«الرفيق قبل الطريق»، جملة شعبية دارجة لطالما كان يسمعها «عبدالرحمن .أ» الشاب صاحب ال 15 ربيعاً، من والديه، لحثه على اختيار الصديق الصالح والبعد عن رفقاء الشر، إلا أنه لم ينتبه لهذه الكلمات، وراح يسلم نفسه لصديق أقل ما يوصف به أنه شيطان متخفٍ في زي بشر، أظهر له وجهه الحقيقي عند أول خلاف بينهما، كأنه لم يعرفه قط، متناسيا للعيش والملح والعشرة الطيبة التي جمعت بينهما، وأمسك بسلاح أبيض ومزق جسد رفيق الدراسة، إثر مشادة كلامية تطورت لمشاجرة داخل محل "بلايستيشن"، سطر خلالها قضية جديدة تمت إضافتها لدفتر جرائم غدر الصحاب.
ظهر يوم الخميس الماضي كان المقدم وسام عطية رئيس مباحث قسم شرطة دار السلام، وصل مكتبه للتو، ويتفقد دفتر النوبتجية، وينهى بعض الأعمال الإدارية اليومية قبل مغادرته القسم للمرور على الكمائن والنقاط الأمنية بالمنطقة، ليقطع انهماكه في العمل صوت جهاز اللاسلكى القابع أمامه معلنا بداية ساخنة ليوم عمل جديد «وصول طالب لأحد المستشفيات بنطاق القسم مصاب بطعنات يا فندم»، اعتدل الضابط في جلسته لأهمية المعلومة التى تلقفتها أذناه للتو وأمسك هاتفه ليخطر اللواء نبيل سليم، مدير مباحث العاصمة بالواقعة، ليأمر بسرعة الانتقال وفحص البلاغ والوقوف على ملابساته.
في غضون دقائق استقل رئيس المباحث عربة الشرطة «بوكس» نحو محل البلاغ، فور وصوله، عاين الضابط الشاب جثة الضحية الذي لفظ أنفاسه الأخيرة عقب وصوله المستشفى، ثم استمع لأقوال أسرة المجني عليه والذين رووا له كواليس الواقعة، وأن مشادة كلامية بين الضحية وصديقه داخل محل بلايستيشن بسبب 25 جنيها ، ليوجه معاونيه بالانتقال لمسرح الجريمة وسماع أقوال شهود العيان ومراجعة كاميرات المراقبة حال وجودها.
دقائق معدودة كانت كفيلة أن تتبدل الأجواء بالشارع، رجال شرطة يطوقون محل البلايستيشن وفرض كردون أمني ومنع حركة الدخول والخروج من العقار الذي بات مسرحًا لجريمة قتل، ومع انتهاء معاينة الأدلة الجنائية وفريق النيابة العامة تم تعيين حراسة على المحل محل الواقعة.
بالعودة إلى ديوان القسم تحولت وحدة المباحث لغرفة عمليات مصغرة، حيث اجتمع المقدم وسام عطية، بمعاونيه لوضع خطة محكمة لضبط المهتم، وتكثيف التحريات حوله وتتبع خط سيره عن طريق تفريغ كاميرات المراقبة بالمنطقة محل الواقعة والمصادر السرية.
١٠ ساعات قضاها رجال البحث الجنائي في جمع المعلومات والتحريات للوصول للجناة، لم يتسلل يأس أو ملل إلى فريق البحث، ثمة يقين يسود تحركاتهم، وأن الله سيبعث لهم طوق نجاة تنحل معه تلك العقدة، حتى جاءت على لسان معاون مباحث القسم محدثا رئيس المباحث: «عرفنا مكان المتهم يا فندم».
وانطلقت مأمورية أمنية موسعة وتمكنت من ضبط المتهم بمحل اختبائه، وتحرر المحضر اللازم عن الواقعة والعرض على النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.