بعد تلقي جماعة الإخوان عدة ضربات فى أكثر من بلد عربي كان أخرها تونس، هو ما دفع الإخوان الليبيين للتحرك لمحاولة تلافي المصير نفسه، وبعد حصار التنظيم وسقوطه في العديد من الدول العربية وعلى رأسها مصر وتونس والجزائر، ورفع يد تركيا عنهم، بات الأمل الوحيد لتنظيم الإخوان هو زعزعة الاستقرار في ليبيا، إذ تقود قيادات الإخوان تحركات حثيثة لحشد الميليشيات والمرتزقة في الغرب الليبي، بهدف عرقلة الانتخابات البرلمانية، وتقويض الجهود الدولية لإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد.
الغرياني كلمة السر
يقول الدكتور أكرم الزغبي، أستاذ القانون الدولي بجامعة الزقازيق، إن الصادق الغرياني بعد فتاويه السابقة التي حرضت الليبيين على قتال بعضهم البعض، وبعد فتاواه بدعم المليشيات التركية يعتبر كلمة السر والدليل على تورط الإخوان، مؤكدا أن المفتي المعزول، والمحسوب على تنظيم الإخوان، يعتبر دليل على تورط الإخوان فى عرقلة الانتخابات فهو من قام بتهديد خطة الإستقرار، والإنتخابات فى ليبيا بدعوته من أسماهم "أهل فبراير " للقتال، ومعهم أبنائهم، فيما تعد دعوة صريحة لتجديد القتال فى ليبيا.
وأوضح "الزغبي" أن فتوى الغرياني جاءت بعد قيام مليشيات مسلحة بمحاصرة مقرات حكومية لعرقلة الانتخابات، ضمن استراتيجية يتبعها تنظيم الإخوان فى سبيل إعاقة إجراء الأنتخابات، والتي انتهت بالتأجيل.
وتابع الزغبي:"خطة الجماعة بدأتها بالمماطلة، والمطالبة، بالتأجيل ثم اتباع سياسة التشكيك والاتهامات، والتحريض على العملية الانتخابية، مشيرا إلى أن الخطة التي تم وضعها و تم التحضير لها عبر فتوى مفتي التنظيم الغرياني، وأعقبها تحركات الميليشيات المدعومة إخوانيا؛ ليصبح مصير البلاد معلقا بخطة جماعة الإخوان.
تصعيد إخواني
تحريض الغرياني، جاء عقب تصعيد الميليشيات المسلحة ومحاصرتها لمقرات الحكومة في العاصمة طرابلس، والاشتباك مع قوات الجيش جنوب ليبيا.
من جانبه قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي خالد محمود، المتخصص في الشأن الليبي، إن أحد أسباب تأجيل الأنتخابات هو الخلاف بين مجلس النواب ومفوضية الانتخابات.
وأوضح "محمود" أن خالد المشري (الإخواني)، والميليشيات المسلحة هي الأطراف التي رفضت إجراء الانتخابات الليبية؛ أن هذه الجهات ليس من مصلحتها تسليم الثروة والنفوذ والمكاسب السياسية على مدى العشر سنوات المنصرمة.
عودة للصفر
فيما يرى الدكتور رفيق الدياسطي، أستاذ الجغرافية السياسية فى جامعة حلوان، إن الفشل في إجراء الانتخابات الرئاسية الليبية في موعدها المقرر مثّل انتكاسة كبيرة للوضع فى ليبيا ويعتبر تراجع إلى الوراء في مسار التسوية السياسية الليبية، وعقبة أمام التسوية وإعادة بناء الدولة؛ لافتا إلى أنه سيزيد من تعقيد الوضع المأزوم داخل ليبيا، ويعد انهيار التهدئة بين الشرق والغرب.
وتابع "الدياسطي" الأمر الأهم واللافت للنظر هو تقرير المفوضية العليا للانتخابات والتي أرجعت فيه التأجيل إلى ما أسمته ظروف "القوة القاهرة" وأعتقد أنه يأتي فى غير محله، فقد تجاهلت القوة الحقيقية التي أفشلت إجراء الانتخابات، وهي الميليشيات الإرهابية المسلحة التابعة "للإخوان المسلمين"، و"داعش"، و"النصرة"، وغيرها من الميليشيات المتحالفة مع المرتزقة الأجانب التي أثارت الفوضى، وهاجمت مقرات المفوضية العليا للانتخابات.
وأضاف الدياساطي، أن البرلمان كان قد تلقى في اجتماعه الأخير تقريرا أمنيا يحذر من مخطط لـ«داعش» وجماعات مسلحة لمهاجمة المقار الانتخابية في حالة إجراء الاقتراع.
وشدد الدياسطي على ضرورة تنفيذ بنود "اتفاق جنيف"، وخريطة الطريق ومخرجات مؤتمري برلين وقرارات مجلس الأمن (2570-2471) بخروج القوات الأجنبية والمرتزقة، وحل الميليشيات المسلحة، التي يعتمد عليها تنظيم الإخوان في الصراع السياسي، ورفضه لقوانين الانتخابات، ولترشيح خصومه السياسيين.
عوامل التوتر
وتابع الدياسطي تأجيل الانتخابات بهذا الشكل معناه العودة إلى المربع رقم صفر، واستطالة أمد المفاوضات حول "خريطة الطريق الجديدة" والانتخابات لوقت لا يعلمه إلا الله، وهو وضع يعني استمرار كل عوامل التوتر والفوضى الأمنية، ويهدد بتجدد القتال.
ونبه الدياسطي إلى خطورة الموقف فى حال إذا لم يجد السياسيون والعسكريون والقوى الإقليمية المتحالفة الصيغة المناسبة لحل الأزمة، فستدخل ليبيا في متاهة ونفق مظلم.. ويتم تكريس الانقسام الحالي، وسوف يطول آمد التسوية.
واستطرد الدياسطي فى الحديث قائلا: تقبع العاصمة الليبية تحت سيطرة عدد كبير من الميليشيات المسلحة والتي تتنافس فيما بينها على السيطرة على الأراضي ومناطق النفوذ، ولم تستطيع السلطات المتعاقبة في تفكيك هذه المجموعات ونزع أسلحتها،وأخطرها التابعة لتنظيم الإخوان.
لواء الصمود
فيما قال عمرو فاروق الباحث المتخصص في الإسلام السياسي، إن التحرك المسلح من جانب التنظيم، جاء عن طريق ميليشيات تعرف باسم "لواء الصمود"، التي أعلنت عزمها عدم السماح بإجراء الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر الجاري، كما قامت بحصار مقر رئاسة الوزراء.
وأشار إلى أن التنظيم في تحركه المسلح لم يعتمد على حصار المقرات وتهديد الانتخابات فقط، بل عمل على استهداف المدنيين، والاقتتال بين الميليشيات.
وطالب "فاروق "بضرورة قيام القوى الدولية بفرض عقوبات على بعض الشخصيات الإخوانية في الداخل الليبي.
وأكد فاروق، أن خطط التنظيم أصبحت مكشوفة في الداخل والخارج الليبي، فهي لا تعترف بالصناديق الانتخابية، وتحتكم فقط لصناديق الذخيرة، وما يحدث الآن يشير إلى دخول البلاد لمربع عام 2014، عندما انقلب التنظيم بقوة السلاح على نتائج صناديق الانتخابات البرلمانية.
واختتم فاروق حديثه بالتحذير من خطر الميليشيات المسلحة على مستقبل ليبيا واستقرارها، وليس على الانتخابات فقط، مناديا بضرورة أن يتخذ المجتمع الدولي موقف سريع وصارم من تلك الميليشيات؛ حتى لا تهدر جميع الجهود الدبلوماسية التي بذلت على مدار السنوات الثلاث الماضية.
وكانت مفوضية الانتخابات، قد اقترحت تأجيل الانتخابات حتى (24 يناير2022)، وهو مايدفعنا للسؤال، هل يمكن يحدث جديد حتى ذلك التاريخ القريب؟.