزعزع للاستقرار في هاتين المنطقتين، كما أن التطرف والإرهاب بلغا مستويات أبعد عبر الكرة الأرضية إذ شرع يضرب مواطنين أبرياء بأساليب معقدة ومميتة، وعلى الدوام، تنتشر قوى الحرب بالوكالة وجرائم العصابات المنظمة لاستغلال الفجوات التي نشأت في دفاعاتنا القانونية.
وذكر أن ما يجمع عليه هؤلاء اللاعبين أنهم لا يهتمون فحسب بقيمنا الخاصة بالديمقراطية والحرية وحكم القانون، بل هم يعملون أيضًا وبشراسة ضدها وضد النظام الدولي الذي تعتمد عليه حياتنا.
وقال والاس فى مقالته "لا تقعوا في الخطأ: فالإجماع الليبرالي الذي نعتبر وجوده شيئًا لا جدال فيه، لم يعد قيد التهديد فحسب، بل إنه وَلّى بعيدًا ومادامت قيمنا المشتركة لم تكن يومًا ذات طابع عالمي، فيجب علينا أن نصبح أكثر استباقًا وثقة في النفس، إذا كنا لا نود رؤيتها (القيم) تتآكل أمامنا وتتبدد، ومن ثم تطيح بالسلام النسبي الذي نعيشه في وقتنا الراهن.
وأوضح أنه ينبغي علينا أن نكون على دراية واضحة بأن الأمن والتعددية المؤسسية - التي أصبح جميعنا معتادًا بشدة عليها- ظلت على الدوام امتدادًا لريادتنا وقوتنا الصلبةـ وليست بديلًا عنها، لذا ففي ظل عصر أكثر تنافسية، فإن "بريطانيا العالمية" ليس لديها اختيار إلا بالمضي قدمًا كدولة استباقية، تحل الإشكالات، وتتشارك في حمل الأعباء، مثلما جسدها رئيس وزرائنا في "المراجعة الشاملة" التي طرحها هذا العام.
ونوه أن لأول مرة منذ عقود، تقرن تلك المراجعة أهدافنا القومية - السيادة، والأمن، والازدهار- بالطرق التي ننجزها بها عبر التجارة، والتكنولوجيا، والدبلوماسية، والدفاع، كما أنها وفرت الموارد لتنفيذ ذلك بما لا يقل عن 14 في المائة ارتفاعًا في الاستثمار الدفاعي.
وأضاف سيتوقف نجاحنا على الأفعال وليس الاقول، وأننا نؤدي فعليًا ما نعظ به، فخلال العام الماضي، قامت حاملة الطائرات على رأس مجموعة السفن الحربية بجولة انتشار في منطقة "آسيا- الباسيفيك"، وجرى التوقيع على الشراكة الأمنية الثلاثية AUKUS، لإبراز التزامنا الصارم مع أولئك الذين يتشاركون معنا القيم نفسها، أينما كانوا في العالم وهناك المزيد في العام الجديد.
وأشار إلى أنه وأيا كان ما سيحمله المستقبل لنا، فإن قواتنا المسلحة ستبقى في صميم قلب شعار "بريطانيا العالمية"، ليس ذلك بسبب قدراتها من القوة الصلبة وشبكاتها من القوة الناعمة فحسب، بل أيضًا بسبب احترافيتها، والتزامها، وإقدامها، وعملها بروح الفريق، وهي أمور تجعلها هي الأفضل لبريطانيا- فهي سمات تجسد تلك القيم التي نسعى إلى ترويجها في أرجاء العالم.
وأضاف لذا دعونا ألا نقصر توقعاتنا للعام الجديد على الدراسات الجيوسياسية أو التدابير العدائية للغير، وبدلًا من ذلك، دعونا نركز على قيمنا، وإرادتنا، ووحدتنا، وإصرارنا وأيًا كان ما سيحمله لنا عام 2022، فإن المملكة المتحدة متأهبة لاتخاذ ما يلزم مع تحدياتها والتعامل مع فرصها- على نحو مواز مع حلفائنا وشركائنا- من أجل الحفاظ على الأمن وتعزيز قيمنا".