«يا صغير، هل ضللت الطريق، أين تذهب، هل ترغب فى المساعدة؟ شكرا لاهتمامكم، ولكنى لست صغيرًا»، عند الانتهاء من تلك المحادثات الصغيرة يكشف «وو كانج» عن هويته الشخصية، فبعد أن يراه المارة يشعر بالحرج ويسرع فى تركهم، ولطالما تكرر هذا المشهد لعدة مرات فاعتاد عليه.
يقول «وو كانج» ذو الـ٧٢ سنتيمترا، والـ٩ كيلوجرامات، والـ٣٣ عاما، والذى أطلق عليه أول رجل «جيب» فى الصين: «على الرغم من كونى بالغًا، إلا أنه يتم التعرف على كطفل، وإذا وقفت على الطريق لفترة من الوقت، سيسألنى المارة الجيدون عما إذا كنت فى حاجة إلى المساعدة».
يشعر «وو كانج» بالقلق أيضًا من هذا، لكنه بالفعل بالغ ولم يعد قادرًا على النمو، لذلك يمكنه فقط قبول هذه الحقيقة.
عندما علمت والدة «وو كانج» بحملها، ومع إجرائها الفحوصات الطبية لم تكن هناك أية مشكلات، بل كان كل شيء على ما يرام ولم يكن يشك الوالدان للحظة واحدة فى انتظارهم طفلًا غير طبيعي.
ولد «وو كانج» فى قرية ريفية، أحبه والداه بشدة لكونه ولدًا، وذلك لأن العادات فى الريف الصينى تقوم على الإعلاء من قيمة الذكور والخفض من أهمية الإناث»، يرى فيه والداه الأمل للمستقبل عن طريق حصوله على وظيفة مناسبة تمكنهم من العيش فى المدينة بعيدًا عن الريف.
قبل بلوغه عامين من عمره، تعلم الزحف والمشى كبقية الأطفال من عمره، وكان نموه يسير بشكل طبيعى دون وجود أى خلل، ولكن بعد بلوغه العامين توقف نموه بشكل مفاجئ، اعتقد الوالدان أنه بسبب إصابته بالحمي، ولكن بعد إجراء الفحوصات الطبية كانت الصاعقة وهى أن «وو كانج» مصاب بـ«خلل تنسج الغدة النخامية» ولن ينمو بعد الآن، وبسؤالهما الطبيب عن إمكانية وجود دواء لهذا المرض، أجابهم بأنه باهظ الثمن، لكنهما لم يترددا فى علاجه مهما كانت التكلفة.
التحق «وو كانج» برياض الأطفال ليبدأ حياته بشكل طبيعي، ومع مرور الوقت اكتشف أن جميع من حوله ينمون باستثنائه، فعاد إلى المنزل وسأل والديه عن السبب، فلم يجيبا عليه، ولكنه فهم مع الوقت أن نموه توقف ولن يحيا حياة طبيعية مثل الجميع، فبدأ يرفض الخروج أو الذهاب إلى رياض الأطفال وتكوين الصداقات، وانعزل فى المنزل.
ذات يوم، نسى تناول الطعام فبدأ يشعر بدوران، فذهبوا به إلى المستشفى، وأخبرهم الطبيب بأنه أصيب بنقص السكر فى الدم نتيجة قلة تناول الطعام، فألزمه الطبيب بثلاث وجبات يوميًا.
لكن الأوقات الجيدة لم تدم طويلًا، فبسبب مشكلات عائلية مختلفة مثل الفقر والمرض، غادرت والدته المنزل فى عام ٢٠٠٤، وتركت العائلة ممزقة، ولم يبق إلا الأب و«وو كانج» والأخ الأصغر، وكان فى عمر ١٦ عامًا عندما غادرت والدته، وكان أكثر ما كان يقلقه أن يتخلى عنه والده هو الآخر، ولكن والده أمسك بيده وأخبره بأنه مهما كلفه الأمر لن يتخلى عنه، وقرر الرجل الصغير البحث عن عمل وتسلل سرًا عند خروج والده من المنزل وأخيه إلى المدرسة.
وبالفعل حصل على وظيفة للعمل فى تنظيف أحد المتاجر، وبعد شهر من العمل حصل على أول راتب له، فعاد إلى المنزل وأعطى والده المال، وقال: «أنا أيضًا أستطيع كسب المال»، فبكى والده بشدة، وأعاد إليه المال ليحتفظ به.
وفى ظل جهود الأسرة المشتركة، زاد الدخل بشكل كبير وتحسنت الظروف المعيشية بشكل كبير، واستطاعوا التخلص من معضلة الفقر.